تحول أب مصري إلى وحش آدمي وتخلى عن أبسط معاني الرحمة مع أقرب الناس إليه، طفلته البريئة التي لم تقترف إثماً في حياتها سوى أنها جاءت إلى الحياة تحمل اسم هذا الأب.
كانت «نعمة»، التي لم تكمل عامها الرابع، ترجو والدها وهو يعذبها غرقًا بـ«جردل» مليء بالمياه: «يا بابا سيبنى.. أنا بنتك»، بينما الأب يواصل ركلها ورطم رأسها الصغير بالحائط حتى فاضت روحها إلى بارئها.
لم يستوعب «معروف» هذا الأب الذي لم يكن له نصيب من اسمه، الجريمة النكراء التي ارتكبها، ولم يجد أمامه سوى الاتصال على والدته، باكيًا: «قتلت البنت.. مش عارف أعمل إيه؟»، ثم فر هاربًا، وفقا للمصري اليوم.
عانت «مروة» طيلة حياتها الزوجية مع «معروف» من الاعتداء عليها وعلى أبنائها، وقلة المصاريف، إلى جانب خروجها للعمل والإنفاق على الأسرة، كونه يجلس في البيت ليل نهار في انتظار تجهيز الطعام وشراء السجائر، والاستيلاء على قوت يومها، لشراء المواد المخدرة.
ولشكوكه الدائمة وسوء معاشرته، انفصل «معروف» عن زوجته، وهي حامل في ابنتهما «نعمة» بعد أن رفضت إجهاضها وفق طلبه، قائلةً: «ربنا هيرزقني برزقهم وهربيهم»، وذات يوم فوجئت، باتصال من ابنها «حسن- 15 سنة»، قائلًا لها: «يا ماما تعالى وهاتي إخواتي علشان بابا تعبان قوى بيموت!»، وحين طلبت منه إعطاء الهاتف لأبيه، للاطمئنان عليه، أضاف: «مش قادر يرد».
هكذا نجح «معروف» في استدراج طليقته وأطفالها إلى شقته، حيث فوجئ الجميع بأن الأب يأمر أحد الأشخاص بإغلاق بوابة البيت بإحكام من الخارج، ثم أغلق النوافذ بألواح خشبية ودقها بالمسامير، وهو يردد: «علشان محدش يسمع لكم حس ولا خبر».
حوّل الأب منزل الزوجية في الزاوية الحمراء بالقاهرة لسلخانة تعذيب لطليقته و6 من أولادهما على مدار أسبوع، انتهت بقتل «نعمة» التي حُرمت من الطعام والشراب مع وصلات التعذيب رغم جسدها الهزيل، لتقف الأم وسط الشارع، وهي تمسك بفستان ابنتها الملطخ بدمائها، تشم رائحته وتبكي: «يا حسرة عليكي يا بنتي.. كانت بتحفظ قرآن وقبل وفاتها قالتلي يا ماما عاوزة أحفظ قرآن.. هتكون في الجنة، أصلها معملتش ذنب!».
«مروة»، نزلت الشارع، كما تحكى بـ«فلنة وشورت» وجسد عارٍ ودماء تنزف من أنفها وكدمات بوجهها، خاف النّاس منها: «فكروني ست مجنونة»، وتوجهت لقسمِ الشرطة قبل أن تتصل عليها حماتها تخبرها المأساة: «ابني قتل بنتك».
وقفت والدة الطفلة تسرد أمام ضابط المباحث بهستيرية: «يا أفندم طليقي قتل بنتي بيقول إنها مش شبهه هي بيضة وإخواتها سُمر.. قلت له تعالى نعمل دي إن إيه.. قال العيال كلها مش عيالي».
ضباط المباحث توجهوا إلى شقة «معروف»، فتشوا بدايةً بأرجائها لم يجدوا آثارًا لجثة «نعمة»، أحدهم قال للأم: «متأكدة من كلامك»، فقالت واثقةً: «يا أفندم أنا شامه رائحة بنتي.. هي هنا مقتولة»، لتكتشف الأم جزءًا من «توكة» ابنتها تطل من مفرش جوار حائط، ليعثر الضباط على جثة الطفلة من دون ملابس.
«كان منظرًا قاسيًا.. ذاكرتي لم تنسه أبدًا».. تشير الأم إلى أن طليقها اعترف بعد القبض عليه وهروبه من مسرح الجريمة، بأنه هتك عرض الطفلة، وأولاده شهدوا بأنه «كان بيحط إيديه في مناطق حساسة».
أشقاء «نعمة» شهدوا بأن المجني عليها قالت لأبيها: «يا بابا أنا بنتك شبهك ما أنت أبيض برضه»، فكان يستشيط غضبًا وينهال عليها ضربًا ويغرق وجهها بجردل مياه ويخبط رأسها بالحائط، وبعد هروب أمها قال لهم بلهجة تهديد: «هقتلكم كلكم.. كنت جايبك علشان أقتلكم.. قلت أقتلكم تعذيبًا واحد ورا التاني».
وكان رب الأسرة استقبل طليقته وأولادهما ضربًا بـ«مطواة» وبخشب سرير، ولم يستطع أحد منهم مقاومته، قبل أن يستولي على هواتفهم المحمولة، وحكى أفراد العائلة المنكوبة أنّ أباهم هرب بعد قتله لـ«نعمة» وتمكنوا من الهروب جميعًا ليلحقوا بأمهم وأخيهم الكبير.
الأم تناشد والدموع تسبق كلامها: «لكل ست خلي بالك وكلمي أي حد وبلاش ترجعي لراجل بيضربك»، وطلبت من جهات التحقيق «اعتبروا نعمة بنتكم عاوزة حقها علشان ناري تبرد بحكم عادل».