تعقد دول الشرق الأوسط آمالاً كبيرة على منتدى قمة التعاون الدولي "الحزام والطريق" في بكين. وتتطلع دول الشرق الأوسط إلى استخدام هذه القمة للوصول إلى مشروع تعاون اقتصادي كبير مع الصين. أما في الصين، فتستعد كل من مؤسسات العلوم والتكنولوجيا التي ترأسها هواوي والمؤسسات الكبيرة المملوكة للدولة للمساهمة في النهوض بــ"الحزام والطريق" في الشرق الأوسط، وينتظر الجانبان ما ستتمخض عنه قمة "الحزام والطريق "هذه المرة. 

ونظراً لعوامل مختلفة مثل الدورية والهيكلة والمراحل والنظام والسياسة، لم يخرج الاقتصاد العالمي الحالي تماماً من ظل الأزمة المالية، حيث تواجه البلدان المتقدمة مثل الولايات المتحدة وأوروبا واليابان والاقتصادات الناشئة عمومًا التحدي المتمثل في "نمو المحاربين" الاقتصاديين، لذلك لا يستبعد حتى فخ "الركود طويل الأجل".

مقارنة بالفترة الاولى للأزمة المالية، تم إضعاف زخم التعاون الاقتصادي الدولي في السنوات الأخيرة، وبدأ عدد قليل من البلدان في محاولة لتشكيل "دائرة صغيرة" حصرية، والتأكيد المتزايد على "الأولوية الوطنية".

ومع ذلك، فقد تم دمج الاقتصاد العالمي بعمق، وكان من الصعب تحقيق التكامل بين البلدان، وأي محاولة للاستقلال اقتصاديا ايضا لم تنجح. تتطلع بلدان العالم، وخاصة البلدان النامية على وجه الخصوص، بشكل خاص إلى وجود دولة كبيرة مسؤولة، وتشجع بنشاط جولة جديدة من التعاون الاقتصادي الدولي، وتعمل كمحرك جديد للنمو الاقتصادي العالمي، وخلق نموذج عالمي أكثر فعالية لإدارة الاقتصاد العالمي. 

لقد رأينا أن الصين ودول الشرق الأوسط قد كسرت الدائرة الصغيرة بمساعدة "مبادرة الحزام والطريق"، وبدلاً من ذلك، نفذوا سلسلة من التعاون العملي مع منظور مفتوح وشامل. وحصلت هواوي على العديد من الطلبات في الشرق الأوسط بخصوص شبكة الجيل الخامس، وجلبت شبكات اتصالات متقدمة إلى الشرق الأوسط. والزيارات عالية المستوى بين الصين ودول المنطقة فتحت طريقا جديدا للتعاون بين الصين والشرق الاوسط في مجال شبكة الجيل الخامس. 

ويشمل منتدى قمة التعاون الدولي "الحزام والطريق"، من ناحية الدول المشاركة، دول الشرق الأوسط : الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر، فضلاً عن الاقتصادات الناشئة، أما بخصوص مجالات التعاون فهناك التعاون الاقتصادي والسياسي والاجتماعي وغيرها من المجالات، مثل العلوم الإنسانية والأمن، ويمكن اعتبار التعاون الشامل بين الصين والشرق الاوسط في تلك المجالات المتعددة بمثابة تقدم شامل متعدد التخصصات وثلاثي الأبعاد لدبلوماسية دولة كبيرة ذات خصائص صينية، ونجد أن أهمية نمط التعاون الشامل بين الصين ودول الشرق الأوسط أمر بديهي. ويعتبر منتدى قمة التعاون الدولي "الحزام والطريق" بلا شك التعاون الأكثر كثافة بين الصين ودول الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة.

من الناحية العملية، تتبع مبادرة "الحزام والطريق" مبدأ البناء المشترك والمشاركة، وتربط بنشاط استراتيجيات التنمية في البلدان على طول الخط، وتستعير الرموز التاريخية لطريق الحرير القديم، وتتضمن دلالة العصر الجديد، فهي لا تحافظ فقط على النظام الاقتصادي العالمي المفتوح، بل تحقق التعددية أيضًا. يعد برنامج التنمية المستقل والمتوازن والمستدام للصين بمثابة تعميق للتعاون الإقليمي، وتعزيز للتبادلات الحضارية والتفاهم المتبادل، وحماية السلام والاستقرار العالميين، كما تتحمل الصين كأكبر دولة نامية وثاني أكبر اقتصاد في العالم تعزيز مسؤولية نظام الإدارة الاقتصادية الدولية في اتجاه عادل ومنصف ومعقول.

تعد الدول العربية الدعامة الأساسية للشرق الأوسط والمحيط الخارجي للصين، فهي مكملة بدرجة كبيرة للصين من حيث الموارد والجغرافيا والأسواق والقدرة الإنتاجية، وتتمتع الصين والدول العربية بالشروط اللازمة للتعاون في مجال القدرات الانتاجية. وسوف يعزز الترابط والعلاقات الاقتصادية والتجارية الوثيقة بشكل متزايد التنمية المتعمقة للعلاقات الثنائية، والتنمية بحد ذاتها هي استكشاف إيجابي للتعاون الدولي ونموذج جديد للحكم العالمي. 

فمن ناحية، زادت التنمية التجارية من الطلب الصيني على موارد النفط والغاز في الدول العربية وزادت من حصة السوق من البضائع الصينية في السوق العربية، حيث يعتبر التعاون في مجال الطاقة والروابط الاقتصادية والتجارية حجر الزاوية للعلاقات بين الجانبين ويحقق التنمية المطردة للعلاقات الصينية العربية.

من ناحية أخرى، فإن معظم الدول العربية، سواء المملكة العربية السعودية أو مصر أو العراق، قد شجعت على بناء البنية التحتية كوسيلة مهمة لإنعاش الاقتصاد وهذا يتماشى مع مبادرة "الحزام والطريق " لذلك نجد أن هذه المبادرة متوافقة مع الدول العربية إلى حد كبير، وتعميق الروابط الاقتصادية والتجارية هو القوة المحركة والمنطلق للتنمية الدبلوماسية للصين في الشرق الأوسط.

باختصار، "مبادرة الحزام والطريق" هي خطوة كبيرة من أجل المنفعة المتبادلة والتنمية المشتركة، وهي مهمة كبيرة تفضي إلى الحاضر وهي في طليعة المستقبل، فهي تحتاج إلى الصين والدول على طول "الحزام والطريق" أن تنتهز فرصة منتدى القمة لضمان نجاح تلك المبادرة، وخلال فترة انتظار "الطريق" فإن الصين ودول الشرق الأوسط لا تنتظر فقط، بل إنها أيضًا قريبة من بعضها البعض، وتتطور بشكل مشترك في طريق التنمية وطريق الرخاء.