يطلعنا كتاب «قلعة دمشق»، للدكتور عبد القادر الريحاوي، على واحد من أهم معالم دمشق، إنها قلعتها وأثرها الحصين، فهو يعرض لها منذ العصر الروماني والسلجوقي والأيوبي، ثم المملوكي فالعثماني. ويشرح أنه أدت حركة البناء إلى تطور ملحوظ في فن العمارة العسكرية، بلغ ذروته في مطلع القرن السابع الهجري، وكانت قلعة دمشق مثال القوّة والحصانة، وتمّ بناؤها من قبل السلطان الأيوبي الملك العادل سنة 615 هـ/1218 م .

ويشير المؤلف إلى أن مخطط القلعة قريب من المستطيل، وأبواب الحصون والقلاع وبوابات المدن المسوّرة، هي المكان الرئيس الذي يحاول الأعداء النفوذ منه، لذا كان من الطبيعي أن تنال اهتماماً خاصاً من قبل بنائي القلاع، والميزة الجيدة لهذه الأبواب هي أنها ذات محور ينكسر أكثر من مرّة للوصول إلى داخل القلعة.

 ويدخل في تصميم أبواب الحصون تأمين عزلها عن المحيط الخارجي بواسطة خندق، يقام عليه جسر، قسم منه ثابت وقسم متحرك. وزوّدت المداخل والأبواب بالغلق الشاقولي. ويلفت ريحاوي أن أبراج قلعة دمشق كلّها من النوع المربع والمستطيل والمستدير، ومزودة بعدد أكبر من المرامي والرواشن، ونجد مثل هذه الأبراج المستديرة في سور مدينة دمشق وهي من عمل نور الدين الزنكي.

ويطلق تعبير «بدنة» على قطعة السور الواقعة بين برجين، وتعتبر «البدنات» عنصراً مهماً في كيان القلعة الدفاعي، ونجدها في قلعة دمشق بلغت مستوى لائقاً من حيث الإتقان والقوّة، فشيدت بمداميك من الحجارة الكبيرة البارزة النحت، وزودت بالمرامي في أسفلها وأعلاها، ويعلو البدنة شرافات في كل منها مرمى صغير، عددها الوسطي 9 شرافات..

وهي محاطة من الداخل بممر دفاعي مهمته تأمين الحماية. وفي القلعة «مرامي» ذات محور مائل ونجدها في مؤخرة الجدران الجانبية وستائرها، والغاية منها إحداث رمي موجه نحو واجهة أبراج القلعة، وهذه خاصة تكاد تنفرد بها قلعة دمشق.

وكلمة «الرواشن» تطلق على العنصر المعماري المستخدم في القلاع لحماية الأبواب والأسوار، وهو عبارة عن شرفة بارزة مسقوفة مزودة بسقاطات، (فتحات تصب منها الزيوت أو تلقى منها الحجارة). ويحتوي «الروشن» على عدد من

واستفاد مهندسو قلعة دمشق من وجود مياه نهر بردى وفروعه الجارية شمالي المدينة وغربها، فاتخذوا موقع القلعة في الزاوية الشمالية الغربية، وعوضوا النقص في الحصانة الطبيعية بالنواحي الفنية والمعمارية، فاهتموا بسماكة الجدار، وأحاطوا القلعة بخندق عميق تملؤه المياه فتشكل مانعاً اصطناعياً يزيد في حصن القلعة.