من المعالم الأساسية للقاهرة، والتي يحرص العديد منا على زيارتها، مقهى «ريش» في وسط البلد، ولهذا المقهى حكايات جعلته أحد أهم الأمكنة، ولـ«ريش» تاريخ بدأ كمقهى مع الثري النمساوي بيرنارد ستيتبرج 26 أكتوبر 1914، ومع بداية افتتاحه سحب البساط من تحت المقاهي المجاورة له.
وذلك بديكوراته الخشبية المتميزة. بعد عام اشتراه الفرنسي هنري ربسن عام 1915، وأطلق عليه «ريش كافيه» ومع قيام الحرب العالمية الأولى اشتراه اليوناني ميشيل، ولكنه باعه عام 1916 لليوناني ميشيل بوليتسي، ثم أصبحت ملكيته لليوناني مانولاكي، وبعد عشر سنوات اشتراه اليوناني جورج إيفانوس وسيلي، وفي عام 1960 باعه وسيلي لموظف في السكة الحديد.. ولكن المقهى مبني عام 1908.
كان المقهى المجلس الأسبوعي لنجيب محفوظ، وكان من رواده أيضاً: يوسف إدريس، جابر عصفور، أمل دنقل، كمال الملاح، أحمد فؤاد نجم، عبده جبير، سليمان فياض، سيد حجاب، عبد الرحمن الأبنودي، بهاء طاهر، إبراهيم عبد المجيد، ونجيب سرور.
كان من رواده أيضاً جمال عبد الناصر، وأنور السادات، ومحمد نجيب، وكذلك صدام حسين.
ولا بد أن نذكر أن «ريش» كان موطناً لولادة العديد من المجلات، مثل «الكاتب المصري» التي ترأس تحريرها طه حسين، وكان يحضر فيها مجموعة من مطربي أيام زمان مثل: عبد الوهاب، أم كلثوم، فريد الأطرش، وعبد الحليم حافظ.
مُثِّلت في مقهى «ريش» عدة أفلام مصرية، وما زالت صور الكبار مرصوفة على جدار المقهى.
ظل «ريش» قبلة أهل الفن والأدب، والمكان الذي يجدون فيه الراحة إلى أن انتقل مجلس نجيب محفوظ إلى مكان آخر.
العمال الذين عملوا في «ريش» استمروا سنوات طويلة فيه، ولعل أشهرهم «عم فلفل» محمد حسين صادق، وهو نوبي كبير السن.. هؤلاء العمال يحملون ذاكرة «ريش» وحكايات لم يروِها أحد ولا في ذكريات الكتاب أو أصحاب المقهى الذين تناوبوا على «ريش».
امتاز المقهى بطابعه الهادئ الأوروبي، رغم كونه وسط القاهرة الصاخب.
وهناك ديوان بعنوان «بروتوكولات حكماء ريش» للشاعر نجيب سرور عام 1978، يقول في بدايته: نحن الحكماء المجتمعون بمقهى ريش.. من شعراء وقصاصين ورسامين.. ومن النقاد سحالي الجبانات.. حملة مفتاح الجنة..
وهواة البحث عن الشهرة.. تعددت المطالبات بجعله تابعاً لوزارة الثقافة، وتشكيل مجلس إدارة خاص به، كذلك طالب العديد من المثقفين بإخضاعه لليونسكو لكونه مبنى تراثياً عمره أكثر من 100 عام.. لكن مهما تغيرت الظروف أو تغيرت الحكومات سيظل «ريش» جزءاً أساسياً من تاريخ مصر الثقافي.