مشكلات عديدة يعاني منها سكان منطقة «بعيا السلع» في المنطقة الغربية التي تعد آخر مدينة متاخمة للحدود السعودية والبوابة الغربية للإمارات التي تربطها مع الدول الخليجية والعربية عن طريق منفذ الغويفات الحدودي الذي يبعد نحو ثلاثين كيلو مترا عن المدينة.

ورغم تلك الأهمية التي تحظى بها المنطقة ويقصدها الجميع ذهابا وإيابا في خروجهم ودخولهم من والى الدولة إلا أن قاطني هذه المنطقة البعيدة والنائية عن العاصمة لا ينالون الاهتمام والرعاية بكافة أشكالهما من خدمات ومرافق ومساكن صحية وغيرها من التسهيلات التي تتيح لهم العيش في طمأنينة والاستقرار بهذه المنطقة والتي أصبحت طاردة للسكان حيث هجرها البعض بعد أن ضاقت بهم المساكن وكثرت أعداد أفراد العائلات التي لا تزال تعيش في البيوت التي حصلوا عليها قبل أكثر من ربع قرن تقريبا.

ولخص لنا سكان المنطقة الذين ذهبنا إليهم مشكلاتهم في عدم وجود فرع لإدارة الجنسية والإقامة وفرع لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية والترخيص والمرور وعدم وجود أطباء اختصاصيين وعدم اهتمام البلدية بالمنطقة وترك الجمال تعيث فسادا وتخريبا في الطرقات وما تشكله من تهديد لأرواح السائقين وعدم القيام بتشجير الطرقات وعدم وجود جمعية تعاونية وعدم توفر المياه اللازمة للمزارع والتي تقتصر على حصة بمقدار نصف ساعة كل أسبوع أو عشرة أيام إضافة إلى أن المنطقة أصبحت محاصرة ومحمية بالكثير من «العزب» أو الشاليهات المنتشرة على ساحل البحر.

ورغم خطورة تلك المشكلات وتأثيرها السلبي على حياة المواطنين هناك إلا أن المشكلة الأكبر والأكثر خطورة والتي تؤدي إلى إفرازات اجتماعية سلبية ومدمرة هو قلة أعداد المساكن الشعبية المتاحة للسكان والتي لم تشهد زيادة أو توسعات من قبل الجهات المعنية منذ أكثر من عشرين عاما على الرغم من زيادة أعداد الأسر التي تقطن في المنزل الواحد الذي لا يتعدى عدد غرفه الثلاث. كل ذلك ضاعف من معاناة السكان وخاصة أبناء الوطن المقيمين فيها منذ سنوات طويلة إضافة إلى نقص الخدمات والمرافق الضرورية لهم والتي أدى عدم توافرها إلى هجرة أبنائها إلى مدن ومناطق أخرى وخاصة العاصمة أبوظبي وأصبحوا غرباء في الوطن، والأخطر من ذلك معاناتهم من التمييز والواسطة من قبل المسؤولين.

* مكاتب للجوازات والعمل

ويقول حيدر خميس الحوسني إن مشاكلنا عديدة وعرضناها على المسؤولين مرارا من قبل ولكن لا احد يستجيب لصرخاتنا ونداءاتنا منذ سنوات حيث لا تتوافر في المنطقة معظم الخدمات الضرورية التي تحتاج لها مثل مكتب جوازات ونضطر في حال إنهاء أي خدمة إلى اللجوء للإدارة في أبوظبي أو بدع زايد وهي تعتبر منطقة بعيدة، كما لا يوجد مكتب لانجاز معاملات الرخص الخاصة بالمحال التجارية التي يملكها بعض السكان ونحن مستعدون لسداد رسوم مرتفعة في حال توفر تلك الخدمات بالمنطقة، مشيرا إلى ان الوضع الصحي ليس أحسن حالا. فالمستشفى الوحيد أنشئ منذ فترة طويلة ولا يقدم سوى الخدمات الصحية الأولية فقط على الرغم من أنه يخدم أكثر من 7 آلاف فرد هم عدد السكان حاليا.

* البيوت ضاقت علينا

ويقول إسماعيل يعقوب الحوسني اسكن في المنطقة منذ أكثر من 25 عاما وأعاني من صغر مسكني حيث أقيم منذ ذلك الحين في نصف بيت مكون من حجرتين ومطبخ وإذا كان هذا المكان يصلح لأسرة صغيرة في البداية فاعتقد انه لا يصلح حاليا لأسرة مكونة من 11 فرداً من البنين والبنات ولذا قمت قبل عامين بإضافة خيمة عربية خارج المنزل لتكون مجلسا لاستقبال الضيوف بعد ان ضاق السكن علينا، ليس هذا فحسب بل إن المنزل تعرض للتلف وتساقطت بعض جدرانه لعدم اهتمام البلدية بإجراء الصيانة الدورية والتي أقوم بها على نفقتي الخاصة لأنني أخشى ان ينهار علينا في أي وقت.

ويضيف أن مستشفى المدينة لا تتوفر فيه أية علاجات وأجهزة لإجراء العمليات ونضطر للذهاب إلى أبوظبي وبدع زايد كما لا يوجد طبيب متخصص لعلاج الأسنان وخاصة الأطفال حتى أصبح تسوس أسنانهم ظاهرة مرضية بالمدينة.

* يعيش في ملحق

ويقول مطر علي مطر الحوسني ليس لدى بيت في المدينة رغم إنني أقيم فيها منذ سنوات طويلة ومتزوج ولدى 11 ولدا وبنتاً وأعيش في «ملحق» مستأجر في احد البيوت وادفع إيجارا شهريا وطالبت كثيرا بالحصول على بيت شعبي ولم احصل عليه حتى الآن ولا اعرف السبب رغم أن هناك آخرين تقدموا بعدي وحصلوا وآخرين تركوا المدينة وأغلقوا بيوتهم وأصبحت مهجورة حاليا ولا نستطيع الانتقال والعيش فيها.

* نصف بيت

ويقول يوسف الحوسني مشكلتي الأساسية تكمن في ضيق المسكن الذي أعيش فيه وهو عبارة عن نصف بيت وليس منزلا كاملا ولدي 5 أولاد وبعض أولادي أصبحوا في سن الزواج والمكان لن يكفي لاستيعابهم كما أن المدينة تعاني كذلك من ارتفاع أسعار السلع وخاصة الغذائية بمقدار يصل إلى 2-3 دراهم عن سعر بيعها في أبوظبي، ومع الأسف لا توجد أية جهة تراقب وتضع حدا لارتفاع الأسعار.

* أنا وزوجاتي الأربع

ويقول يوسف مفتاح الحمادي إنني متزوج من أربع زوجات وأعيش في منزل واحد معهن وأبنائي السبعة وبنيت ملحقا على حسابي الخاص بعد اقتراضي من البنك حتى يستوعب البيت جميع إفراد العائلة، كما أن البيت قديم جدا وأقوم بعمل الصيانة الدورية على نفقتي ومن معاشي الذي لا يتبقى منه سوى 4 آلاف درهم بعد سداد أقساط البنك، وهذا المبلغ لا يكفي لمعيشة أسرة واحدة وليس أربع اسر إضافة إلى ذلك فإنني أسدد قيمة استهلاك الكهرباء والمياه التي تتراوح بين ألف وألفي درهم شهريا.

* هجرة السكان

ويقول جابر احمد سلطان إن السكان هربوا من المنطقة وهجروها لعدم وجود مساكن وبيوت تكفي لاستيعابهم أي أنها أصبحت منطقة طرد وليس جذب حيث أن أكثر من عائلة تسكن في «نصف بيت» أو من دون مسكن على الإطلاق والمشكلة مستمرة لأنه لا توجد بيوت للإيجار أو مساكن تجارية كما هو الحال في أبوظبي، والمجمع السكني الوحيد يتبع دائرة المباني التجارية وهو عبارة عن 15 فيلا مؤجرة جميعها للمدرسين المتعاقدين مع الحكومة فقط مشيرا إلى أن حل مشكلة السكن في المنطقة يتطلب بناء خمسة أضعاف البيوت الحالية لأنه منذ عام 1993 لم يتم بناء أي مسكن جديد في الوقت الذي يتزايد فيه عدد السكان.

* فرع للجامعة

ويطالب مبارك خميس محمد بضرورة وجود فرع للجامعة بالمنطقة حيث يتم إرسال الأبناء والبنات إلى جامعة الإمارات بالعين التي تبعد عن السلع بنحو 600 كيلومتر مما يعرضهم للحوادث، وليكن الفرع المقترح في مكان يتوسط مدن المنطقة الغربية وتعاني المنطقة كذلك من عدم وجود فروع للجمعيات التعاونية لتوفير السلع الأساسية التي ارتفع سعرها بشكل جنوني في السوق وندعو كذلك إلى توفير احد فروع البنوك الإسلامية وتوفير الكوادر الطبية المتخصصة.

* توزيع مياه الري

ويقول فيصل الحمادي أعيش في مدينة السلع منذ مولدي بها قبل 22 عاما ويعاني سكانها الكثير من المشاكل التي تؤثر سلبا على حياتهم، وتأتي مشكلة عدم توافر الخدمات الصحية في المقدمة حيث يؤدي تأخر تقديم العلاج وإجراء العمليات الجراحية لأبناء المنطقة إلى وفاتهم للبطء في نقلهم إلى بدع زايد أو أبوظبي، ويوم الثلاثاء الماضي توفي شاب من أبناء المدينة يعمل موظفا في جوازات الغويفات بعد إصابته بنزيف بعد تعرضه لحادث على الطريق وأدى تأخر وصول الطائرة لنقله إلى أبوظبي لأكثر من ست ساعات إلى تأخر تقديم العلاج وإجراء عملية جراحية له لعدم توافر الإمكانيات في مستشفى السلع ولفظ أنفاسه قبل نقله وإجراء العملية في أبوظبي.

ويعاني سكان المنطقة أصحاب المزارع من مشكلة سوء توزيع مياه الري حيث تخصص نصف ساعة أسبوعيا وأحيانا كل عشرة أيام وهناك بعض المزارعين يحصلون على أكثر من حصتهم مما يؤثر على أعمال الزراعة، ويعتمد ذلك على الواسطة التي للأسف تتدخل في الكثير من توزيع الخدمات والمرافق وعلى رأسها المسكن حيث توجد عائلات كبيرة في مسكن صغيرة وأخرى لديها عدد قليل في مساكن كبيرة وواسعة.

* قاضٍ وكاتب عدل

ويقول إبراهيم محمد سند الحمادي مشكلتي الأساسية هي عدم وجود المسكن الملائم لأسرتي التي تتزايد حيث إنني أعيش في نفس المنزل الذي حصلت عليه قبل أكثر من عشرين عاما ويعيش معي اثنان من أبنائي المتزوجين، والمشكلة انه لا يوجد مسكن للإيجار، وان وجد فإن إيجاره الشهري لن يقل عن ألف درهم بخلاف قيمة استهلاك الكهرباء والمياه وهو مبلغ كبير لذلك فإنني أطالب بتخصيص مساكن لأبنائي المتزوجين أو الحصول على بيوت أوسع وأكبر في مناطق أخرى لأن جميع البيوت الحالية تم بناء ملاحق إضافية فيها ولم تعد تكفي لاستيعاب الأعداد المتزايدة من السكان كما أنني أدعو الجهات المعنية إلى ضرورة تواجد احد القضاة يوميا في المدينة بدلاً من الحضور ليوم واحد فقط أسبوعيا لنظر القضايا المعروضة امام المحكمة وتوفير كاتب عدل وتعاني المدينة من عدم وجود إنارة عمومية في الشوارع مما يجعلها مظلمة تماما عندما يحل الليل والشوارع غير نظيفة.

* الطريق غير مناسب

ويقول حسن احمد محمد الحمادي اننا نعيش في المنطقة منذ سنوات وجميع أهاليها يعانون من عدم وجود بيوت تتناسب مع الزيادة في أعدادهم المستمرة حيث ضاقت البيوت بهم ويمثل ذلك معاناة حقيقية لنا جميعا حيث لا توجد أسرة إلا وتضررت من جراء ذلك، إضافة إلى أن الطريق من أبوظبي إلى المنطقة غير ملائم وضيق وهو عبارة عن حارتين فقط لا يتسع لاستيعاب حركة السير الكبيرة عليه وخاصة من الشاحنات التي تمر بشكل دائم لنقل البضائع من وإلى الدول المجاورة مما يؤدي إلى وقوع العديد من الحوادث القاتلة يوميا ولذا نطالب بتوسعة الطريق مثل طريق أبوظبي دبي وأبوظبي والعين لأنه لا يقل أهمية عنهما بل انه الأهم لأنه طريق دولي.

* لا وجود للرقابة على الأسواق

ويقول إبراهيم عبدالله الحمادي منزلي مكون من غرفتين ومجلس ومطبخ تقدمت بطلب للحصول على مسكن منذ 5 سنوات ولم أتلق أي رد حتى الآن كما أن جميع أبنائي الذين يعملون في أبوظبي يسكنون بالإيجار ووعدتني البلدية بإجراء صيانة لبيتي ولم يحدث وأقوم بذلك على نفقتي الخاص ولا تتوافر كذلك الخدمات الأساسية الأخرى ولا توجد مراقبة للأسواق سواء على نوعية البضائع أو الأسعار التي تشهد ارتفاعا ملحوظا في أسواق المدينة.

ويضيف انه لا يريد أن يهجر المدينة كما فعل بعض السكان من قبل وإنما نريد البقاء والاستمرار بها لأنها مدينتنا وإذا غادرناها فإنها ستخرب وتهجر تماما إضافة إلى أننا نعاني من التمييز الواضح والواسطة في توزيع الأراضي والمساكن الحديثة وهناك سكان ذهبوا إلى أبوظبي وجاء آخرون غرباء عن المدينة واستلموا المساكن الجديدة ونحن لا نعامل مثلهم رغم أنهم لا يعيشون بها ويؤجرونها.

ويقول مبارك سالم يوسف الحمادي أعيش في السلع منذ 20 عاما وأسكن في غرفة واحدة مخصصة لي من قبل البلدية التي اعمل بها وعدد أفراد أسرتي 11 شخصا وتقدمت للحصول على بيت ولم يلبَّ طلبي حتى الآن رغم أن هناك آخرين تقدموا بعدي وحصلوا على مساكن حديثة وواسعة.

ويقول جاسم محمد علي الحمادي أعيش مع 6 عائلات تضم 16 فردا في منزل يضم غرفتين ومطبخاً فقط وأضفنا مجلسا لاستقبال الضيوف وهذا المكان لا يسد حاجتنا، رغم استغاثتنا بالمسؤولين لتوفير مسكن جديد واسع يكفي لكل هذا العدد.

ويقول إسماعيل جمعة محمد الحوسني: أعيش في مسكن مخصص من الحكومة يتكون من غرفة ولدي ولد متزوج وآخر سوف يتزوج قريبا وأعاني كذلك من عدم توفر العلاج المناسب لابني المعاق حيث لا توجد مراكز متخصصة لعلاجه ونضطر للذهاب به إلى مستشفى المفرق في أبوظبي ونعاني من ارتفاع الأعباء المالية وطول المسافة كما لا يتوفر في مستشفى السلع علاج للعيون والأنف والإذن والحنجرة والكسور وغيرها من الأمراض والإصابات.

استطلاع: ممدوح عبد الحميد