أطلقت هيئة الصحة في دبي المرحلة الأولى من مشروعها الطموح الملف الطبي الإلكتروني الموحد «سلامة»، حيث اختصرت مدة إنجاز المشروع سنة كاملة، ليتم الانتهاء منه نهاية العام الجاري، عوَضاً عن نهاية 2018، وذلك تنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، وتم تدشين المرحلة الأولى بنجاح وسلاسة، ليكون أكبر إنجاز في تاريخ هيئة الصحة من عام 1972 ولغاية الآن.
سباق مع الزمن
وبينت أماني الجسمي، مدير إدارة تقنية المعلومات في الهيئة بأن فريق العمل في الهيئة والشركة المنفذة دخلوا فعلاً في سباق مع الزمن لانجاز المشروع، خاصة وأن الاتفاق كان على أن يتم الانتهاء من التنفيذ نهاية عام 2018 ولكن جهود القائمين على البرنامج أثمرت عن اختصار المدة سنة كاملة وبدلاً من نهاية عام 2018 أصبحت نهاية عام 2017 وهو ما يعد أكبر إنجاز في تاريخ الهيئة.
وقالت أماني الجسمي: «طبعا تم تقسيم إطلاق المشروع على 3 مراحل، وتم إدخال مليون و400 ألف ملف إلى النظام شملت جميع ملفات المرضى للسنوات الـ 5 الأخيرة، حيث تم إطلاق المشروع كمرحلة أولى في مستشفى راشد الذي يعد من أكبر مستشفيات الهيئة، إضافة لـ 5 مراكز صحية، على أن تتبعها خطوتان قادمتان في شهري أغسطس ونوفمبر المقبلين لإطلاق المشروع في كافة المستشفيات والمراكز التابعة للهيئة.
شمولية
وأوضحت أماني الجسمي أن المرحلة الأولى من المشروع شملت مستشفى راشد إضافة لـ 5 مراكز صحية شملت مركز دبي للأمراض الجلدية، وعيادات المطار، ومركز دبي للعلاج الطبيعي وإعادة التأهيل، ومركز البرشاء الصحي، فيما ستشمل المرحلة الثانية والتي سيتم إطلاقها في أغسطس القادم مستشفى دبي، ومستشفى حتا، ومركز دبي للسكري، وجميع مراكز الرعاية الصحية الأولية، أما المرحلة الثالثة والأخيرة فتبدأ في نوفمبر المقبل، وتضم مستشفى لطيفة، ومركز دبي للأمراض النسائية والإخصاب، وجميع مراكز اللياقة الطبية.
تحضير
وأوضحت أماني الجسمي أن أعمال التحضير وفترة التشغيل التجريبي للمشروع شملت استهداف 11 ألف موظف وموظفة بالتدريب على استخدام النظام الجديد لمشروع سلامة، كما أنجزت الهيئة عملية تدريب الفريق القائم على تشغيل المشروع والذي يضم 60 موظفاً وموظفة من المتخصصين، وفي الوقت نفسه أنجزت الهيئة ضم أكثر من مليون و400 ألف سجل إلى نظام سلامة الشامل، حيث تلقى موظفو الهيئة تدريبهم على تطبيق مشروع «سلامة»، داخل الدولة وفي الولايات المتحدة الأميركية من قبل شركة «EPIC» العالمية، حيث حصلوا جميعاً على شهادات معتمدة دولياً لتشغيل النظام الجديد الذي تم العمل به حسب الجدول الزمني للتنفيذ.
مستفيدون
وأوضحت أماني الجسمي، مدير إدارة تقنية المعلومات في الهيئة، أن قائمة المستفيدين من مشروع «سلامة» الذي تم إنجازه بالتعاون مع شركتي «IBM» و«EPIC» تمتد إلى الإداريين والأطباء وطاقم التمريض والفئات الطبية المساندة والمراجعين. ولفتت إلى أن المشروع يستهدف تسهيل انتقال المرضى بين المستشفيات والعيادات الحكومية في إمارة دبي،
ويركز على توحيد وتوثيق إجراءات العمل في المستشفيات والعيادات، وسرعة الوصول إلى البيانات الشاملة للمرضى في مواقع الرعاية الطبية.
فوائد
وأشارت أماني الجسمي إلى أن المشروع يحقق الكثير من الفوائد، للمنشآت الطبية والمرضى على حد سواء، حيث يمكن المريض من الاطلاع على تقاريره في أي وقت وزمان، كما أنه يوثق صلة المريض بالطبيب، ويختصر إجراءات العلاج، ويوفر الجهد والوقت، ويساعد الأطباء في اتخاذ القرارات، حيث إن المشروع يستند إلى أحدث التقنيات والأنظمة الإلكترونية الطبية عالمياً، مضيفة انه سيتم في شهر أغسطس المقبل إطلاق مشروع بوابة المريض، حيث سيكون لكل مريض يرغب كلمة مرور يستطيع من خلالها الدخول والاطلاع على بياناته الطبية المتعلقة به مثل التشخيص والأدوية، وغيرها من الأمور الطبية للمريض.
تطبيقات ذكية
وأضافت أنه سيتم خلال الفترة المقبلة ربط التطبيقات الذكية للهيئة مع نظام ومشروع «سلامة»، وسيتم إضافة الاستشارات الطبية عن بعد خلال الفترة المقبلة، وهناك مشروع ثان للربط الإلكتروني من القطاع الصحي الخاص في دبي، وتعكف الهيئة على إنجازه حالياً وسيجري الإعلان عنه خلال الفترة المقبلة.
فرق عمل
وأضافت هناك العديد من الفرق المشكلة لإنجاز المشروع والتعامل معه بعد التطبيق، أهمها فريق عمل استراتيجي إشرافي، وآخر تنفيذي، وتم إنشاء مركز قيادة ومتابعة داخل مستشفى راشد للتعامل مع معوقات التطبيق لنظام سلامة. وقالت: «ما من شك بأن الانتقال من نظام إلى آخر سيخلق بداية بعض التحديات، سواء في التقنية نفسها، وهذا ما تم الاستعداد له بفريق تقني محترف من المتخصصين في الهيئة وشركتي «EPIC & IBM» العالميتين، لإجراء التدخل السريع في أية ظروف غير طبيعية محتملة، وهناك أمور أخرى لا نقول إنها تحديات، حيث إنها تتصل بتفهم المستهدفين من النظام وهم المتعاملون مع الهيئة، لهذه الطفرة النوعية، التي قد تحتاج في البداية المزيد من التعاون بين المتعاملين والإداريين والأطباء من أجل تحديث البيانات، وهذا الإجراء يتم لمرة واحدة، بعده سيلحظ الجميع وبالتحديد الأطباء وجمهور المتعاملين مع الهيئة ثمار المشروع».
مركز بيانات
وبينت أماني الجسمي أن الهيئة تعد الجهة الصحية الوحيدة بالشرق الأوسط التي لديها مركز للبيانات والمعلومات الصحية «داتا سنتر»، وتبلغ تكلفته نحو 24 مليون درهم، مشيرة إلى أن المركز أحد أهم المرتكزات ومتطلبات مشروع «سلامة».
مركز الأمراض الجلدية
وبدوره قال استشاري ورئيس مركز الأمراض الجلدية الدكتور أنور الحمادي، إن مشروع سلامة يعد فعلاً طفرة نوعية بكل المقاييس، حيث سيعمل على الارتقاء وتوفير خدمات الرعاية الصحية الحديثة والسريعة من خلال منصة تقنية تربط بشكل افتراضي كافة مرافق الرعاية الصحية التابعة للهيئة من خلال أتمتة كافة عمليات الرعاية الصحية في الأقسام المختلفة.
معرفة
وأشار إلى أن الطبيب حتى وإن كان في مركز للأمراض الجلدية أو العيون أو الأسنان يحتاج دائماً لمعرفة التاريخ المرضي للمريض لمساعدته في عملية التشخيص والوصول لأسباب المرض ومعرفة الأدوية التي يتناولها المريض لتجنب الأدوية التي تسبب بعض التداخلات ومشروع «سلامة» سيوفر كل هذه المعلومات.
تدريب
وبين الحمادي أن أي نقلة نوعية تحتاج إلى فترة من الزمن للتعود عليها حالها في ذلك حال الألعاب الإلكترونية والتطبيقات الذكية، حيث يحتاج الشخص إلى تدريب لفترة ما وهذا ما حدث في بداية إطلاق المشروع حيث واجهنا في البداية بعض الصعوبات سواء من قبل الكوادر الطبية أو حتى المرضى ولكن بعد 3 أسابيع من تطبيق النظام اختفت كل المشاكل بسبب وجود ودعم الفريق الفني المتواجد في المركز وأصبحت الأمور تسير بيسر وسلاسة.
تطوير
وأكد الدكتور الحمادي أن النظام سيعمل على تطوير قطاع الرعاية الصحية العام من خلال اعتماد أفضل الممارسات العالمية في توفير معايير الرعاية الصحية المتطورة وإرساء بيئة عمل إلكترونية لا تعتمد على المعاملات الورقية من خلال إكمال كافة إجراءات العمل والطلبات، والمحافظة على سرية المعلومات والخصوصية وتقديم إجراءات وسياسات أمنية للمعلومات ضمن المستشفيات والعيادات الطبية.
أولوية
وأوضح الدكتور الحمادي أن الارتقاء بخدمات الرعاية الصحية كان على الدوام أهم الأولويات لحكومة دبي، منوهاً إلى أن تنفيذ برنامج سلامة على 3 مراحل تنتهي بنهاية العام الجاري سيساهم في تعزيز جودة خدمات الرعاية الصحية عبر تمكين الأطباء وكادر العمل الطبي من تحقيق دخول سهل إلى تاريخ المريض الطبي والحصول على المعلومات المهمة من خلال منصة مركزية، وسيحدث نقلة نوعية في مجال خدمات الرعاية الصحية من خلال توفير نظام مريض واحد سجل واحد تحت مسمى «رقم السجل الطبي» الذي يمكن الدخول إليه في كافة المرافق التابعة للهيئة.
وبين الدكتور الحمادي أن الملف الطبي الموحد للمريض يعني تخفيض التخلص من استخدام الأوراق، تماشياً مع توجيهات سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، الذي أعلن قبل أيام أن 2021 هو آخر موعد لاستخدام الأوراق في الدوائر المحلية في إمارة دبي، ومما لا شك فيه أن مشروع «سلامة» سيعمل على توفير وقت التسجيل وتفادي الأخطاء الطبية التي قد تحصل بالإضافة إلى الوقوف على نوع الأدوية التي تناولها المرضى والتعرف على فترة إقامة كل مريض في المستشفيات، مؤكداً أن السجل الموحد يوفر الوقت والجهد على المريض ويساعد على تشخيص حالته المرضية، حيث يظهر من خلال هذا الملف تاريخه المرضي ونوعية الأدوية المناسبة له.
تصميم المشروع
وقال إن المشروع صمم ليتماشى مع أنظمة الرعاية الصحية الأكثر تطوراً في العالم، حيث إنه سيحدد معايير جديدة في احد أهم الجوانب الاجتماعية وهي صحة الإنسان.
متعاملون: المشروع يهدف إلى سلامتنا وسعادتنا
أكد عدد من المتعاملين مدى استفادتهم من مشروع «سلامة» الملف الطبي الإلكتروني الشامل، مشيرين إلى أنهم لم يعودوا بحاجة لإعادة الفحوصات والكشوفات في كل مرة يذهبون فيها إلى عيادة أخرى أو مستشفى آخر.
وحول أهمية جدوى البرنامج وأهميته أشار الدكتور خالد هنيدي عميد كلية الاتصال بجامعة الفلاح إلى أن برنامج «سلامة» سهل الكثير من الأمور على المتعاملين، خاصة وأننا في عصر التكنولوجيا الحديثة.
بوابة عبور
ومن ناحيته يقول الدكتور مهند حلاوة:«التكنولوجيا حاجة ملحة لا مفر منها فهي تلعب دوراً مهماً في معظم المجالات الحياتية، وتهدف إلى تسهيل الحياة على البشر ورفع المشقة عن كاهلهم، وهذا ما وفرته لنا هيئة صحة دبي وفق نظام مشروع «سلامة »، إذ إن عملية التسجيل التي نقوم بها لمرة واحدة لدى زيارتنا الأولى للمستشفى أو العيادة تعتبر بوابة عبور لتسهيل انتقال المرضى بين المستشفيات والعيادات الحكومية».
استفادة كبيرة
وأكد ماجد علي أنه سيستفيد كثيراً من المشروع على المستوى الشخصي، حيث إنه لن يعد مضطراً للانتظار طويلاً في العيادات والمستشفيات لحين الوقوف على معلومات المريض أو حتى إعادة الفحوصات بدعوى أنه ليس لديه ملف في هذه المؤسسة الطبية، الأمر الذي سسيهل كثيراً المعاملات ويقلل من فترات الانتظار، ويجعل من زيارة العيادة أمراً خفيفاً.
وأشار ناصر أكرم إلى أنه لاحظ تسريع إجراءات العلاج من خلال المشروع بأعلى قدر من الكفاءة والجودة، مثمناً جهود الهيئة في هذا المجال وكافة المجالات التي أدخلت عليها التكنولوجيا الحديثة للتسهيل على المراجعين وتبسيط الإجراءات بما يحقق لهم السعادة.
ويرى ناصر أن مشروع «سلامة»، متعدد الأهداف، من ناحية أنه يركز على توحيد وتوثيق إجراءات العمل في المستشفيات والعيادات، وسرعة الوصول إلى البيانات الشاملة للمرضى في مواقع الرعاية الطبية، بما يدعم اتخاذ القرار الصائب لصحة المريض.
وتمنت الدكتورة لمياء رسلان من كلية القانون أن يتم تعميم فكرة الملف الطبي الموحد على جميع الهيئات، مشيرة إلى أن المشروع سيرتقي بالبنية التحتية الصحية، ويساهم في تكامل النظم لتقديم الحلول الطبية إلكترونية الشاملة.
وثمنت الدكتورة لمياء جهود هيئة الصحة بدبي لما تقدمه من ثمار عمليات التحول النوعي بما يتلاءم مع ما تشهده إمارة دبي من تحول تقني متسارع لمواكبة مستجدات العصر الإلكترونية.
وأعرب جاسم الطاهري عن بالغ سعادته بالمشروع، مشيراً إلى أنه يطوق لتطبيق المرحلة الثانية وانطلاق المشروع بشكل كامل ليتسنى له التواصل الفعال مع الأطباء المعالجين بسهولة ويسر.
مزايا
قالت الدكتورة علياء رفيع استشاري طب الأسرة ومدير مركز البرشاء الصحي إن مشروع «سلامة» يعد من المشاريع الرائدة على مستوى المنطقة، ويقوم المشروع بتعزيز توجهات حكومة دبي الذكية، وتعزيز القدرات التنافسية لدبي في المجال الطبي، ومساعدة الأطباء في اتخاذ القرارات الطبية، والربط الإلكتروني الكامل للخدمات، والتحول الإلكتروني الكامل وعدم الحاجة للملفات والأوراق، وحفظ جميع المعلومات بشكل دائم وبسرية عالية وعدم تعرضها للتلف أو الضياع، والتحول الذكي للخدمات في المركز، وتسريع إجراءات علاج المريض وتوفير الوقت والجهد.