«قطع مظلمة من الليل»، عنوان شعري لنصوص شعرية ونثرية كتبها عبدالله صقر أحمد، ولعل بعض القراء يعرف الشاعر بأنه شخص رياضي، احترف كرة القدم منذ عام 1984م، وله باع في هذا المجال، بين اللعب في الأندية، وتدريب الجيل الجديد، بتأسيسه مدرسة لكرة القدم، ولكن عبدالله صقر هو رائد القصة القصيرة في دولة الإمارات، حيث نشر مجموعته القصصية الأولى عام 1975م، وكانت بعنوان «الخشبة»، وكان حينها في الثالثة والعشرين من العمر، وعلى الرغم من صغر سنه، لكنه قد شاهد مشاهداته الشاسعة من خلال الإبحار مع والده وأهله في بحر الخليج وبين الجزر والضفاف، وبين الإنصات إلى ماء السواحل والمشاعر الخفية، يفتح الإبحار المبكر ملامح اللغة الشعرية والذاكرة وهاجس الأسئلة، مع التخييل والدهشة، ولعل البحث عن اللؤلؤ بحث عن التأمل، لشاب كتب نصوصه بوعي، بعد أن قرأ بنهم الشعر القديم والجديد، والأدب العالمي والعربي.
«قطع من الليل» وهو كتاب من القطع المتوسط يصل عدد صفحاته 296 صفحة، طبع في دار العنوان للنشر والتوزيع 2021م، مهدياً الكتاب إلى زوجته وأبنائه، ويكتب نصوصاً من أمنيات، حيث يقول:
كل الطيور في هجرتها الموسمية
كل طائر بلون جزيرته
أو بلون زبد الموج وقت الهياج
فالطائر يأتمن شواطئه أيمكننا أن نتشكل طائرين؟
لنا مواسمنا
وجزرنا
ولون يجسد تشكلنا،
نطير معاً.
يتضمن فهرس كتابه قطعاً مضيئة من الليل، بعناوين من نور تشرق في قلب القارئ، مثل قلب أخضر، والبراءة، وصمت، وطلع، وفراق، وبصمة عاشق، وأقحوانة، وعشرات النصوص التي تصل إلى مائتي نص يعبر عن وجوده وحبه وتراثه ودهشته، والمرأة، والذكريات، مروراً بأسئلته وأوراقه وسطوره.
من بين النصوص اللافتة، نص بعنوان الخشبة، هذه المرة ليست المجموعة القصصية التي كتبها قبل 48 عاماً، إنما نص يشبه البوح عن ذاكرة لزمن كان عنواناً مختلفاً، في منطقة اختفت آثاره الأولى، وحكاية كانت بلا ترخيص، فكتب ذلك كله واختصر في "ذات يوم"، وها هو يودع الحروف تلك، بعد أن أصبحت قطعاً تتراكم في ظلمة الليل، لكن بلا انقطاع، بعد مصادرة وحجج لا منتهية، تنتهي به إلى أمر آخر، ويقص قصته بشكل آخر غير الحرف، لتبقى نصوصه شجنه مزدحمة بالتأمل والذاكرة والحزن، والسؤال الذي لا إجابة له لدى الأدباء مع أسف بلا نهاية.
القاص والشاعر والرياضي، الذي ولد عام 1952م في فريج المرر بدبي، له أيضاً مجموعة نثرية بعنوان: "اغتراب في زمن مسلوب" عام 1975م، كما ترأس مجلة "الشباب" التي صدرت في نادي الشباب الإماراتي عام 1973م، ويكتب أيضاً الشعر الشعبي لوطنه ووالدته وزوجته وأبنائه.
عبدالله صقر أحمد المري، شاعر لا يعرف الظهور الباذخ، والأضواء الكثيرة، هو يكتب بوجدانه ومشاعره ويمضي كإنسان بُعث مضيئاً من دون ضجيج.