عندما يتعلق الأمر بالتغذية، فإن من المعتاد أن تقضي الكثير من الوقت للتفكير فيما يجب أن تأكله. ولكن مقدار ما ستتناوله من طعام يكون له من التأثير على وضعك الصحي على المدى البعيد بما لا يقل عن أهمية الحرص على تناول النوع الصحّي من الدهون أو اختيار المزيج المناسب من الفيتامينات.

وستكون لطبيعة الإجابة عن أسئلة مهمة مثل: كم يبلغ وزنك الآن ( بالعلاقة مع طولك )، وما مقياس محيط خصرك، وبكم زاد وزنك منذ منتصف العشرينات من عمرك، تأثيراً كبيراً على احتمال التعرّض للمشاكل التالية:

- الموت المبكّر.
- الموت بالسكتة القلبية أو الدماغية، أو الإصابة بالأنواع الأخرى من أمراض الأوعية القلبية والشريانية.
- الإصابة بداء السكري.
- الإصابة بسرطان الكولون، أو الكليتين، أو الثديين، أو الرحم.
- الإصابة بالتهاب المفاصل.
- تشكّل حصوة المرارة.
- العقم الجنسي.
- الإصابة بداء الربو في سن البلوغ.
- الشخير أو المعاناة من ظاهرة "انقطاع النفس أثناء النوم" sleep apnea.
- الإصابة باعتام عدستي العينين.
- عيش حياة متدنية المستوى من النواحي النوعية.

وبالرغم من أن الباحثين ما فتئوا يشككون في الإحصائيات المتعلقة بأعداد الناس الذين يموتون سنوياً بسبب الزيادة المفرطة في أوزان أجسامهم، وبمجمل التكاليف الحقيقية التي تترتب على ذلك والتي يتحملها نظام الرعاية الصحّية، فإن مما لا شك فيه أن معدل عدد الأشخاص ذوي الوزن المفرط أصبح مرتفعاً جداً. ولعل ما يستوجب المزيد من القلق في هذا الصدد، هو أننا أصبحنا في خضمّ وباء البدانة.

وإذا كان وزنك يقع ضمن المدى الصحّي، ولا يزيد عن عشرة أرطال (أو 4.5 كيلوغرام) عما كان عليه عندما بلغت 21 سنة من عمرك، فسيكون هذا شيئاً عظيماً. وإذا تمكّنت من الإبقاء على وزنك في ذلك المدى عن طريق مراقبة غذائك وممارسة التمارين الرياضية، فإنك ستحدّ بذلك من أخطار الإصابة بواحدة أو أكثر من الظواهر المزمنة والخطيرة المذكورة آنفاً.

ومن ناحية أخرى، إذا كنت تعاني من البدانة، فإن بذل كل ما تستطيع من مجهود لمنع أي زيادة جديدة في وزنك، سوف يمثل الخطوة الأولى الأكثر صعوبة. وبعدئذ، وعندما تصبح مستعداً للقيام بهذه الخطوة، فسوف يمثل تخسيس وزنك ببضع كيلوغرامات، مرحلة أولى ومهمة للتمتع بصحة جيدة.
 
ما هو الوزن الصحّي؟ تعريف "دليل الكتلة الجسمية" BMI
بالرغم من أن خبراء التغذية ما زالوا مختلفين حول المقاييس الدقيقة للوزن الصحّي لجسم الإنسان، إلا أنهم سجلوا اختراقاً مهماً في هذا الصدد عندما أخذوا بمقياس يربط العلاقة بين وزن الجسم وطول القامة. ويُطلق على النسبة بين الوزن والطول مصطلح (دليل الكتلة الجسمية) Body Mass Index الذي يأخذ في الحسبان، الحقيقة التي تفيد أن البشر الأكثر طولاً يمتلكون لحماً وعظماً أكثر مما يمتلك قصار القامة، ولهذا فإنهم عادة ما يكونون أكثر وزناً.

ولقد أظهرت عشرات الدراسات التي أجريت على ملايين البالغين أن أولئك الذين يتجاوز (دليل الكتلة الجسمية) عندهم قيمة 25 (وفق الوحدات الإنجليزية المستخدمة في قياس الكتلة والطول وهي الرطل والبوصة)، تتزايد احتمالات موتهم المبكّر، وخاصة بسبب أمراض القلب والسرطان. وبأن من يبلغ دليل كتلتهم الجسمية القيمة 30، تتزايد عندهم هذه الاحتمالات بشكل هائل.

وبناء على هذه الحقيقة المُثبتة، فإن الوزن الصحّي هو الذي يتوافق مع (دليل الكتلة الجسمية) الذي يقلّ عن القيمة 25. ووفقاً لهذه القاعدة، يمكن تعريف زيادة الوزن أنها توافق بلوغ (دليل الكتلة الجسمية) القيمة التي تتراوح بين 25 و29.9، فيما تُعرّف (البدانة) obesity بأنها الحالة التي يبلغ فيها دليل الكتلة الجسمية القيمة 30 أو أكثر.

وبالطبع، لن تحدث الكارثة لو أن دليل كتلتك الجسمية ارتفع من 24.9 إلى 25 أو من 29.9 إلى 30 لأن هذه القيم تُعتبر مقاييس مرجعيّة تصلح للاسترشاد فحسب. ويمكن القول إن احتمالات الإصابة بالأمراض ذات العلاقة بالوزن تزداد بزيادة معدلات الوزن.
ومن المعلوم أن كثافة العضلات والعظام أعلى من كثافة الدهون والشحوم، وهذا ما يفسر ارتفاع قيمة دليل الكتلة الجسمية عند الرياضيين و ذوي العضلات المفتولة بالرغم من أنهم ليسوا بدينين. وهذا بالضبط ما يجعل زيادة الوزن في سن البلوغ يمثل عاملاً مهماً لتحديد العلاقة بين الوزن والحالة الصحية. ومن أمثلة ذلك أن القليل فحسب من البالغين يختزنون العضلات والعظام في بداية العشرينيات من أعمارهم ومعظمهم يبدأون باكتناز الدهون والشحوم لزيادة أوزانهم.
 
كيف تقيس (دليل الكتلة الجسمية)

حتى تقيس دليل كتلتك الجسمية: اقسم وزنك (بالرطل الإنجليزي) على طول قامتك (بالبوصة أو الإنش). ثم قم بقسمة الناتج مرة أخرى على طولك بالبوصة، ثم اضرب الناتج بالعدد (703).

مثال: إذا كان وزنك 65 كيلوغراماً (أو 143.5 رطل)، وطولك 179 سنتمتراً (أو 70.7 بوصة) فإن دليل كتلتك الجسمية سوف يساوي 20.18 وهو مثالي من الناحية الصحية لشخص بالغ.

ملاحظة: إذا كنت لا تعرف وزنك وطولك بالوحدات الإنجليزية فلا بدّ من إجراء عملية التحويل حيث: 1 رطل إنجليزي (باوند) pound يساوي 0.453 كيلوغرام، و1 بوصة inch تساوي 2.53 سنتمتر.
 
ولمقياس محيط الخصر أهميته أيضاً: شحوم البطن والأخطار الصحية

تدل بعض البحوث على أن تركيب الدهون والشحوم لا يكون متماثلاً في كل أنحاء الجسم. وتكون الشحوم التي تتجمع حول محيط الخصر والصدر (والتي تُعرف باسم البدانة البطنية أو الدهون البطنية) أكثر خطورة على الصحة على المدى البعيد من تلك التي تتجمع فوق الوركين والفخذين.

وتوصلت دراسات أخرى إلى أن شحوم البطن تلعب دوراً كبيراً في الإصابة بداء مقاومة الأنسولين insulin resistance والالتهابات. كما تؤدي إلى ظاهرة النشاط المفرط للنظام المناعي الذي يترافق مع أمراض القلب والسكري وحتى بعض أنواع السرطان. ومن المحتمل أيضاً أن لا تكون الشحوم البطنية أكثر سوءاً من شحوم الوركين والفخذين، إلا أنها تُعدّ مؤشراً لمقدار الشحوم الكلية المتجمعة في الجسم.

وعند الأشخاص ذوي الأوزان غير الزائدة، يُعتبر مقياس محيط الخصر دليلاً يحمل في طيّاته إشارات التحذير من الأخطار الصحّية بأكثر مما يحمل (دليل الكتلة الجسمية). ولقد اهتمت إحدى الدراسات ببحث العلاقة بين مقياس محيط الخصر وحالات الموت بسبب أمراض القلب والسرطان أو أي عارض يصيب النساء في أواسط أعمارهن.

وفي بداية الدراسة، كانت كل النساء المتطوعات اللاتي بلغ عددهن 44000 بصحة جيدة، وتم قياس محيط الخصر والوركين لهنّ جميعاً. وبعد 16 عاماً، تبيّن أن النساء ذوات محيط الخصر الأكبر (الذي يفوق 35 بوصة أو 88.5 سنتمتراً)، تعرضن لضعف مخاطر الموت بالأمراض القلبية بالمقارنة مع ذوات محيط الخصر الأقل (أقل من 28 بوصة أو 70.8 سنتمتر).

كما أثبتت الدراسة أن مجموعة النساء ذوات محيط الخصر الأكبر تعرّضن لمخاطر الموت بسبب السرطان والأمراض المستعصية الأخرى بشكل أكبر بالمقارنة مع ذوات الخصر ذي المحيط الأقصر. واتضح أن الخطر كان يزداد بشكل متزايد مع زيادة كل بوصة إضافية من محيط الخصر. وحتى النساء ذوات الوزن العادي (اللاتي يقل دليل الكتلة الجسمية عندهن عن 25) تعرّضن لخطر أكبر عندما كنَّ يجمعن معظم وزنهنّ حول خصورهن.

وتبيّن أيضاً أن المرأة ذات الوزن العادي ومقياس محيط الخصر الذي يبلغ 35 بوصة أو أكثر، يكون احتمال تعرضها لخطر الموت بأمراض القلب أكبر بثلاث مرات بالمقارنة مع امرأة أخرى ذات وزن عادي إلا أن محيط خصرها يقلّ عن 35 بوصة. وتوصلت دراسة أنجزها معهد شنغهاي لصحة المرأة Shanghai Women’s Health Institute إلى علاقة مماثلة بين كمية شحوم البطن وخطر الموت نتيجة الإصابة بأمراض النساء ذوات الأوزان العادية.

وقياس محيط خصرك هو عمل سهل بشرط أن تعرف بالضبط أين يقع خصرك. ومن أجل ذلك يمكنك أن تلف شريط قياس مرن حول مقطع يقع وسط جسمك وحيث يكون طرفا الخصر أقرب ما يكونان إلى بعضهما البعض. وعادة ما يمرّ هذا الشريط بسرّتك. وعليك أن تتأكد من أن شريط القياس موازٍ لمستوي الأرض التي تقف عليها.

وتوصّل فريق من الخبراء يشرف عليه المعهد الوطني للصحة NIH إلى نتائج دراسة تفيد بأن الخصر الذي يزيد قياس محيطه عن 40 بوصة عند الرجال و35 بوصة عند النساء يرفع احتمالات الإصابة بأمراض مستعصية مثل السرطان وبعض الأمراض المزمنة الأخرى.

ويُعد قياس محيط الخصر عملاً سهلاً ومفيداً لأن العضلات البطنية يمكن أن تُستبدل بالشحوم عند التقدم بالعمر بالرغم من أن وزن الجسم يمكن أن يبقى ثابتاً. ولهذا السبب يمكن لمحيط الخصر أن يمثّل إشارة تحذير لك من أجل إلقاء نظرة تقييمية على مقدار ما تتناوله من أغذية وما تمارسه من تمارين رياضية.