مع عودة الحياة إلى طبيعتها ببطء بعد جائحة «كوفيد 19» وزيادة حجم البيانات بشكل كبير نتيجة للتحول الرقمي وتوظيف تقنيات التعاون والعمل عن بُعد، يرى خبراء أن الحاجة لتأمين البيانات اليوم بشكل مبكر هي أكبر من أي وقت مضى، وأن الشركات في الإمارات باتت تنظر إلى الأمن السيبراني على أنه عامل رئيس لتمكين الأعمال.

ويؤكد الخبراء أن تحول الملايين إلى العمل عن بُعد أثناء جائحة «كوفيد 19»، بوصفه قاعدة رئيسية لعمل معظم موظفي المكاتب، أدى إلى اتساع مساحة سطح الهجمات بشكل كبير، ما أدى إلى إضعاف المحيط الأمني في الشركات. وكشف ذلك عن وجود العديد من الثغرات الأمنية على الشبكة والسحابة والأجهزة وحقوق الوصول، التي تم استغلالها من قبل الجهات الخبيثة لزعزعة استقرار المؤسسات، بما في ذلك المستشفيات والبنوك والحكومات.

وفي عام 2021، أبلغت «تشيك بوينت سوفتوير»، عن زيادة بنسبة 29% في الهجمات الإلكترونية بالإمارات مع زيادة بنسبة 38% في هجمات برامج الفدية مقارنة بعام 2020. ووفقاً لمجلة «سايبر ماغازين»، فقد بلغت تكلفة الهجمات الإلكترونية الخبيثة العام الماضي 6 تريليونات دولار على مستوى العالم من خلال برامج الفدية، وخسارة الإنتاجية، وفقدان البيانات، والإضرار بالسمعة من بين أمور أخرى.

وقال رام نارايانان، مدير «تشيك بوينت سوفتوير» في الإمارات في تصريحات لـ «البيان»: إن التحول الرقمي السريع للأعمال يفرض طلباً متزايداً على حلول متطورة للأمن السيبراني، مؤكداً أن أي اعتماد سريع للتقنيات الناشئة سيكون مضيعة للوقت دون اختيار دقيق ووجود استراتيجية تكامل واضحة للحلول التي يتم توظيفها.

وأضاف: «يحدث التحول الرقمي منذ سنوات، لكن جائحة فيروس كورونا أدت إلى تسريع وتيرته. ومع عمليات الإغلاق الإلزامية ووجود مجموعات سكانية بأكملها عالقة في المنزل، اضطرت المنظمات فجأة إلى تغيير طريقة عملها بشكل جذري. تسارعت جهود التحول الرقمي في الشرق الأوسط بشكل كبير، حيث تبنت الشركات العمل الهجين والعمل عن بعد. واليوم نشهد هجمات إلكترونية غير مسبوقة تُنفذ على شكل هجمات ضخمة واسعة النطاق ومتعددة النواقل تلحق أضراراً كبيرة بالأعمال وسمعتها. ويأتي الانتقال إلى نموذج الأعمال الرقمية مصحوباً بالمخاطر. لقد فتح التحول الرقمي الأبواب على مصراعيها لمجرمي الإنترنت الذين يستثمرون وقتهم ومواردهم لاستغلال جميع الثغرات في الأمن السيبراني. وهنا ننصح بأنه لا ينبغي إجراء أي مناقشة حول الحلول الرقمية دون مراعاة الأمن السيبراني».

أولويات

وتعد مجالات مثل «البنية التحتية كخدمة» و«المنصة والوظائف كخدمة»، بالإضافة إلى عمليات الترحيل إلى موفري السحابة العامة في مقدمة أولويات مسؤولي التكنولوجيا في الشركات، لما لها من تأثير على مجال الأمن السيبراني بطرق مهمة للغاية. ويضيف نارايانان: «في «تشيك بوينت سوفتوير»، نهدف إلى دعم هيكلة المؤسسات بهدف تطوير استراتيجية مناسبة لجميع مراحل رحلة التحول الرقمي. وتدرك «تشيك بوينت» أن التحول السحابي هو مهمة معقدة، وتعرف القيمة التي يضعها عملاؤنا في ورش الهيكلة الخاصة بنا، لهذا السبب تقدم «تشيك بوينت» خدمة استشارات أمان التحويل السحابي المصممة خصيصاً حول التحول السحابي. وتوفر هذه الخدمة منصة فعالة وشاملة لنقل برامج أمن الشركات إلى مستقبل رقمي».

وحول خطط «تشيك بوينت سوفتوير» لهذا العام في الإمارات، قال: «الإمارات هي في طليعة تبني التقنيات الحديثة وأخذ زمام المبادرة في التحول الرقمي لتحويل المفاهيم إلى واقع. وكل ما يهم المنظمات هو أمان بياناتها وإيجاد تقنيات يمكنهم الاعتماد عليها في ذلك. وتعمل «تشيك بوينت سوفتوير» على إحداث تأثير وتغيير لعبة الأمن السيبراني في المنطقة من خلال سلسلة من الاستراتيجيات الجديدة. ونعتقد أن هذا سيعيد تشكيل مشهد الأمن السيبراني نحو خطط أفضل وأكثر ذكاءً لتطوير منتجات وتجارب وعقلية جديدة. وللتأكيد على هذا الاتجاه الجديد أطلقت «تشيك بوينت سوفتوير»، هذا العام شعارها الجديد «أنت تستحق أفضل أمان». مع هذه العقلية الجديدة، فنحن ننمو باستمرار ونستمر في الاستثمار مع المزيد من الموارد في المنطقة. نحن نتوسع في الإمارات من خلال الاستثمار في قنوات بيع إضافية وتوظيف فرق فنية للتواصل باستمرار مع أصحاب المصلحة لدينا وتثقيفهم حول مشهد التهديدات الحالي وكيف يمكن أن تكون حلولنا ذات قيمة لمنظماتهم. ويهدف برنامج «تشيك بوينت سوفتوير» إلى تزويد أي مؤسسة بالقدرة على إجراء أعمالها على الإنترنت بأعلى مستوى من الأمان. هدفنا على المدى الطويل هو توسيع نطاق وصولنا في المنطقة من خلال تقديم حلولنا للشركات في القطاعين العام والخاص، والاستمرار في تقديم رؤيتنا المركزة في مشهد التهديدات الإلكترونية في الإمارات والمنطقة بشكل عام».

اتجاهات

وبالنظر إلى المستقبل، أصبحت المنظمات تدرك المخاطر وتتأكد من أن الأمن السيبراني أصبح عاملاً ممكناً للأعمال، كما أن توفر الحلول المتطورة القادرة على منع غالبية الهجمات أصبح ممكناً بدون تعطيل تدفق الأعمال. تمكنا من اختراق عملاء جدد عبر القطاعات، وتوسيع حصة محفظتنا في الحسابات الحالية من خلال اعتماد تقنيات جديدة في الأمن السحابي، واكتشاف ثغرات المستخدمين النهائيين والاستجابة لها، وتعزيز أمن الأجهزة المحمولة والوصول إلى شبكة الثقة الصفرية، وتعزيز أمن البريد الإلكتروني، بالإضافة إلى منصة «مايسترو»، القابلة للتطوير التي تلبي متطلبات الإنتاجية العالية.

مكوّن أساسي

وأكد آلان بينيل، نائب الرئيس الإقليمي في «فورتينت»، أن نشر الأمن السيبراني بوصفه مكوّناً أساسياً لمبادرة التحول الرقمي يجب أن يكون أولوية وليس فكرة لاحقة، ويجب أن يتم منذ بداية رحلة التحول الرقمي، مشيراً إلى أن اعتماد حلول متعددة يمكن أن يجعل تكامل نظام الأمن السيبراني أكثر صعوبة. وأوضح: «يمكن أن يكون لأدوات الأمان المنعزلة أو غير المتكاملة بشكل جيد آثار خطيرة عند تطبيقها على بيئات الشبكات الموزعة والديناميكية اليوم، حيث يؤدي توسع البائعين والأجهزة إلى خلق تحديات في الرؤية والتحكم واكتشاف التهديدات والاستجابة».

وأشار بينيل إلى أن امتلاك منصة متكاملة للأمن السيبراني جنباً إلى جنب مع بنية حوكمة تقنية منظمة مع أمان متخصص مدمج سيساعد الشركات على تطوير أعمالها الرقمية مع تأمينها أيضاً.

وحول تغيّر التأثير الاقتصادي للهجمات الإلكترونية بعد كوفيد، قال بينيل: «للأسف، وفّرت الجائحة لمجرمي الإنترنت فرصة لتكثيف أنشطتهم الإجرامية من خلال استغلال ضعف دفاعات الموظفين الذين يعملون من المنزل، والاستفادة من اهتمام الناس القوي بالأخبار المتعلقة بالوباء. ولا يزال مجرمو الإنترنت اليوم مبدعين وأكثر شراً في نهجهم. النبأ السار هو أن حلول الأمن تتطور أيضاً مع اعتماد التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي في مراقبة التهديدات الواردة الجديدة والتصدي لها استباقياً. هناك اتجاه كبير آخر سرّعته جائحة «كوفيد 19» كذلك، باعتباره الوضع الطبيعي الجديد، ألا وهو وجود تغييرات في كيفية توظيف المنظمات للأشخاص الذين يقومون بعمل الشركة وإدارتها والاحتفاظ بهم. هذا صحيح في جميع الإدارات، ولكن ربما يكون صحيحاً بشكل خاص مع الأمن السيبراني، حيث نتعامل مع نقص مستمر في المهارات».