يتناول كتاب «أزمة بناء الدولة العربية المعاصرة.. مقاربة نقدية لمفهوم الإصلاح وإشكالية التكامل العقلاني» لمؤلفته د.أشواق عباس، إحدى أهم وأكثر الإشكاليات التي واجهها العالم العربي في ظروفه المعاصرة بعامة، ونظمه السياسية بخاصة منذ الحرب العالمية الثانية.

وخلال المرحلة التاريخية التي رافقت بناء نموذج الدولة العربية المعاصرة، وهي إشكالية وطنية وقومية ودولية في آن معاً، وخصوصا اذا اخذنا في الحسبان أن تفاعلاتها لا تزال نشطة ومتغيرة. أما نتائجها فلا تزال مفتوحة على احتمالات كثيرة، الأمر الذي يجعل منها قضية آنية ملحة بقدر ما هي قضية مستقبلية.

تركز الدراسة على تحديد أسباب عدم قدرة العرب على التأسيس لأرضية تواجه التحديات التاريخية الكبرى للعالم المعاصر، الأمر الذي يعطينا إمكانية الافتراض بأن العالم العربي ما زال في طور البحث عن «النظام السياسي العقلاني»، وتأسيس نماذج بديلة لما هو قائم.

وتذهب الدراسة في الأجزاء الأخيرة من الكتاب إلى تبني نموذجها الخاص لمفهوم الإصلاح العقلاني لنموذج الدولة العربية المعاصرة، حيث تطرح مشروعها الإصلاحي القائم على فكرة الاندماج والتكامل العقلاني للدولة مع ذاتها أولا، كمقدمة عقلانية لتكاملها واندماجها في محيطها الإقليمي.

ومن ثم الدولي. إذ إن قدرة الدولة العربية المعاصرة على معالجة إشكالياتها والتحول من عضو منفعل ومتأثر إلى فاعل ومؤثر في محيطها الإقليمي، تتوقف على أمرين أساسيين: إعادة بناء منظومتها الداخلية المحلية وفق الأسس الصحيحة لفكرة الدولة ومفهومها العربي، استحالة بلورة رؤية استراتيجية عربية موحدة تجاه العالم الخارجي من دون تكاملها داخليا.

وبما أن بعض الدول العربية غير قادرة على الاندماج ضمن محيطها الإقليمي والدولي نتيجة عدم تحقيقها للشرطين السابقين، من هنا تبرز أهمية الإصلاح باعتباره مقدمة اندماجها الذاتي أولا، وتاليا مقدمة إرساء الدولة العربية على أسس صحيحة وعقلانية، تشكل هي الأخرى بدورها الشرط الضروري لتكاملها واندماجها في محيطها الإقليمي والدولي.

وتشير المؤلفة إلى أن تبني الفكر الإصلاحي القادر على تأسيس نموذج سياسي عقلاني، يؤسس لإمكانية تجاوز الأيديولوجيات العقائدية.

ومن ثم يذلل إمكانية تحولها إلى مبادئ ثابتة، وتذويبها في الرؤية السياسية المتجددة والمتبدلة والمتغيرة، لا جعلها إيديولوجية ملزمة ثابتة عاجزة عن التعامل مع معطيات الواقع ومتغيراته.

ويتطلب هذا الأمر تحرير الناس من الأيديولوجيا المقننة والتمسك بمبادئها المتسامية العامة فقط، وجعل أيديولوجياتها تتسق مع ما يمكنها من التعامل مع المتغيرات والتطورات.

وتبين المؤلفة أن رفع الأيديولوجيا إلى مرتبة عالية تغدو معها منارة، يحد من فاعليتها ويشل قدرتها على ممارسة السياسة بوصفها ظاهرة متغيرة ومتبدلة وليست ثابتة، وذلك لارتباطها بالمصالح المتبدلة والمتغيرة.

مظاهر الأزمة

تستعرض مؤلفة الكتاب مفهوم الأزمة البنيوية للدولة العربية المعاصرة وجذورها التاريخية وضبط مظاهرها وآثار اختلالاتها، عبر مجموعة نماذج محتكمة إلى جملة معايير جرى من خلالها قياس أداء المؤسسات والهيئات الرسمية في عدد من الدول العربية؛ ووفقا لهذه المعايير حددت مؤلفة الكتاب المظاهر الكبرى والرئيسية للأزمة.

وفي مقدمها: ضعف البناء المؤسسي، ضعف العلاقة المتبادلة بين الدولة والمجتمع، ضعف الاستقلالية.

المؤلفة في سطور

د.إشراق عباس. مدرسة العلوم السياسية والعلاقات الدولية في كلية العلوم السياسية جامعة دمشق - سوريا. من مؤلفاتها: العلاقات الدولية العامة، الدعاية والعلاقات العامة، العلاقات الدولية والتفاوض.

الكتاب: أزمة بناء الدولة العربية المعاصرة.. مقاربة نقدية لمفهوم الإصلاح وإشكالية التكامل العقلاني

تأليف: د. أشواق عباس

الناشر: مركز دراسات الوحدة العربية - بيروت - لبنان 2016

الصفحات:

142 صفحة

القطع: الكبير