حذر الرئيس التنفيذي لشركة الطاقة العملاقة (شل)، خلال توقيعه اتفاق شراكة في الدوحة الأحد، من تداعيات طويلة الأمد لأزمة الطاقة التي تعاني منها أوروبا جراء الحرب في أوكرانيا، مبدياً خشيته من أن يؤدي التقنين الراهن في الإنتاج الصناعي إلى اضطرابات سياسية في القارة العجوز.

ووقع بن فان بوردن في العاصمة القطرية مع وزير الدولة القطري لشؤون الطاقة سعد بن شريدة الكعبي اتفاقاً أصبحت بموجبه «شل» شريكة بنسبة 9.3 % في مشروع توسعة «حقل الشمال الجنوبي» التابع لـ«قطر للطاقة».

وسيؤدي المشروع دوراً أساسياً في الجهود التي تبذلها الدوحة لزيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال بنسبة 50 % في غضون السنوات الخمس المقبلة.

وخلال حفل التوقيع قال فان بوردن الذي سيتقاعد في نهاية العام الجاري إن القطاع الصناعي الأوروبي تلقى ضربة كبيرة من جراء أزمة الطاقة التي تفاقمت في القارة بسبب الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

وأضاف إن أوروبا خفضت الاستهلاك «بشكل فعال للغاية وبشكل كبير للغاية» بعدما خسرت 120 مليون طن من الغاز كانت تستوردها من روسيا سنوياً، لكن «الكثير من هذا التخفيض يتم من خلال إطفاء المصانع».

ومنذ اندلعت الأزمة في أوكرانيا تبحث أوروبا يمنة ويسرة عن بدائل سريعة للغاز الروسي، لكن فان بوردن أكد أن أوروبا ستحتاج إلى كميات كبيرة من الغاز الطبيعي المسال ولعقود عدة مقبلة.

وأوضح أن «الكثير من الناس يقولون خفضوا درجة حرارة أجهزة التدفئة، أو لا تشغلوا مكيفات الهواء لكن هناك أيضاً من يقولون لماذا لا نوقف تشغيل مصنع الأسمدة الذي لدينا أو فلنخفض إنتاج بعض المواد البتروكيماوية بشكل عام. هذا التقنين، إذا استمر لفترة طويلة، يصبح دائماً».

 

«ضغوط»

 

وإذ وافق فان بوردن القائلين إن أوروبا سجلت «بعض الانتصارات» بالطريقة التي خفضت بها استهلاك الطاقة، حذر من أن «بعضاً من هذه (الانتصارات) هي في الواقع أخبار سيئة على المدى الطويل، وبالتحديد التقنين الاقتصادي والصناعي».

ورأى الرئيس التنفيذي لشل الذي سيخلفه في العام المقبل اللبناني وائل صوان، أول عربي يتقلد مثل هكذا منصب، أنه إذا كان البعض يجد في بعض مناحي الترشيد الصناعي نوعاً من «التجديد» فإن لهذا الأمر الإيجابي سلبياته أيضاً.

وحذر فان بوردن من أن «القيام بهذا الأمر على هذا النطاق الواسع، وبمثل هذه الطريقة المباغتة، وفي فترة تحديات اقتصادية عموماً، فأعتقد أن هذا الأمر سيضع الكثير من الضغوط على الاقتصادات الأوروبية، وربما أيضاً الكثير من الضغوط على النظام السياسي في أوروبا».

من جهته، قال الوزير القطري إن «كميات الغاز الطبيعي المسال التي ستوفرها قطر للطاقة للأسواق تأتي في وقت يحتل فيه الغاز الطبيعي أهمية بالغة في ظل التقلبات الجيوسياسية الأخيرة وفي ظل الحاجة الملحة لمصادر طاقة أنظف تلبي الأهداف البيئية العالمية».

و«شل» هي ثاني شريك أجنبي بعد «توتال إنرجيز» الفرنسية يتم اختياره لتطوير «حقل الشمال الجنوبي» وهو مشروع لتوسيع «حقل الشمال» الذي يختزن حوالى 10 % من احتياطيات الغاز الطبيعي المؤكدة في العالم.

وعلى غرار «توتال إنرجيز»، تبلغ حصة شل في هذا المشروع 9.375 %، علماً أن قطر حددت الحصة الإجمالية للشركات الأجنبية بنسبة 25 %.

وفي يوليو، تم اختيار شل لتكون الشريك الخامس والأخير (إلى جانب كل من توتال إنرجيز وإكسون موبيل وكونكوفيليبس وإيني) في حقل الشمال الشرقي، وهو مشروع لتطوير حقل غاز يمتد تحت البحر حتى الأراضي الإيرانية، حيث تصطدم محاولات الجمهورية الإسلامية لاستغلاله بالعقوبات الدولية.

وقطر هي أحد المنتجين الرئيسيين للغاز الطبيعي المسال في العالم إلى جانب كل من الولايات المتحدة وأستراليا. وتسعى الإمارة الخليجية لزيادة إنتاجها بأكثر من 50 % بحلول 2027، العام الذي سيدخل فيه حقل الشمال الجنوبي حيز الخدمة.

والعملاء الأساسيون للغاز القطري هم كوريا الجنوبية واليابان والصين، إذ إن الدول الأوروبية رفضت منذ فترة طويلة إبرام اتفاقات طويلة الأجل مع قطر.