لمشاهدة الغرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

 

قفزة كبيرة شهدتها إمارة أبوظبي على طريق تطوير القطاع الصحي، ما جعله مقصداً مهماً للسياحة العلاجية، وهو ما يمكن معاينته بشكل جلي في توافد المرضى من الخارج على المؤسسات الطبية الحكومية، والخاصة في الإمارة، بينما كان للحوافز الحكومية أثرها الكبير على القطاع الخاص ونجاحه في تكريس سمعة علاجية، تليق بخطط الدولة الطموحة، فضلاً عن الجهود الحكومية لاستقطاب أشهر المؤسسات الطبية العالمية، وتوفير التخصصات الطبية النادرة في الإمارة وبخاصة التخصصات الطبية المتعلقة بالعمليات الصعبة في القلب والشرايين، وكذلك مشاكل الإنجاب.

كل ذلك أسهم بحق في حجز مساحة مهمة وواعدة لأبوظبي على خريطة السياحة العلاجية العالمية، بيد أن الأطباء والمتخصصين ينبهون إلى أن ذلك لا يفي بالطموح ما لم يترافق التطور الكبير في الخدمات الصحية مع خطط ترويجية، تتضمن مكاتب متخصصة في تسويق الخدمات العلاجية في الخارج، وتحديداً استثمار شبكة الإنترنت في إبراز تنافسية الإمارة في هذا المجال.

ميزات تفضيلية

وكان للخطط ما أرادت من ثمار، إذ التقت «البيان» عدداً من المرضى القادمين من الخارج لتلقي العلاج داخل الدولة، الذين أكدوا أن الخدمات الصحية التي حصلوا عليها في مستشفيات أبوظبي كانت خدمات متميزة وأكثر من رائعة، وتفوق الخدمات التي كانوا يتلقونها في الدول الأوربية ودول آسيا، لافتين إلى أن أسعار الخدمات الطبية والأدوية تقل بنحو 50% عن مثيلاتها في تلك الدول، فضلاً عن شعورهم بأنهم يعيشون وسط أهلهم وذويهم.

تخصصات دقيقة

محمد عبد الرحمن مع سلطنة عمان، جاء إلى أبوظبي مع زوجته بحثاً عن مركز يحقق لهما حلم الإنجاب بعد زواج استمر 5 سنوات، بعدما علم بوجود مراكز عالمية في أبوظبي ودبي، وهو حالياً يجري مع زوجته اختبارات طبية عدة في أحد المراكز المتخصصة في أبوظبي تمهيداً لإجراء عملية الإخصاب الصناعي.

ووفق الإحصاءات يشكل مواطنو الدولة 90% من المرضى، الذين يخضعون لعمليات التلقيح الصناعي في مراكز الإخصاب في أبوظبي، بينما تتوزع نسبة الــ10% على المقيمين الأجانب والمواطنين من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

من جانبه، يقول مجيد الولي إنه فضل أن يحضر مع والدته من موطنه في الجزائر إلى أبوظبي لإجراء جراحة دقيقة في القلب، لأنه عاش فترة طويلة في الإمارات، وشاهد التقدم الحاصل في القطاع الصحي، وتوفر خبرات عالمية خاصة في عمليات القلب المفتوح، لافتاً إلى أنه تم إجراء الجراحة بنجاح تام في أحد المستشفيات الخاصة في أبوظبي.

9 % نسبة المرضى الأجانب

في موازاة ذلك يواصل القطاع الطبي الخاص مسيرته الجاذبة للسياحة العلاجية بكل نجاح، إذ يقول الدكتور نبيل الدبوني، المدير الطبي واستشاري الجراحة العامة في أحد المستشفيات في أبوظبي، إن نحو 9 % من دول مجلس التعاون والدول الأفريقية بنسبة تصل إلى أكثر من 9% من المرضى، لافتاً إلى أن مجموعتهم الطبية لديها مجموعة ضخمة من المشاريع الصحية الجديدة، التي ستسهم في دعم وتعزيز السياحة العلاجية في الإمارة بينها مدينة طبية متكاملة.

أضاف، «وفي ما يتعلق بتوفير التخصصات الطبية النادرة فإننا نقوم باستقطاب أطباء وجراحين عالميين يزورون المستشفى بصورة دورية لإجراء العمليات المعقدة، وعلى سبيل المثال عمليات تقويم اعوجاج العمود الفقري الخلقي الذي كان المرضى يسافرون إلى أميركا وأوروبا. لإجراء هذه العملية فإننا تعاقدنا من أكبر الجراحين في لندن في هذا التخصص حيث يأتي شهرياً لإجراء هذه العمليات لدينا».

استراتيجية صحية داعمة

هيئة الصحة في أبوظبي أطلقت مؤخراً استراتيجية صحية خمسية داعمة للسياحة العلاجية في الإمارة، تتضمن سبعة محاور أساسية، منها اعتماد منهجية الصحة العامة وضمان القيمة مقابل المال واستدامة الإنفاق الصحي وتشجيع الاستثمار الخاص في قطاع الرعاية الصحية وإيجاد نظام متكامل للمعلوماتية والبيانات الصحية الإلكترونية.

الدكتور طه إبراهيم مدير عام مستشفى خاص أشار إلى أنه على الرغم من بدايات الأولى للسياحة العلاجية في أبوظبي والإمارات عموماً إلا أنها تحتاج إلى عوامل كثيرة ليس فقط توفر الخدمات الصحية عالية المستوى ووجود خبرات وكفاءات عالمية وأجهزة ومعدات طبية حديثة، ولكن نحتاج أيضاً إلى تسويق هذه الخدمات عبر مكاتب سياحية في جميع أنحاء العالم، وتستخدم أساليب السليب الحديثة في الدعاية.

ولفت إلى أن أبوظبي تمتلك مقومات السياحة العلاجية أفضل من غيرها بمراحل، ولكن هذه الدول تمتلك خبرات خبيرة في التسويق والترويج وتسهيلات السفر، مشيراً إلى أن إمارة أبوظبي بفضل قيادتها الحكيمة استطاعت خلال السنوات العشر الأخيرة إحداث طفرة طبية كبيرة وعلى مستويات عدة.

وقال، إن مستشفاه حالياً يقدم خدمات علاجية وتشخيصية لمئات المرضى من خارج الدولة من السعودية وعمان وقطر وعدد من الدول العربية.

ضرورة الترويج الإلكتروني

من جانبه قال الدكتور عبد الحميد يونس استشاري أمراض القلب، إن السياحة العلاجية خلال الفترة المقبلة ستشهد نمواً متسارعاً مع توفر التخصصات الطبية النادرة في إمارة أبوظبي خاصة التخصصات الطبية المتعلقة بالعمليات الصعبة في القلب والشرايين، وكذلك مشاكل الإنجاب، حيث تم افتتاح العديد من مراكز الإخصاب الصناعي في القطاع الصحي الحكومي مثل مركز الإخصاب في مستشفى الكورنيش أو في القطاع الصحي الخاص مثل مراكز الإخصاب في برجيل ودانة الإمارات والنور وغيرها إلى جانب جراحات السمنة المتطورة في الإمارة.

ولفت إلى أن الفرص الاستثمارية الجديدة في القطاع الصحي حالياً في إمارة أبوظبي تشمل المستشفيات المتخصصة بعلاج وتشخيص الأورام وعيادات الإخصاب وعيادات معالجة السكري وعيادات طب الأطفال ومراكز إعادة التأهيل القصوى التي تقدم الخدمات للمرضى ممن يحتاجون للإقامة في هذه المراكز ومراكز المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة.

ونبه الدكتور يونس إلى أن ضرورة قيام المؤسسات المعنية إلى إيجاد خطط وبرامج ترويجية للسياحة العلاجية في الإمارة عبر سلسلة من الإعلانات الترويجية، عبر مواقع التواصل الاجتماعي وشبكة الإنترنت، مشيراً إلى إحدى الدراسات الحديثة التي أشارت إلى أن نحو 85% من المسافرين للسياحة يأخذون قرار السفر من خلال قراءتهم لأفضل الفرص للسياحة أو العلاج من خلال الشبكة العنكبوتية.

فحوص الحمض النووي

من جانبه أكد الدكتور نسيم أشرف المؤسس والرئيس التنفيذي للشؤون الطبية في مركز خاص أن مركزه يعد أول مؤسسة تقدم فحوص الحمض النووي المتخصصة في الإمارات منذ عام 2012، حيث تم إجراء فحوص طبية لأكثر من 1000 مريض خلال العامين الماضيين كان منهم 70% من داخل الدولة، و30% من الخارج من الهند والصين وألمانيا وقطر والسعودية وعمان وباكستان.

وأشار إلى أن رؤية الشركة تطمح إلى إنشاء مركز متميز للرعاية الصحية والاستشفاء في دولة الإمارات، من خلال تقديم أرقى معايير الخدمات الطبية الأميركية في مجال علاجات الاستشفاء ومكافحة الشيخوخة وكشف الأمراض المزمنة، التي يمكن أن تصيب الإنسان في المستقبل، التي تستقطب العديد من المرضى والمراجعين من خارج الدولة.

«مبادلة» دور ريادي

اضطلعت شركة المبادلة للرعاية الصحية «مبادلة» بدور أساسي في تطوير قطاع خاص مزدهر للرعاية الصحية في الإمارة، عبر تأسيس شراكات طويلة الأجل مع مؤسسات طبية عالمية مرموقة لبناء مشاريع مستدامة، وتمثلت الأولوية القصوى للشركة في تلبية الاحتياجات الصحية الملحة في الدولة والمنطقة عموماً، وذلك من خلال إنشاء سلسلة من مرافق رعاية صحية تخصصية، وتقديم خدمات طبية مكملة، بالتعاون مع مؤسسات بأهمية جون هوبكنز الطبية العالمية، وإمبيريال كوليدج لندن، وكليفلاند كلينيك، بالتزامن مع استقطاب خبرات طبية عالمية.

ومن بين أهم المراكز التي أنشأتها «مبادلة» مركز العاصمة للفحص الصحي، وهو منشأة طبية رفيعة المستوى تقدم خدمات الفحوص الطبية المعتمدة من هيئة الصحة أبوظبي للوافدين في أبوظبي، وكذلك مركز أبوظبي للتطبيب عن بعد هو شركة مشتركة بين شركة المبادلة للتنمية، وشركة «ميدجيت» السويسرية الرائدة في مجال تقديم خدمات التطبيب عن بعد.

كما أنشأت مستشفى «هيلث بوينت»، هو مستشفى الرعاية الصحية الأولية المتكامل، متعدد التخصصات، ويقع في مدينة زايد الرياضية في أبوظبي، فيما يعد مركز امبريال كوليدج لندن للسكري منشأة متكاملة رفيعة المستوى لرعاية المرضى، متخصصة في علاج وأبحاث مرض السكري والبرامج التدريبية والتوعوية حول الصحة العامة، كما تم إنشاء المختبر المرجعي الوطني وهو يقدم أكثر من 4000 اختبار للتشخيص الطبي لمزودي الرعاية الصحية في المنطقة، وكذلك إنشاء مركــز تــوام للتصــوير الجــزيئي، وهـو مركــز تصوير متخصص، يقع ضمن حرم مستشفى توام في مدينة العين.

تميز

تتمتع إمارة أبوظبي بمقومات مختلفة ومتنوعة تصب في دعم وتنمية السياحة العلاجية، منها الموقع الجغرافي المتميز ووجود البنية التحتية الداعمة للسياحة العلاجية من فنادق ومراكز تجارية والأنشطة التراثية والثقافية والاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، حيث تتوافر عناصر البيئة السياحية والإقليمية والدولية، ما يعطى فرصة لنمو القطاع بشكل مطرد وكذلك وجود التشريعات المتطورة والمرنة، التي تؤهل قطاع السياحة العلاجية للمنافسة بقوة وتصدر الريادة، إلى جانب وجود بنية تقنية متطورة تتوافق وتوجهات الحكومة الذكية، ما يوفر منصة مثالية لتطوير شبكة بيانات صحية فريدة.