أطلق سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، عضو المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، رئيس مكتب أبوظبي التنفيذي، أمس، استراتيجية أبوظبي الصناعية ترسيخاً لمكانة الإمارة بصفتها مركزاً صناعياً يُعد الأكثر تنافسية على مستوى المنطقة.

وتعتزم حكومة أبوظبي استثمار 10 مليارات درهم من خلال 6 برامج اقتصادية طموحة تسعى إلى مضاعفة حجم قطاع التصنيع في أبوظبي ليصل إلى 172 مليار درهم بحلول العام 2031 عبر تعزيز سهولة ممارسة الأعمال، ودعم التمويل الصناعي، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر.

وستعمل الاستراتيجية عبر برامجها الستة على خلق 13600 فرصة وظيفية تخصصية إضافية مناسبة للكوادر الفنية الإماراتية، وتعزيز تجارة أبوظبي مع الأسواق العالمية، بما في ذلك دعم جهود تنويع الاقتصاد من خلال زيادة حجم الصادرات غير النفطية للإمارة بنسبة 138% لتصل قيمتها إلى 178.8 مليار درهم في أفق العام 2031.

وستسهم مختلف المبادرات التي تتضمنها الاستراتيجية والتي تشمل أيضاً إعداد إطار تنظيمي جديد للاقتصاد الدائري وتبني سياسات وخطط تحفيزية صديقة للبيئة، في المضي قدماً في تعزيز تحول أبوظبي للاقتصاد الدائري والاستفادة من القطاع الصناعي الذي يحفز ويشجع على رفع مستوى المسؤولية في الإنتاج وترشيد الاستهلاك من خلال معالجة النفايات، وإعادة التدوير، والتصنيع الذكي.

تمكين القطاع

من جانبه، أكد معالي الدكتور سلطان الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، أن دولة الإمارات مستمرة بفضل توجيهات القيادة الرشيدة، في تمكين القطاع الصناعي وزيادة تنافسيته، من خلال الاستفادة من الموارد والمزايا والإمكانات المتوفرة، وتنظر دائماً للمستقبل بإيجابية وتبادر ببناء البيئة المرنة والمشجعة على تحقيق أفضل النتائج في هذا القطاع الاستراتيجي.

وبمناسبة إطلاق استراتيجية أبوظبي الصناعية، قال الدكتور سلطان الجابر: تماشياً مع توجيهات القيادة الرشيدة، تحرص وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة على مضاعفة الجهود والاستعداد للمستقبل والمساهمة بكفاءة وفعالية في تنويع الاقتصاد، والاستفادة من المزايا التنافسية لدولة الإمارات وتكامل الأدوار بين كافة الجهات المعنية لبناء قطاع صناعي قوي يرتكز على ممكنات وبنى تحتية ولوجستية وبيئة جاذبة للاستثمارات.

البناء على الإنجازات

وأضاف: تأتي استراتيجية أبوظبي الصناعية الجديدة لتبني على الإنجازات التي حققتها الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة التي أطلقتها الإمارات لتعزيز دور القطاع الصناعي المحلي ومساهمته الاقتصادية، حيث تمكنت الدولة وخلال فترة قصيرة من تطوير منظومتها الصناعية من خلال التركيز على تطوير الصناعات القائمة، وتوفير الإمكانات اللازمة للصناعات المستقبلية، واستقطاب الاستثمارات التي تدعم الصناعات الوطنية. كما تدعم هذه الاستراتيجية مسيرة النمو الصناعي وتساهم في تنمية وتمكين وتأهيل الكوادر الإماراتية، وخلق اقتصاد دائري ذكي وتطوير نظام بيئي مستدام، والاستثمار في تقنيات المستقبل، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، إضافة إلى خلق بيئة أعمال تدعم المستثمرين ورواد الأعمال، من خلال البرامج التحفيزية الجديدة والنوعية مثل ’اصنع في الإمارات‘، بما يعد خطوة عملية رائدة لدفع عجلة النمو الصناعي في الدولة.

وأوضح أن الاستراتيجية الجديدة ستدعم مساعي الدولة لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050 والخطة الوطنية للتغير المناخي، من خلال تعزيز فرص القطاع الصناعي الأخضر وتكامل التصنيع الذكي وبرامج إدارة كفاءة الطاقة.

وقال معاليه: تحظى دولة الإمارات بمزايا عديدة تعزز من مكانتها الرائدة كمركز عالمي للتصنيع والصناعة بما فيها الموقع الجغرافي الاستراتيجي وإمكانيات التصدير والوصول إلى سلاسل التوريد الرئيسية واتفاقيات الشراكة الاستراتيجية، والسياسات والأطر التنظيمية المحفزة وتوفر المواد الخام والطاقة التقليدية والمتجددة، والكوادر المؤهلة، والبنية التحتية المتكاملة للنقل والخدمات اللوجستية المتقدمة وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، وجودة الحياة عالية المستوى ضمن مجتمع متنوع وآمن.

وشدد الدكتور سلطان الجابر على أن تجربة أبوظبي الصناعية المتمثلة في تطوير مناطق متخصصة بأعلى المعايير العالمية ساهمت بشكلٍ كبير في جذب الاستثمارات في قطاعات الصناعة والتصنيع والتكنولوجيا المتقدمة، وأعرب عن ثقته أن استراتيجية أبوظبي الصناعية الجديدة ستحقق خلال الفترة نقلة نوعية في القطاع الصناعي الوطني وسيكون لها أثر إيجابي على الاقتصاد المحلي.

دعم الطموحات الكبيرة

وقال فلاح الأحبابي، رئيس دائرة البلديات والنقل ورئيس مجلس إدارة مجموعة موانئ أبوظبي: تعتبر الاستراتيجية الصناعية لإمارة أبوظبي داعماً رئيسياً للطموحات الكبيرة في الإمارات نحو تطوير استراتيجيات اقتصادية محكمة تسهم بشكل فعال في تحقيق التنمية الاقتصادية وترسيخ مكانة الدولة ضمن قطاعي التجارة والصناعة العالميين.

وأضاف: تعكس هذه المبادرة المهمة رؤية قيادتنا الرشيدة وحرصها على بناء اقتصاد مستدام خلال العقد القادم، إذ إن البناء على الإمكانات الضخمة والتقنيات المبتكرة التي تمتلكها الدولة إلى جانب دفع عجلة تنمية قطاع التصنيع وتنويعه، سيكون له بالغ الأثر في تحقيق أهداف المرحلة المقبلة من تطوير اقتصادنا الوطني المتنوع ما يسهم في الارتقاء بمكانة إمارة أبوظبي والدولة كقوة صناعية عالمية. وفي الوقت الذي يواجه فيه الاقتصاد العالمي الكثير من العقبات والتحديات، فإن الجهود المتواصلة التي تبذلها قيادتنا الرشيدة والرامية إلى دعم القطاع الصناعي في الإمارة تسير بنا إلى الأمام بما يعزز الناتج الإجمالي المحلي غير النفطي وتؤسس في الوقت ذاته منظومة عمل لوجستية وصناعية راسخة تدعم النمو وتوفر العديد من فرص العمل.

7 قطاعات

وسيتم تنفيذ مبادرات جديدة في إطار أهداف الاستراتيجية من أجل دفع عجلة النمو عبر 7 قطاعات صناعية أساسية، هي: الصناعات الكيميائية، وصناعة المكائن والمعدات، والصناعات الكهربائية، والصناعات الإلكترونية، وصناعة المواصلات، والصناعة الغذائية والزراعية، والصناعات الدوائية.6 برامج

تضم الاستراتيجية 6 برامج تسعى إلى دفع عجلة التنمية وتعزيز الابتكار وصقل المهارات وبناء منظومة متكاملة لشركات ومؤسسات التصنيع المحلية وزيادة حجم تجارة إمارة أبوظبي مع الأسواق العالمية وتسهيل عملية الانتقال إلى الاقتصاد الدائري.

الاقتصاد الدائري

ستعمل مبادرة الاقتصاد الدائري على تعزيز النمو الاقتصادي المستدام من خلال رفع مستوى المسؤولية في الإنتاج والاستهلاك، مع إعداد إطار تنظيمي للاقتصاد الدائري لمعالجة النفايات وإعادة التدوير وترشيد الاستهلاك.

الثورة الصناعية الرابعة

ستعمل مبادرة الثورة الصناعية الرابعة على دفع عجلة النمو الاقتصادي من خلال دمج التقنيات والسياسات المتقدمة لتعزيز التنافسية والابتكار، مع دعم من البرامج الأخرى التي تتضمن برنامج تمويل التصنيع الذكي، ومؤشر تقييم التصنيع الذكي، ومراكز الكفاءة التي توفر التدريب وتبادل المعرفة.

تنمية الكفاءات الصناعية

ستقوم مبادرة تنمية الكفاءات والمواهب الصناعية بتقييم كفاءة القوى العاملة، وطرح برامج تطوير المهارات لتلبية متطلبات الصناعات المستقبلية، بالإضافة إلى خلق 13,600 فرصة وظيفية بحلول العام 2031، مع التركيز على المواهب الإماراتية، وتطوير مسارات وظيفية مجزية في قطاع التصنيع.

تطوير المنظومة

وتشتمل عوامل تمكين منظومة القطاع الصناعي على توفير خرائط رقمية وفق نظام المعلومات الجغرافية للبحث عن الأراضي الصناعية وتطبيق برنامج موحّد للتفتيش على ضبط ومراقبة الجودة. كما تركز المبادرة على تعزيز سهولة ممارسة الأعمال من خلال برامج تقديم الحوافز والإعفاء من الرسوم الحكومية وخفض أسعار الأراضي وتقديم منح البحث والتطوير والإعفاء الضريبي.

إحلال الواردات

وستعمل مبادرة إحلال الواردات وتعزيز سلسلة الإمداد المحلية على تعزيز مرونة القطاع الصناعي عن طريق زيادة مستوى الاكتفاء الذاتي ودعم المنتجات المحلية. ويجري حالياً توسيع قائمة أبوظبي الذهبية، والتي تشجع المشتريات الحكومية للمنتجات المصنعة محلياً، مع تسهيل الوصول إلى الأسواق الخارجية من خلال اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة، إضافةً إلى برنامج الاتفاقيات التجارية الثنائية. كما سيتم توريد منتجات الصناعة المحلية في إطار برنامج المساعدات الخارجية والإنمائية المُقدمة إلى الدول المحتاجة.

صندوق للاستثمار

سيتم إنشاء صندوق مخصص للاستثمار في إدارة سلاسل التوريد. بالإضافة إلى ذلك، سيتم تقديم تعويضات لدعم التمويل الصناعي، وتقديم الحوافز لشركاء قنوات التوزيع لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وستعمل برامج تحسين البنية التحتية في العين ومنطقة الظفرة على تعزيز منظومة القطاع الصناعي.

اتفاقيات شراكة

وعلى هامش إطلاق الاستراتيجية، تم توقيع عدة اتفاقيات شراكة في المجال الصناعي، كان أبرزها اتفاقية شراكة بين دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي وشركة «ماي» الإيطالية المتخصصة في تأهيل الكفاءات. وستعمل الدائرة مع الشركة الإيطالية على تعزيز الوعي بالفرص المرتبطة بتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة 4.0.

وتم توقيع اتفاقية بين الدائرة وشركة توف سود الألمانية لتطوير وتقييم الجاهزية الصناعي (I4.0 IR) في إطار تثقيف المؤسسات الصناعية وقياس النضج الحالي في قطاع الصناعة.

تصنيع

وقعت «أدنوك» وشركة فاركو الوطنية لآبار النفط (NOV)، اتفاقية لتوسيع نطاق التعاون بينهما وتوسيع عمليات (NOV) على مستوى الدولة. وتنفيذاً للاتفاقية، ستقوم الشركة بتصنيع المكونات الأساسية المستخدمة للحفر في المرافق الصناعية لأبوظبي. كما وقعت اتفاقية بين «أدنوك» وشركة «انجينيا بوليمرز» التي ستعمل على إنشاء أول منشأة صناعية لها في الإمارات، حيث ستنتج الشركة مواد الأصبغة البلاستيكية ومشتقات البوليمر ومواد الصناعة البلاستيكية التي تستخدمها شركات وطنية «بروج» لإنتاج حلول مبتكرة تعتمد على البولي أوليفين. ونقلت شركة انجينا بوليمر مؤخراً، جزءاً من قدراتها التصنيعية إلى الإمارات، وأسست أول منشأة تصنيع لها في «آيكاد 1».

كيان تمويلي

قال محمد الشرفاء الحمادي رئيس دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي: إن القطاع الصناعي في الإمارة بلغت مساهمته 83.5 مليار درهم في الناتج المحلي الإجمالي لأبوظبي العام الماضي، ما يجعله أكبر القطاعات غير النفطية من حيث المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي.

وقال إن التمويل الصناعي يتطلب وضع أطر جديدة حيث سيتم إنشاء كيان تمويلي للصناعة في أبوظبي خلال المرحلة المقبلة بهدف تمويل الصناعات الكبيرة وتقديم التمويل اللازم للشركات الصغيرة والمتوسطة.