لم يرد في سنّة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- دعاء مخصص للسحور، ولا يوجد دعاء خاص يقال له دعاء السحور، إنمّا هو طعام يشرع له ما يشرع لغيره من ذكر؛ فالواجب هو التسمية في أوله، وحمد الله -تعالى- عند الانتهاء منه، كما يقال عند أي طعام غيره.

وورد في سنة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أدعية خاصة تُقال عند الإفطار ومن ذلك أنّه: (كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إذا أفطرَ قالَ ذَهَبَ الظَّمأُ وابتلَّتِ العُروقُ وثبَتَ الأجرُ إن شاءَ اللَّهُ)، كما أنّه يجوز للمسلم أن يدعو الله -تعالى- في مثل هذا الوقت بما شاء؛ وذلك لأنّ الدعاء مشروع في محل انتهاء العبادة.

قال ابن عثيمين -رحمه الله-: "إن وقت الإفطار موطن إجابة للدعاء؛ لأنه في آخر العبادة؛ ولأن الإنسان أشد ما يكون -غالباً- من ضعف النفس عند إفطاره، وكلما كان الإنسان أضعف نفساً وأرق قلباً؛ كان أقرب إلى الإنابة والإخبات إلى الله -عز وجل-، والدعاء المأثور: (اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت) فإذا دعوت بذلك أو بغيره عند الإفطار فإنه موطن إجابة".

ومن كان سحوره في الثلث الأخير من الليل؛ فإنَّه يدرك وقتًا يُجاب فيه الدعاء، حيث قال رسول الله -صلَّى الله عليه وآله وأصحابه وسلَّم-: (يَنْزِلُ رَبُّنَا -تَبَارَكَ وتَعَالَى- كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا؛ حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يقولُ: مَن يَدْعُونِي، فأسْتَجِيبَ له مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له)، فالدعاء في هذا الوقت مستجاب لكونه موطن استجابة، وليس له علاقة بالسحور.

كما لا يشترط النية في وقت السحور، ولا قولها في وقته، وذلك لأنّه لا يشرع التلفظ بها، فالنية عمل قلبي لا علاقة للسان به، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله: "ومن خطر بقلبه أنه صائم غداً فقد نوى".

حكم السحور
والسحور حكمه مستحب، وقيل إنّ السحور سنة وذلك لما روي عن رسول الله -صلَّى الله عليه وآله وأصحابه وسلَّم- أنه قال: (إنَّ فصلَ ما بين صيامِنا وصيامِ أهلِ الكتابِ أكلةُ السَّحرِ)، كما حثّ عليه رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في غيرها من الأحاديث، كما يُحمل تأخير وقت السحور على الاستحباب أيضًا.

فضل السحور
إن للسحور فضلاً عظيماً؛ فالسحور بركة على المسلم حيث روى أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنه قال: "تَسَحَّرُوا فإنَّ في السَّحُورِ بَرَكَةً"، والبركة تكون في أمور عديدة.

ويُقصدُ بالبركة التي تحصل في السحور؛ بركة مخالفة أهل الكتاب واتباع هدي رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، والتقوي على الصيام والعبادة، وزيادة النشاط مما ينعكس إيجابًا على خلق الصائم، فلا يكون سيئ الخلق بسبب الجوع، وكذلك إدراك نية الصوم، وذكر الله ودعاؤه في أوقات الإجابة التي تكون في الثلث الأخير من الليل.

أدعية جامعة للخير
وردت الكثير من الأدعية الجامعة للخير عن النبي صلى الله عليه وسلم، منها ما يأتي: (اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِنَ العَجْزِ، وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ، وَالْبُخْلِ، وَالْهَرَمِ، وَعَذَابِ، القَبْرِ اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَن زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِن عِلْمٍ لا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لا يُسْتَجَابُ لَهَا).

 (اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ مِنَ الخيرِ كلِّهِ عاجلِهِ وآجلِهِ، ما عَلِمْتُ منهُ وما لم أعلَمْ، وأعوذُ بِكَ منَ الشَّرِّ كلِّهِ عاجلِهِ وآجلِهِ، ما عَلِمْتُ منهُ وما لم أعلَمْ، اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ من خيرِ ما سألَكَ عبدُكَ ونبيُّكَ، وأعوذُ بِكَ من شرِّ ما عاذَ بِهِ عبدُكَ ونبيُّكَ، اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ الجنَّةَ وما قرَّبَ إليها من قَولٍ أو عملٍ، وأعوذُ بِكَ منَ النَّارِ وما قرَّبَ إليها من قولٍ أو عملٍ، وأسألُكَ أن تجعلَ كلَّ قَضاءٍ قضيتَهُ لي خيرًا).

 (قَلَّما كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقومُ من مجلِسٍ حتى يدعُوَ بهؤلاءِ الدَّعَواتِ لِأَصحابِهِ: اللهمَّ اقسِمْ لنا مِنْ خشيَتِكَ ما تحولُ بِهِ بينَنَا وبينَ معاصيكَ، ومِنْ طاعَتِكَ ما تُبَلِّغُنَا بِهِ جنتَكَ، ومِنَ اليقينِ ما تُهَوِّنُ بِهِ علَيْنَا مصائِبَ الدُّنيا، اللهمَّ متِّعْنَا بأسماعِنا، وأبصارِنا، وقوَّتِنا ما أحْيَيْتَنا، واجعلْهُ الوارِثَ مِنَّا، واجعَلْ ثَأْرَنا عَلَى مَنْ ظلَمَنا، وانصرْنا عَلَى مَنْ عادَانا، ولا تَجْعَلِ مُصِيبَتَنا في دينِنِا، ولَا تَجْعَلِ الدنيا أكبرَ هَمِّنَا، ولَا مَبْلَغَ عِلْمِنا، ولَا تُسَلِّطْ عَلَيْنا مَنْ لَا يرْحَمُنا).

 (اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لي دِينِي الذي هو عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لي دُنْيَايَ الَّتي فِيهَا معاشِي، وَأَصْلِحْ لي آخِرَتي الَّتي فِيهَا معادِي، وَاجْعَلِ الحَيَاةَ زِيَادَةً لي في كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ المَوْتَ رَاحَةً لي مِن كُلِّ شَرٍّ).

 (اللهمَّ فإني أعوذُ بك من فتنةِ النارِ، وعذابِ النارِ، وفتنةِ القبرِ، وعذابِ القبرِ، ومن شرِّ فتنةِ الغِنى، ومن شرِّ فتنةِ الفقرِ، وأعوذُ بك من شرِّ فتنةِ المسيحِ الدَّجَّالِ. اللهمَّ اغسِلْ خطايايَ بماءِ الثَّلجِ والبَرَدِ، ونقِّ قلبي من الخطايا كما نقَّيْتَ الثوبَ الأبيضَ من الدَّنَسِ، وباعِدْ بيني وبين خطايايَ كما باعدتَ بينَ المشرقِ والمغربِ. اللهمَّ فإني أعوذُ بك من الكسَلِ والهرَمِ والمأْثَمِ والمغْرمِ).

 (كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يدعو يقولُ: ربِّ أَعِني ولا تُعِنْ عليَّ، وانصُرني ولا تنصُرْ عليَّ، وامكُرْ لي ولا تمكُرْ عليَّ، واهدِني ويَسِّرِ لي الهُدى، وانصُرني على من بغى عليَّ، ربِّ اجعلْني لك شَكَّارًا، لك ذَكَّارًا، لك رهَّابًا، لك مِطواعًا، لك مُخبِتًا إليك، أَوَّاهًا مُنيبًا، ربِّ تقبَّلْ تَوْبتي، واغسِلْ حَوبَتي، وأَجِبْ دَعْوتي، وثَبِّتْ حُجَّتي، وسَدِّدْ لساني، واهدِ قلبي، واسلُلْ سَخيمةَ صدْري).