من أهمية صلاة الجماعة وعظم فضلها أن النبى صلى الله عليه وسلم رغب فى أداء الصلاة فى جماعة ولا سيما صلاة الفجر وصلاة العشاء:
عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله " ([11])
وعن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا، ولقد هممت أن آمر بالصّلاة فتقام، ثمّ آمر رجلا، فيصلّي بالنّاس، ثمّ أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصّلاة فأحرّق عليهم بيوتهم بالنّار»([12])
قال الإمام ابن دقيق العيد رحمه الله: "خصت العشاء والفجر لأحد أمرين: إما لأنهما في الظلام والمنافق إنما يرائي الناس في الصلاة، كما قال تعالى: { وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ } [النساء:142]،
فالعشاء والصبح تكونان في ظلام لا يرى أحد أحداً، فما دام لا أحد يراه فلن يذهب للصلاة، لكن الظهر تؤدى في النهار، وكذلك في العصر والمغرب الناس موجودون، فسيرائي في صلاته.
والأمر الآخر أنه إذا كان الوقت صيفاً، وجاءت صلاة العشاء كان ذلك بداية برودة الجو بعد عناء في نهار الصيف؛ فيكون أدعى إلى الراحة والخلود، وفي الفجر يقصر وقت الليل، ثم مع قصر الليل يكون ليل الصيف في آخره أبرد، فهو أدعى إلى الخلود والراحة في الفجر.
وإذا كان الشتاء فإن وقت العشاء مع قصر النهار وظلمة الليل وشدة البرد يخلّد إلى السكون، ومع طول الليل يشتد البرد، وهذه دواعي الجلوس والترك، ومن هنا كان الوعيد على الفجر والعشاء أشد؛ لأنهما يكتنفان بعوامل القعود والترك، ولذا جاء التحريض على هاتين الصلاتين بقوله صلى الله عليه وسلم: ( من صلى العشاء في جماعة، فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله )([13]).
وبين النبى صلى الله عليه وسلم أن الدرجات فى الجنة بكثرة الذهاب والغدو إلى المساجد لأداء فرائض الله عز وجل :
عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزلا كلما غدا أو راح([14])
عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من صلى لله أربعين يوما في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتب له براءتان : براءة من النار ، وبراءة من النفاق "([18])
قال ابن حجر رحمه الله: إدراك التكبيرة الأولى سنة مؤكدة، وكان السلف إذا فاتتهم عزوا أنفسهم ثلاثة أيام، وإذا فاتتهم الجماعة عزوا أنفسهم سبعة أيام([19])
وعن أبى هريرة- رضي اللّه عنه- عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «والّذي نفسي بيده، لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب، ثمّ آمر بالصّلاة فيؤذّن لها، ثمّ آمر رجلا، فيؤمّ النّاس، ثمّ أخالف إلى رجال فأحرّق عليهم بيوتهم، والّذي نفسي بيده، لو يعلم أحدهم أنّه يجد عرقا سمينا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء»([20])
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا ، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه ، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا »([21])
بل إن النبي صلى الله عليه وسلم بين لنا أنه لا عذر للإنسان فى التخلف عن صلاة الجماعة طالما انه سمع النداء: عن عمر بن أم مكتوم رضى الله عنه قال : جئت رسول الله فقلت : يا رسول الله أنا ضرير شاسع الدار ولي قائد لا يلائمني فهل تجد لي رخصة أن أصلي في بيتي ؟ قال : ' أتسمع النداء ؟ ' قلت : نعم قال : ' ما أجد لك رخصة '([25])
وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر "([26])