وصلت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين إلى بكين يوم السبت في زيارة رفيعة المستوى، بدأتها يوم الخميس بمدينة قوانغتشو للقاء نائب رئيس مجلس الدولة هي ليفنغ، وهو أيضاً المسؤول الصيني الرئيسي عن الشؤون الاقتصادية والتجارية بين الصين والولايات المتحدة.

وتستهدف زيارة يلين مناقشة النمو المتوازن للولايات المتحدة والصين، والاستقرار المالي، والتمويل المستدام، وإثارة قضية ما يسمى بـ«القدرة المفرطة لقطاع الطاقة الخضراء الصيني».

وقبيل رحلتها إلى الصين، حذّرت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين من أن بلادها لن تسمح للإنتاج الصيني الغزير بالقضاء على الشركات الأمريكية المصنعة للتكنولوجيا الخضراء.

ومن المتوقع أن تتهم يلين الصين بإغراق الأسواق العالمية بالتكنولوجيا الخضراء رخيصة الثمن أثناء محادثاتها مع مسؤولين، بينهم وزير المالية، ونائب رئيس الوزراء، ومحافظ البنك المركزي.

وفي طريقها إلى الاجتماعات، أكّدت يلين أنها «لا تستبعد» زيادة الحواجز التجارية لحماية مصنعي التكنولوجيا الخضراء، بما في ذلك البطاريات والألواح الشمسية، من المنافسة الصينية.

وتأتي رحلة يلين عقب موجة اتصالات رفيعة المستوى بين الدولتين في الأسابيع الأخيرة؛ إذ تسعى الدولتان إلى استقرار العلاقات بينهما.

وتشمل هذه المحادثات اتصالاً هاتفياً بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره شي جين بينغ هذا الأسبوع، إضافة إلى رحلة قام بها رؤساء تنفيذيون أمريكيون إلى بكين الأسبوع الماضي للقاء الزعيم الصيني.

ومن المتوقع أن ترد بكين على اتهامات يلين بأن الولايات المتحدة تستخدم وفرة المعروض الصيني كذريعة لفرض السياسات الحمائية التي تهدف إلى فصل أكبر اقتصادين في العالم.

وتتهم الصين أيضاً الولايات المتحدة بمحاولة الحدّ من تطورها باستخدام قيود على صادرات المنتجات عالية التقنية مثل أشباه الموصلات.

وقالت وكالة أنباء شينخوا الصينية الرسمية، إن هذه الاتهامات تنويع الجديد على نظرية «التهديد الصيني»، التي لا تعدو سوى ذريعة لبعض الدول الغربية لتسميم بيئة التنمية المحلية في الصين والتعاون الدولي ولاتخاذ المزيد من التدابير الحمائية.

ويقول خبراء الاقتصاد والحكومات الأجنبية إن سياسة الصين في اختيار الشركات الرائدة في مجال التكنولوجيا الخضراء، إلى جانب ضعف الإنفاق الاستهلاكي وارتفاع الاستثمار والكساد الاقتصادي الحالي، تؤدي إلى زيادة كبيرة في فائض الصادرات وخفض الأسعار إلى مستويات تمنع الشركات الأجنبية المنافسة من الاستمرار.

وقال مسؤول في الخزانة الأمريكية خلال الرحلة: «إن حجم الدعم الحكومي يفوق بكثير ما نراه في اقتصادات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية»، مشيراً إلى أن القدرة الإنتاجية الزائدة لها «تداعيات عالمية».

كما اعترف بعض المسؤولين الصينيين أيضاً أن هناك قدراً أكبر مما ينبغي من القدرة الإنتاجية، ما ترك المصانع في حالة خمول.

وقال سكوت كينيدي من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية «هناك اعتراف واسع النطاق في الصين بوجود خلل في التوازن بين الإنتاج، حيث واصلت الشركات الصينية الإنتاج، لكن الطلب المحلي لم يواكب ذلك».

وأضاف: «ومع ذلك، فإن ذريعة المسؤولين الصينيين هي أن الطلب العالمي منخفض أيضاً، وسيقولون إن المشكلة الكبرى ليست في أنهم أنتجوا أكثر من اللازم، بل في أن العالم يشتري أقل مما ينبغي».

وأضاف كينيدي إن المسؤولين الصينيين يمكن أن يجادلوا أيضاً أن الفائض كان مفيداً في معالجة ارتفاع التضخم العالمي.

ومن المتوقع أن تنتقد بكين السياسات الأمريكية حيال الأمن القومي، ومن المرجح أن يثير المسؤولون قضايا مثل محاولات الكونجرس إجبار الصيني بايت دانس على بيع منصة التواصل الاجتماعي «تيك توك».

وتقول الصين إن صادراتها تفيد دول العالم النامي، وأن الغرب يشعر بالتهديد من جهودها للانتقال إلى صناعات أكثر تقدماً.

وقالت وكالة أنباء شينخوا الصينية: «في حين أنه من البديهيات الاقتصادية أن المنتجات الفائضة تبحث بشكل طبيعي عن أسواق في أماكن أخرى بمجرد تلبية الطلب المحلي، وكانت الدول الغربية تفعل ذلك منذ قرون، لكن عندما يتعلق الأمر بالصين، يصبح الأمر مشكلة فائض إنتاج يهدد العالم».

ومثل الولايات المتحدة، يشعر الاتحاد الأوروبي بقلق متزايد حيال هيمنة الصين المتزايدة على التكنولوجيا الخضراء.

وقبل أيام قالت المفوضية الأوروبية إنها شرعت في إجراء تحقيق معمق مع اثنين من مصنعي الألواح الشمسية الصينية.

ومن غير المرجح أن تلجأ الولايات المتحدة إلى التعريفات الجمركية أو إجراء تحقيقات رسمية في هذه المرحلة، حيث أشار مسؤول كبير في وزارة الخزانة إلى أنه «لا يوجد حل سريع لهذه القضية».

ومع ذلك، قالت يلين خلال توقفها في ألاسكا إن المنتجات التي تتدفق على السوق العالمية سببها «الاستثمار الهائل في الصين الذي خلق بعضاً من هذه القدرة الإنتاجية الفائضة».

وفي إشارة إلى الشركات الأمريكية، قالت: «نحن نقدم إعانات ضريبية لبعض هذه القطاعات، ولا أريد استبعاد طرق أخرى محتملة لحمايتها».

وتقدم الولايات المتحدة إعانات من خلال قانون خفض التضخم البالغ 369 مليار دولار، وهو برنامج بايدن الرئيسي لجعل الاقتصاد الأمريكي أكثر اخضراراً.

وقالت يلين إن المكسيك وأوروبا واليابان «تشعر بالضغط» أيضاً؛ بسبب قدرات الاستثمار الصيني الضخمة في مجال التكنولوجيا الخضراء.