أظهرت إحصاءات جديدة أصدرتها دائرة السياحة والتسويق التجاري بدبي «دبي للسياحة»، أن الإمارة استقبلت 14.9 مليون سائح خلال عام 2016، محقّقة زيادة بنسبة 5 %، مقارنة مع عام 2015، وبمعدل نمو سنوي مركّب قدره 8 % للسنوات الأربع بين 2012-2016، منذ إطلاق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، رؤية دبي السياحية 2020.
ويمثّل هذا الأداء ضِعف متوسط معدلات النمو العالمية المقدّرة عند نسبة 4 % للفترة نفسها، وفق ما توقّعته منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، وهو ما يعزّز إمكانية تحقيق «دبي للسياحة» لأهدافها خلال السنوات الثلاث المقبلة بحلول عام 2020.
ويسهم الأداء القوي للقطاع السياحي للإمارة، الذي تم تحقيقه في عام شهد فيه الاقتصاد العالمي اضطرابات وتحدّيات كثيرة في منح الزخم للوصول إلى الهدف المتمثل في استقبال 20 مليون سائح سنوياً بحلول 2020، وبالتالي، المساهمة بنسبة أكبر في الناتج المحلي الإجمالي لدبي. وتمكّنت دبي من توسيع حصتها في بعض الأسواق، واستقطاب السيّاح من هذه الوجهات، رغم تأثر أكبر 3 أسواق رئيسة بالتقلبات العالمية غير المسبوقة، وحالة الحذر التي انتابت المستهلكين من شتى أنحاء العالم خلال 2016.
نمو في ظل التحدّيات
وقال هلال سعيد المري، المدير العام لدائرة السياحة والتسويق التجاري بدبي: في ظل القيادة الحكيمة والدعم الكبير من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، كان عام 2016، علامة فارقة أخرى لقطاع السياحة والسفر في دبي، حيث تعاملنا بوعي واسع مع التحدّيات الإقليمية والعالمية، وتمكّنا من تسجيل نسبة نمو كبيرة على مدى السنوات الأربع الماضية، وبضِعف متوسط معدلات نمو الأسواق العالمية.
ومع استقبال 14.9 مليون سائح، فإنّ دبي تعزّز من مكانتها كرابع مدينة ضمن قائمة أبرز وجهات العالم استقطاباً للمسافرين الدوليين، الذين يتمتعون بمستويات عالية من الإنفاق، مع تأثير ذلك الإيجابي في الاقتصاد المحلي، لا سيما مع احتلال دبي المركز الأول، كأكبر الوجهات السياحية في العالم من حيث معدل إنفاق الزوار الدوليين، وذلك بالمقارنة مع أي وجهة منافسة أخرى.
وأوضح أن تحقيق النمو رغم الظروف الاقتصادية العالمية، يؤكد قدرة القطاع السياحي بدبي على التكيّف والتحرّك بسرعة داخل الأسواق الرئيسة، مع الاستخدام الأمثل للاستثمارات الفعّالة، وتنفيذ استراتيجيات للحد من الآثار المترتبة عن الاعتماد على سوق واحد، وإيجاد قاعدة عمل مشتركة ما بين القطاعين العام والخاص، لزيادة تنافسية وجهتنا السياحية.
وأشار إلى أننا شهدنا نمواً كبيراً بنسبة 13 % في عدد السيّاح من جنوب آسيا، لا سيما من الهند، رغم إلغائها العملات الكبيرة، والضغط على النقد الذي واجهه السوق الهندي. وحافظت السعودية على مكانتها كأحد الأسواق الرئيسة التي ترفد دبي بالسيّاح.
ورغم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وانخفاض قيمة عملتها 20 %، في المقابل سجّل عدد السيّاح ارتفاعاً بنسبة 5 %. كما شهد 2016 زيادة ملحوظة في عدد السيّاح من الصين بنسبة 20 %، ليتجاوز عددهم للمرة الأولى حاجز النصف مليون سائح (540 ألفاً). وعاد السيّاح من روسيا مرة أخرى، ليحققوا نمواً بنسبة 14 %، ويتوقع لهذين السوقين، المزيد من الزخم والنمو، مع السماح لرعايا تلك الدولتين بالحصول على تأشيرة الدخول عند وصول منافذ ومطارات الدولة.
أرقام
وظلت دول مجلس التعاون، المصدر الإقليمي الأهم لرفد دبي بالسيّاح، مع 3.4 ملايين سائح، بزيادة 5 % مقارنة بـ 2015. وحافظت السعودية على صدارتها بـ 1.64 مليون سائح، بزيادة 6 % عن الماضي، تلتها سلطنة عُمان التي ارتفع السيّاح منها إلى مليون سائح. كما حافظت الكويت وقطر على مكانتهما ضمن قائمة الدول العشرين، حيث سجّلت الكويت زيادة 2 %، وقطر 9 % عن 2015.
أوروبا الغربية
كما عزّزت أوروبا الغربية مكانتها كثاني أكبر منطقة مصدّرة للسيّاح إلى دبي، حيث شكّلت نسبة السيّاح القادمين منها 21 % من إجمالي السيّاح الوافدين إلى الإمارة، ليبلغ عددهم 3.1 ملايين سائح، بزيادة 4 % عن 2015. وبقيت المملكة المتحدة في المركز الثالث ضمن الأسواق الرئيسة المصدّرة للسيّاح، حيث بلغ عددهم 1.25 مليون سائح، وحافظت ألمانيا على مكانتها ضمن الدول العشر، بواقع 460 ألف سائح.
جنوب آسيا
وحافظت أسواق جنوب آسيا في شبه القارة الهندية أيضاً، على مكانتها المتميزة، حيث ساهمت بحصة كبيرة من حركة السياحة إلى دبي، مع ارتفاع عدد السيّاح من الهند، سواء الجدد أو ممن زاروها من قبل، ليبلغوا 1.8 مليون سائح بنمو 12 %، تليها باكستان، والتي تعتبر من الأسواق العشرة الأولى، وشهدت زيادة 18 %، بواقع 607 آلاف سائح. وتبقى التوقّعات متفائلة بتحقيق النمو مع الهند خلال 2017، مع توطيد العلاقات بين الإمارات والهند، من خلال الزيارة التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، كضيف رئيس في احتفالاتها بيوم الجمهورية الـ 68.
الشرق الأوسط
ورفدت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، دبي بحوالي 1.6 مليون سائح، رغم التحدّيات التي تشهدها المنطقة. وواصلت الأسواق العشرون الأولى في رفد دبي بالمزيد من السيّاح، لا سيما من مصر والأردن.
وبالنسبة للأسواق الآسيوية الشمالية والجنوب شرقية، استقبلت دبي في عام 2016، حوالي 1.36 مليون سائح، وهو ما يجعل منطقة آسيا، المسهم التالي الأكبر للسيّاح، بما نسبته 9 % من إجمالي عدد السيّاح، بزيادة 15 % عن 2015.
وصعدت إلى المراكز العشرة الأولى على قائمة الأسواق الرئيسة لدبي. ومن المتوقّع أن تتعزّز مكانة هذا السوق، لا سيما بعد قرار منح تأشيرات الدخول لهم إلى الدولة عند الوصول. وأيضاً شهدت حركة تدفّق السيّاح من الفلبين، ارتفاعاً كبيراً نسبته 20 %، وبواقع 390 ألف سائح، وجاءت في المرتبة 11 للأسواق الرئيسة.
الأميركتان
وساهمت الأميركتان بمليون سائح، لتكون بنفس المستوى السابق. وبلغ عدد السيّاح من الولايات المتحدة 607 آلاف سائح، بينما شهدت كندا نمواً بنسبة 5 %، وبواقع 176 ألف سائح، لتحافظ على موقعها ضمن الأسواق الرئيسة العشرين.
وساهمت أسواق روسيا، وكومنولث الدول المستقلة، وأوروبا الوسطى بنسبة 5 % من السيّاح، لا سيما روسيا وأوكرانيا. حيث سجّلت روسيا عودة قويّة من خلال 240 ألف سائح بزيادة 14 % عن 2015، وتبقى في اتجاهها الصعودي وهو المتوقع في 2017، لا سيما في ظل قرار منح رعايا روسيا تأشيرات دخول عند وصول الدولة، لتكون الدولة 47 المعفاة من متطلبات التقدم للحصول على تأشيرات الزيارة.
وساعد النمو الإيجابي في الأسواق القويّة والدول الناشئة، في التخفيف من الآثار السلبية لما شهدته القارة السمراء، حيث شهدت انخفاضاً بنسبة 7 % في أعداد السيّاح، وكذلك منطقة أسترالاسيا، التي بلغ الانخفاض فيها 9 %.
102 ألف غرفة فندقية
وارتفع المعروض من الغرف الفندقية 5 %، لتصبح ضمن المدن العشرة الأولى في توفير أكثر من 100 ألف غرفة فندقية، وبلغ عدد الغرف نهاية العام الماضي 102.84 ألف غرفة. واحتفلت المدينة بافتتاح عدد من الفنادق الفخمة، مثل: «سانت ريجيس دبي»، و«دبليو دبي»، «وويستن دبي الحبتور سيتي»، و«بالاتزيو فرساتشي»، و«جميرا النسيم». وهناك اهتمام بتدشين فنادق الفئة المتوسطة الجديدة، لمنح المزيد من الخيارات أمام السيّاح . لذا، شهد 2016 زيادة في أعداد الفنادق فئة 3 و4 نجوم، حيث شهدت فنادق الثلاث نجوم، نمواً بنسبة 24 %، بينما نمت 8 % غرف فنادق الأربع نجوم. وقامت علامات مثل فنادق روف، بتعزيز وجودها في السوق.
توازن
تمكنت دبي عبر انتهاج استراتيجية تنويع الأسواق من تحقيق توازن وإدارة المخاطر للتخفيف من الآثار الناجمة عن تعرض أي سوق لتحدّيات خاصة. ومع قوة الدولار الأميركي جرى التركيز على منح السيّاح قيمة حقيقية وتجارب متنوعة. ولهذا، لا يتم التركيز فحسب على تحقيق النمو في الأسواق القويّة من خلال تحديد وتطوير مجالات وقطاعات محددة، بل أيضاً الاهتمام بالأسواق المحاذية التي تمتاز بإمكانيات كبيرة للنمو. وتعزيز الجهود والاستثمارات في هذه الأسواق الواعدة من شأنه أن يؤثر إيجاباً ويكون له مردود ملحوظ، مع استقطاب أعداد مهمّة من الأسواق خارج قائمة الـ20.
ثقة كبيرة بالمستقبل المشرق
قال هلال سعيد المري، المدير العام لدائرة السياحة والتسويق التجاري بدبي، إننا على ثقة تامة بمستقبلنا المشرق، حيث تمكّنت دبي من مواجهة التحدّيات العالمية في السنة الماضية، وحافظت على مكانتها في المركز الرابع، ضمن أبرز وجهات مدن العالم للمسافرين الدوليين.
ومع إطلاق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لمؤشر السعادة، فإننا لا نكتفي بأن نقيس قدرتنا على تقديم خدمات تتجاوز توقعات السيّاح فقط، بل ونضمن فيهم روح الولاء لدبي، وأن يصبحوا مروّجين لها.
وأشار إلى أنّ التعاون المثمر مع شركائنا في القطاع السياحي وفي الجهات الحكومية الرئيسة، هو جزء لا يتجزأ من التنمية المستدامة، ونتوقع أن يشهد عام 2017 زخماً أكبر مع ما نبذله من جهود مشتركة، تسهم في تعزيز قدراتنا للمحافظة على مكانتنا الرائدة، وأن نكون دائماً في الصدارة مع ما يحمله العام الحالي من تحدّيات.
وأضاف: «تستمر أسواقنا الرئيسة التقليدية، مثل دول التعاون والهند، والمملكة المتحدة، وألمانيا في رفد دبي بأكثر من 40 % من عدد السيّاح لدينا، ولا نزال ملتزمين بالاستثمار في هذه الدول، حيث تمكّنا من ترسيخ سمعة دبي بها، وأصبحت وجهة مفضّلة للكثيرين».
مشاريع جديدة
ومن الإضافات المميزة للمعالم السياحية لدبي افتتاح «دبي باركس آند ريزورتس»، أكبر وجهة ترفيهية متكاملة في الشرق الأوسط، و«آي إم جي» عالم من المغامرات، أكبر وجهة ترفيهية داخلية في العالم. كما تم افتتاح «دبي أوبرا»، التي تستضيف عروضاً عالمية، وهناك أيضاً التوسعة الجديدة في سيتي ووك. وشهد عام 2016، استثمارات محلية كبيرة في تطوير البنية التحتية المرتبطة بالقطاع السياحي، والتي ستعود بالنفع على دبي خلال الأعوام المقبلة، حيث تجذب المنتزهات الترفيهية الضخمة، شريحة العائلات إلى دبي، بينما يعتبر افتتاح «متحف الاتحاد» و«دبي أوبرا»، وتطوير «منطقة دبي التاريخية» خطوات أوّلية، تستهدف أذواق شرائح محدّدة، تعنى بالثقافة والفن والتراث.