في البدء كان الحلم وكانت الفكرة وكان لهو وعبث الطفولة.. مثل أي طفل حلم هذا الشاب الاماراتي خليفة الجزيري أن يلمس السماء ويعانق النجوم ويغوص في أسرار الأشياء، هواياته الصغيرة قادته الى المستقبل، فراح يفتش فيها عن أحلامه.

مصباح كهربائي وبطارية بدائية صغيرة كانت ضالته الى أن يصادف حلمه في تبديد خوفه من ظلمة غرفته الصغيرة حتى نما الحلم الى فكرة وجدت من يرعاها وباتت من غرفة الى بيت كامل يدار بأحدث وسائل التكنولوجيا، ليصبح أول شاب عربي اماراتي يبتكر بيت المستقبل أو ما سماه ( البيت الذكي) ليواكب ثورة العلم والتكنولوجيا والحياة العصرية.بيت كامل يدار بأحدث أنظمة التحكم في كل شئ في الاضاءة والصوت وتكييف الهواء والستائر والمراقبة وأنظمة الصوت المرئية والسمعية وأنظمة توفير الطاقة وقراءة درجات الحرارة والانذار ضد السرقة والحرائق بأعلى المواصفات الهندسية العالمية.

بلمسة واحدة من شاشة المعلومات في غرفة المعيشة أو بالريموت كنترول يدير خليفة منزله. الفكرة لاقت دعما كبيرا وهائلا من مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم لدعم مشاريع الشباب منذ عرضها خليفة ومنحته العضوية على الفور ليكون ثمرة من ثمرات المؤسسة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.وبسبب ابتكاره تدافعت كبريات شركات معلومات التكنولوجيا لاحتضانه ومنحه أسرارها التي لم يعلن عنها، واعتبرته شركة انتل شريكها الاستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط وفتحت له مايكروسوفت أوسع ابوابها لينهل من أنظمتها الحديثة كيفما شاء.واختارته شركة مايكروسوفت ضمن 3 شركات من بين 600 شركة عالمية لمساعدتها في ادارة مدن المستقبل.

ومن مكتب صغير في دبي بدأ في تنفيذ الفكرة الى واقع في فيلا صغيرة في منطقة المزهر الأولى تدار الكترونيا بالكامل، والآن أصبحت له 7 فروع في السعودية ومصر والكويت والصين وجنوب أفريقيا وبريطانيا.يقول( البيت الذكي ليس للترفيه وليس للأغنياء فقط وانما هو ضرورة للجميع وحتمي للمستقبل لأنه نظام صديق للبيئة وموفر للطاقة وتكلفته ليست كبيرة، ما بين 3 الى 7 بالمائة من تكلفة البناء أي ما بين 150 الى 200 ألف للفيلا وما بين 50 الى 70 ألفا للشقة).البيت الذكي يوفر ما نسبته 50 بالمائة من استهلاك الطاقة الكهربائية سنويا وبالتالي يساهم في تقليل نسب الانبعاث الحراري والكربوني وملوثات المناخ.

البداية

يحكي عن البداية( هواياتي كانت العبث بالأجهزة الالكترونية القديمة في منزل العائلة وغرفتي كانوا يسمونها غرفة المجنون، مليئة بالأجهزة والابتكارات الطفولية. وشجعني أخي الكبير أحمد على الاستمرار. أثناء الدراسة جاءتني رسالة عبر البريد الالكتروني تتحدث عن كاميرات لاسلكية فتابعت الموضوع وأثناء البحث صادفت فكرة البيوت الذكية في العالم ومن هنا بدأ الاهتمام لتحقيق الحلم. وبحثت عن دراسات ومراجع وكتب ووجدتها في بريطانيا والولايات المتحدة الأميريكة فقط فاشتريتها بمساعدة أخي الذي كانت لديه بطاقة ائتمان وقتها).

السفر للإطلاع

ويكمل(سافرت الى كثير من الدول الأوربية للاطلاع والمعرفة للبحث في كيفية تنفيذ الفكرة. والحقيقة فان مؤسسة محمد بن راشد لم تدخر جهدا في دعمي بالخبراء والاستشاريين).خليفة هو أول مهندس عربي اماراتي في مجال البيوت الذكية ويتمنى أن تنتشر الفكرة في كل مكان لأنها بيوت ومدن المستقبل في وقت يواجه فيه العالم والكوكب الأرضي تحديات بيئية جمة. كما أن الفكرة ليست قاصرة على البيت الذكي فقط وانما المكتب والمسجد وكل مكان.يعمل حاليا على نظام لتحويل جزء من البيوت التقليدية الى بيوت ذكيه على الأقل في مجال توفير الطاقة الكهربائية ونظام الحماية الأمنية، كما أن النظام أيضا يشمل مساعدة الأطفال وكبار السن.

الحاجة ملحة

ويؤكد خليفة الذي أصبح المدير العام لشركة e-home automation الاماراتية أن البيوت والمدن الذكية اصبحت حاجة ماسة وضرورية للحفاظ على البيئة وترشيد استهلاك الكهرباء وهو ما نادى به صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم من أجل دبي الخضراء.ما يشغله الآن أن يكون النظام الجديد في متناول الجميع وبسعر مقبول، فهو يدرس حاليا تطبيقات عملية للوصول الى المنازل التقليدية.

لديه حاليا الكثير من العملاء داخل وخارج الدولة ووافق بنك الامارات الاسلامي على تمويل العملاء الراغبين في النظام من داخل الدولة.خليفة نموذج حي لشباب يملك الارادة في تحويل حلمه حتى لوكان صعب المنال الى حقيقة وواقع وفي وطن يقدر المواهب ويدعمها ويرعاها.

سيرة التفوق

خليفة عمره الآن-30 عاما- متزوج وله 3 أبناء، بنت وولدين تخرج من جامعة الامارات من كلية الهندسة المعمارية عام 1996، الأول على دفعته، فهو أسرع خريج في تاريخ الكلية بعد أن حصل على 9 كورسات في 4 سنوات ونصف السنة ولم يحققها أحد من الخريجين حتى الآن، وكرمته جمعية المهندسين.

عقب التخرج التحق للعمل في بلدية دبي، قسم الاسكان لمدة عام ثم التحق بادارة التخطيط والمساحة وخلالها التحق ببرنامج الماجستير للتخطيط الحضري للمدن بجامعة الشارقة وتفوق وكان أول دفعته.خليفة الجزيري يثبت أن العبقرية والابداع ليست حكرا على أحد غربا أو شرقا فطالما توفرت الظروف والبيئة الملائمة والدعم تتولد وتنفجر الطاقات العربية لتبهر العالم، كما كانت في سالف المجد العربي الاسلامي.

إدارة

التحكم في المنزل عبر شبكة الانترنت

البيت الذكي يضم عدة مجموعات لأنظمة الادارة، هي أنظمة التحكم بوظائف التكييف والاستخدام الأمثل للطاقة وتوفير مصاريف الكهرباء والحفاظ على البيئة، والأنظمة الأمنية للاتصال بالشرطة والدفاع المدني والجيران وضمان الامان الخاص للأطفال وكبار السن والمحاكاة بوجود أحد في المنزل أثناء السفر أو العمل،.

والمراقبة الخارجية دون الاستعانة بالحراسة الشخصية والاتصال الداخلي بالمنزل والاتصال بالخدمات الخارجية من مستشفيات أو مطاعم، ثم أنظمة الستائر المتحركة، وأنظمة الوسائط الرقمية وأسلوب الحياة الرقمية. يمكن من خلال النظام التحكم في المنزل أو المكتب من أي مكان في العالم عبر شبكة الانترنت.

دبي - عادل السنهوري