من المتوقع أن يتقلص قطاع صناديق أسواق المال المؤسسية الأولية في الولايات المتحدة الذي تبلغ قيمته 674 مليار دولار بنسبة الثلث على الأقل هذا العام، مع قيام شركات الاستثمار الكبيرة بإغلاق هذه الصناديق بدلاً من دفع تكاليف التحديثات اللازمة للوفاء باللوائح التنظيمية الجديدة.
ويقول مديرو النقد، بما في ذلك «فيديراتيد هيرمس» و«كابيتال جروب» و«فانجارد»، إنهم يخططون لإغلاق صناديق سوق المال المؤسسية الأولية، التي تمتلك أصولاً تزيد على 220 مليار دولار، أو تحويلها إلى نوع آخر من الصناديق، قبل أن تدخل قواعد لجنة الأوراق المالية والبورصة حيز التنفيذ أوائل أكتوبر، ما يفرض رسما إلزاميا على عمليات الاسترداد الكبيرة.
ويقول مديرون آخرون إنهم ما زالوا يبحثون ما يجب فعله، لكن المحللين في «بنك أوف أمريكا» ومسؤولين تنفيذيين في الصناعة يتوقعون عمليات إغلاق وتحويلات إضافية مع اقتراب الموعد النهائي.
وعلى عكس صناديق سوق المال الحكومية التي تركز على الديون الحكومية، فإن الصناديق الأولية قادرة على الاحتفاظ بأوراق تجارية قصيرة الأجل، بما في ذلك الديون المصرفية.
وبموجب القواعد الجديدة، يجب على الصناديق المؤسسية الأولية فرض رسوم على عمليات المغادرة، عندما يتجاوز صافي عمليات الاسترداد نسبة 5 % من إجمالي صافي الأصول في يوم واحد.
وتم تصميم المعايير الجديدة لمنع تدافع المستثمرين مثلما شوهد في بداية جائحة كورونا، عندما دفعت التدفقات الخارجة الكبيرة الصناديق الأولية إلى بيع الأصول بسعر مخفض وإلحاق خسائر بمن بقوا.
لكن عدداً من كبار المديرين اختاروا إغلاق الصناديق الأولية أو التحول إلى أدوات تركز على الديون الحكومية، وهو ما لن يخضع للقواعد. وهم يزعمون أن المعايير الجديدة تشكل عبئاً «صعباً من الناحية التشغيلية» و«توجيهياً للغاية» من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع التكاليف وتعقيد هياكل الصناديق.
وتهدف المتطلبات الجديدة على وجه التحديد إلى حماية المستثمرين في الصناديق الأولية، التي تقدم عوائد أعلى مما يسمى بالصناديق المالية الحكومية.
مع ذلك، يحذر بعض المشاركين في السوق من أن تقليص صفوف الصناديق المؤسسية الأولية سيقلل تنويع محافظ المستثمرين ويقلص مجموعة المشترين لفئة أصول الأوراق التجارية البالغة 1.3 تريليون دولار. وفي نهاية يناير، كانت الصناديق الأولية تحتفظ بأكثر من 310 مليارات دولار من الأوراق غير المضمونة والمدعومة بالأصول، أو ما يقرب من ربع السوق بأكملها، وفقاً لبيانات الاحتياطي الفيدرالي.
وقال جون كروك، رئيس الدخل الثابت النشط في شركة فانجارد، التي تعمل على تحويل الأموال: «سيكون صراعاً شاقاً حقاً لإثبات أن العبء الإضافي كان يستحق حفنة من نقاط الأساس التي كنا سنحافظ عليها من خلال إبقائه في بنيته الأصلية». وتدير «فانجارد» صندوقاً داخلياً بقيمة 89 مليار دولار يستخدمه مديرو محافظها لإدارة النقد من الأوراق المالية الأولية إلى الأوراق المالية الحكومية.
وتفعل شركة كابيتال جروب الشيء نفسه مع صندوقها الداخلي البالغ 135 مليار دولار.
ولا يزال الاهتمام قوياً بصناديق الأموال الأولية للتجزئة، والتي لا تتأثر برسوم السيولة الجديدة التي تفرضها هيئة الأوراق المالية والبورصات. وقد ارتفع صافي أصول هذه الصناديق بنسبة 48 % على أساس سنوي ليصل إلى 750 مليار دولار في نهاية مارس، وفقاً لشركة «كرين داتا».
لكن مديري الصناديق يشعرون بالقلق إزاء انخفاض الطلب المؤسسي. وتسأل كريس دوناهو، الرئيس التنفيذي لشركة «فيديراتيد هيرميس»، التي أغلقت أحد صناديقها الرئيسية ودمجت صندوقين آخرين «ستظل الشركات التي تعتمد على الأوراق التجارية قادرة على الحصول على التمويل، لكن بأي سعر وفي أي وقت استحقاق؟».
وتظل هيئة الأوراق المالية والبورصات ملتزمة بالرسوم الجديدة. وقال متحدث باسم هيئة الأوراق المالية والبورصة: «كما قال الرئيس جينسلر، واجهت الصناديق المؤسسية الرئيسية والصناديق المؤسسية المعفاة من الضرائب، والتي تمثل 10 % فقط من مساحة سوق المال، أكبر عمليات الاسترداد في فترات الضغط الماضية. إن رسوم السيولة التي تعد جزءاً من القواعد النهائية لصناديق سوق المال ستساعد في إدارة المخاطر في أوقات التوتر لحماية المستثمرين».
كما انتقدت الصناعة أيضاً الطريقة التي تم بها فرض رسوم السيولة. وكانت هيئة الأوراق المالية والبورصة قد طرحت في البداية طريقة مختلفة للتعامل مع التدفقات الخارجة الكبيرة، المعروفة باسم التسعير المتأرجح، والتي تتطلب من المديرين إدراج تأثير التدفقات الخارجة عند حساب صافي قيمة أصول أموالهم. وبعد معارضة مديري الأموال، اختارت الهيئة التنظيمية فرض رسوم سيولة إلزامية دون توفير فترة تشاور إضافية.
وقال إريك بان، الرئيس التنفيذي لمعهد شركات الاستثمار: إن العديد من الشركات لا تزال تحاول «معرفة» كيفية تنفيذ القاعدة، مشيراً إلى أن هناك طلباً على صناديق سوق المال الأولية، وأن عدداً من مقدمي الخدمات سيبذلون قصارى جهدهم لمحاولة تلبية هذا الطلب.
وأردف: «كان ينبغي إعادة صياغة القاعدة»، مضيفاً أن «هيئة الأوراق المالية والبورصة لم تفهم بوضوح التعقيدات والصعوبات في تنفيذ رسوم السيولة الإلزامية».
وقال دوناهيو من شركة «هيرمس»: «لقد هددونا بالموت بأسعار متأرجحة كبيرة، وبعد ذلك قاموا فقط بإيهامنا بالغرق [برسوم السيولة]. وعندما تستيقظ من الإيهام بالغرق ولم تمت، فمن المفترض أن تشعر بالسعادة. هذا ليس نمطاً جيداً للتنظيم».