خفضت المصارف الاستثمارية الأوروبية المكافآت التي تمنحها للعام الثاني على التوالي، بعد تدهور مطول في عقد الصفقات وعمليات الإدراج، الأمر الذي بدأ يظهر مؤشرات أخيراً على الانتهاء.

وزع «دويتشه بنك» و«بي إن بي باريبا» مكافآت سنوية أقل، ما يؤكد الصدمة التي تعرضت لها الصناعة، بعدما تراجعت الشركات عن أنشطة الاستحواذ؛ إثر ارتفاع اسعار الفائدة، الأمر الذي أصاب سوق الاكتتابات العامة الأولية بالجمود.

وأعلن «دويتشه بنك»؛ أكبر المصارف الألمانية، الأسبوع الماضي، خفضاً قدره 5.5% للمكافآت التي يقدمها عن العام الماضي. أما «بي إن بي باريبا»؛ أكبر مصارف منطقة اليورو، فقد قلل المكافآت التي قدمها بنسبة 5%، بحسب شخص على اطلاع بالأمر.

ومن المقرر أن يعلن «يو بي إس» مجموع المكافآت التي سيقدمها بنهاية مارس الجاري، بعد عام شاق على بنكه الاستثماري، لكنه عام شهد تلقي بعض مصرفيي «كريدي سويس» عروضاً بحزم كبيرة لإقناعهم بالبقاء في المصرف.

وتوضح الصدمة التي أصابت المكافآت التأثيرات المزدوجة لرفع الفائدة على كثير من المقرضين، الذين أبلغوا عن طفرة في صافي دخل الفوائد خلال العامين الماضيين، فيما واجهت أعمال الصيرفة الاستثمارية لديهم تحديات.

وقال مستشار مشارك في مناقشات الأجور في بنوك عدة: «الجميع يتعرضون للضرب، يعتمد الأمر فقط على المكان الذي اختار المديرون أن يطرقوا عليه أكثر».

وتراجعت رسوم الصيرفة الاستثمارية الأوروبية إلى 17.2 مليار دولار العام الماضي، منخفضة عن أكثر من 30 مليار دولار في 2021. وتفيد بيانات «ديل لوجيك» لجمع البيانات بأن الرسوم المسجلة العام الماضي كانت الأدنى منذ 2016. ويحصل المصرفيون في أوروبا على قدر أقل من دخولهم في هيئة مكافآت بسبب الحد الأقصى الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على الأجور المتغيرة.

ورغم ذلك، لم يكن الضعف الذي يعتري المصارف الاستثمارية عاملاً سلبياً لأسهم المصارف الأوروبية، إذ يسجل مؤشر «ستوكس يوروب 600» أعلى مستوياته منذ ستة أعوام، بعد تعهد المقرضين بسداد ما يزيد على 120 مليار يورو للمساهمين.

وفي الجهة المقابلة من الأطلسي، تراجع متوسط المكافآت في «وول ستريت» بواقع 2% العام الماضي إلى 176,500 دولار، بحسب التقديرات الصادرة عن المراقب المالي لمدينة نيويورك.

لكن البنوك الاستثمارية تأمل في ازدياد زخم انتعاش إبرام الصفقات وعمليات الإدراج.

وحققت سوق الاكتتاب العام الأولي في أوروبا أقوى بداية لها في مدخل العام منذ جائحة فيروس «كورونا»، فجمعت الشركات أكثر من 3 مليارات دولار. وفي الوقت ذاته، انتعش حجم عمليات الدمج والاستحواذ أيضاً.

وكان جفاف ينبوع الدمج والاستحواذ في عامي 2022 و2023 تناقضاً حاداً مع عام 2021 ـــ 2022 حينما تشجعت الشركات ومؤسسات الأسهم الخاصة للسعي وراء الصفقات، بدعم موجة التحفيز النقدي الذي وفرته المصارف المركزية استجابة للجائحة.

وبجانب تراجع المكافآت الإجمالية، خفّض «دويتشه بنك» المكافآت النقدية التي يمنحها لكبار مسؤوليه التنفيذيين بما يصل إلى 50%، بعدما تسبب فشل مشروع لتكنولوجيا المعلومات في فوضى بين عملاء التجزئة.

ومع ذلك، كان «إتش إس بي سي» شاذاً عن هذا الاتجاه في أوروبا، إذ رفع المكافآت التي سيحصل عليها موظفو الشركة كلهم بنسبة 12%، بعد نمو أرباحه للعام قبل احتساب الضرائب بنحو 80%.