يعنى كتاب (المسرح الشعري) لمؤلفه د. مصطفى عبدالغني بالإجابة عن السؤال: ما مستقبل المسرح الشعري العربي؟، وهو سؤال يفرض نفسه في الفترة الأخيرة حين غاب أو غيِب المسرح الشعري بفعل فضاءات "العولمة" وغلالات الأمية الثقافية واستفحال الفساد في مختلف الميادين لأكثر من ربع قرن أو يزيد.

وهو سؤال حاول أن يؤكد بدهية أن التراجيديا الشعرية العربية في سياقها الأخير كانت تعبيراً حاداً عن الهوية في بدايات تكوينها، أو بشكل أدق عن فترة الصراع الكبرى التي تسبق البحث عن الذات وتأكيدها. ويسعى المؤلف إلى التفريق بين الشعر المسرحي والمسرح الشعري بالقول: إن النقاد يجمعون على أن الشعر المسرحي هو شعر.

وهو الشعر الذي ورثناه عن الأقدمين، ويحتفظ الشعر المسرحي بملامح الشعر الذي يطلق عليه الشعر الغنائي مثل استقلال البيت والقافية وعدم خلط الأنواع، باختصار هو شعر أولاً ومسرح ثانياً، أما المسرح الشعري فهو النوع الأدبي الذي تلتقي فيه ملامح الشعر الغنائي بالفن الدرامي وتمتزج به، أما شعر المسرح فهو نوع أدبي نثري وصف بالشعر بسبب رهافة المشاعر التي يتخذها الكاتب مادة لعمله الدرامي.

وقد تكون قائمة على الاستعارة، حيث يتخطى الشاعر حدود الظواهر وينفذ إلى الجوهر العميق للحياة برؤية الشاعر حتى لو كتب المسرح نثراً، باختصار هو مسرح أولاً وشعر ثانياً

ويتابع المؤلف حركة المد والجزر في المسرح الشعري من منتصف القرن التاسع عشر الذي شهد بدايات المسرح الشعري العربي حتى اليوم عبر عدة موجات أو حلقات أو مراحل تتحدد على النحو التالي:

المرحلة الأولى: حالة المد الأول بين عامي 1847 و1918، وهي المرحلة الأولى التي يمكن أن نطلق عليها مرحلة التطور، مروراً بالفترة بين الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي. المرحلة الثانية: حالة المد التالي بين عامي 1940 و1967 وهي المرحلة التي يمكن أن نلاحظ فيها ارتفاع أسهم التأصيل مروراً بالفترة بين الأربعينات والخمسينات.

المرحلة الثالثة: بين المد والجزر بين عامي 1960 و1980 وهي المرحلة التي شهدت ملامح التطوير في الفعل الدرامي لتصل إلى نهايتها، والفترة الأخيرة هي التي التي شهدت صعود حركة المد المسرحي العربي والمسرح الغربي بالتبعية حتى منتصف الثمانينات، هي الفترة التي عاينت من نهاية الثمانينات حالة الجزر المروع للمسرح عامة والمسرح الشعري على وجه أخص في بلادنا.

ويشير المؤلف إلى أن الصعود الفكري العام في العالم العربي يتوازى معه حالة صعود المسرح الشعري الذي شهد مروره من حالة التأصيل لدى أحمد شوقي وتابعيه إلى حالة التجديد والتطوير في المحاولات التالية لدى عدد من كتاب الدراما الشعرية، لعل من أهمهم علي أحمد باكثير وصلاح عبدالصبور، وتصل حركة المد الشعري مع صلاح عبدالصبور إلى أقصاها.

وهو ما يمكن أن نرصد معه في حالة الصعود الشرقاوي ثم عبدالصبور بعد ذلك، أما الشرقاوي فقد بدأ محاولاته بـ "مأساة جميلة" عام 1962 حتى "عرابي زعيم الفلاحين" 1958 مروراً بنصوص شعرية مهمة مثل "الفتى مهران" 1966 و"تمثال الحرية" 1967... الخ.

 

المؤلف في سطور

 

ناقد أدبي وثقافي، ومؤرخ في التاريخ الحديث والمعاصر، وعضو في العديد من المؤسسات الثقافية، يحمل ليسانس آداب جامعة عين شمس حصل على جائزة الدولة التشجيعية في النقد الأدبي 1997 عن كتابه "الاتجاه القومي في الرواية" إصــدار عالم المعرفة عام 1994

 

الكتاب: المسرح الشعري

تأليف: د. مصطفى عبدالغني

الناشر: عالم المعرفة الكويت 2013

الصفحات: 234 متوسط

القطع: الكبير