تعد «الدرونز» الوافد الجديد على صناعة البناء، حيث يمكن الاستفادة منها في عمليات مسح المواقع وتحسين البنية التحتية من خلال التقاط وتحليل البيانات وتعزيز كفاءة الاتصال والأمن في الموقع، وغيرها، ما يعزز الكفاءة ويخفض التكاليف.
توقعت دراسة لشركة «موردور إنتيليجنس» للأبحاث أن تحتل الإمارات صدارة سوق «الدرونز»، وهي الطائرات بدون طيّار، في المنطقة الذي يبلغ حجمه حالياً حوالي 0.88 مليار دولار (3.2 مليارات درهم) والمتوقع أن يسجل نمواً بنسبة 14% بين أعوام 2022 و2027، فيما ذكرت الدراسة أن التحول الرقمي الحاصل في صناعة البناء في الدولة يفتح في هذه الآونة فرصاً كبيرة للمستثمرين لدعم الصناعة بتقنيات ناشئة من أهمها «الدرونز» أو الطائرات بدون طيّار التي يتوقع أن يسجل سوقها عالمياً أكثر من 58 مليار دولار بحلول 2026.
ويتصدر قطاع الإنشاءات المتوقع أن يصل حجم سوقه في الإمارات إلى 133.53 مليار دولار بحلول 2027، بنمو سنوي مركب نسبته 4.69% حتى 2027، تبني استخدامات الدرونز حسب الدراسة التي قالت إن مبيعات الطائرات بدون طيار ستشهد زيادة خصوصاً مع الضوابط الحكومية المواتية والاعتماد المتزايد للطائرات بدون طيار في العديد من التطبيقات، علاوة على ريادة الإمارات إقليمياً في تبني استخدام البيانات والذكاء الاصطناعي وغيرها من التقنيات الناشئة.
وحدد خبراء في تصريحات لـ «البيان» عدداً من أهم الطرق التي يتم من خلالها الاستفادة من الدرونز في صناعة الإنشاءات. وقال الدكتور أنس باتاو، مدير مركز التميز في البناء الذكي في جامعة «هيريوت وات دبي»: إن السنوات القليلة الماضية كانت استثنائية بالنسبة لصناعة البناء، حيث أثر استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، والتعلم الآلي، بشكل إيجابي على القطاع ودعم نموه. ومع ذلك، كانت الصناعة بطيئة في تبني التقنيات الرقمية الجديدة وفي مقدمتها المركبات الجوية غير المأهولة مثل الطائرات بدون طيار التي يمكن أن تلعب دوراً رئيسياً في مستقبل واحدة من أسرع الصناعات نمواً على مستوى العالم.
وتوفر الطائرات بدون طيار للعاملين في البناء عرضاً علوياً لمواقع العمل والأشخاص والمواد والآلات المستخدمة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمطورين والمقاولين استخدام الطائرات بدون طيار لتسجيل الصور ومقاطع الفيديو التي تساعد في تحسين كل شيء بداية من خطط الدرجات والعمليات إلى ظروف عمل الأشخاص والأجواء بشكل عام.
ويظهر تقرير صادر عن شركة ماكينزي أن صناعة البناء تواجه تحديات كثيرة بسبب عدم الكفاءة. على سبيل المثال تستغرق مشاريع البناء الكبيرة عادةً 20% وقتاً أطول من المتوقع حتى تكتمل وتزيد بنسبة تصل إلى 80% عن الميزانية. نظراً لأن مواقع البناء توفر الكثير من البيانات، فإن المطورين والمقاولين سيستفيدون من البيانات التي يتم جمعها بواسطة الطائرات بدون طيار.
كما يمكن أن يتم تجهيز الطائرات بدون طيار بأجهزة استشعار مواجهة للأسفل، مثل RGB أو متعدد الأطياف أو حراري أو LIDAR، مما يساعدها على التقاط قدر كبير من البيانات الجوية في فترة أقصر، مما قد يستغرقه الأشخاص يدوياً. علاوة على ذلك، فإن الأداة التي يعتمد عليها مراقبو الموقع عادة عند تحديد ملامح موقع البناء هي خرائط ثنائية الأبعاد. ولكن هناك احتمالات كبيرة لأن تكون تلك الخرائط غير دقيقة أو قديمة بسبب التغييرات التدريجية المختلفة التي قد تكون حدثت على أرض الواقع، مما قد يؤدي إلى أخطاء كارثية ومكلفة تتطلب التغيير عند مرحلة متقدمة من المشروع.
وأضاف باتاو: «تلتقط الطائرات بدون طيار الصور من زوايا عديدة. ومن خلال هذه الصور، يقوم البرنامج بإنشاء خرائط ثنائية وثلاثية الأبعاد مع معلومات تحديد الموقع الجغرافي والخرائط التي تم تطويرها من خلال هذه الصور تسمح بقياسات دقيقة للمسافات والأسطح والارتفاعات والأحجام.
كما أن مراقبة سير الأعمال في الموقع أسهل نسبياً باستخدام الطائرات بدون طيار. كما يسمح أيضاً لمديري الموقع بمتابعة المسار الكامل للعمل الذي يتم إنجازه وإكماله ويمكّن المديرين أيضاً من إجراء دراسات استقصائية منتظمة لملف المشروع».
فرص
من جانبه قال وسيم موفق الخاني، خبير التصوير الجوي والمساحي: إن تقنيات التصوير الجوي أخذت مؤخراً تحل شيئاً فشيئاً مكان الأساليب التقنية التقليدية في الهندسة والطبوغرافية، وذلك لأسباب متعددة وكثيرة تجعل من تقنيات التصوير الجوي بواسطة الطائرات المسيرة بالتحكم (درونز) الخيار الأفضل والأسرع والأكثر توفيراً.
وأشار الخاني إلى أن تقنيات التصوير الجوي تستخدم اليوم جميع أشكال الطائرات المسيرة بالتحكم من المروحية بأنواعها رباعية وسداسية وثمانية المراوح، إلى الطائرات ذات الجناح، حيث يتم تزويد كلا النوعين بكاميرات متعددة الوظائف.
استخدامات
وأضاف: «تقوم الدرونز اليوم بواسطة التصوير الجوي واستخدام خوارزميات لاحقة بالعديد من المهمات الهندسية الصعبة بسهولة فائقة، كالتصوير الجوي الطبوغرافي لمساحات واسعة من الأراضي بغرض تحديدها أو رسم المخططات عليها أو تحديد الوضع الراهن فيها بشكل مرجعي، وتصوير الأبنية والمنشآت القائمة كالمواقع الأثرية من الأعلى والجوانب لإعادة إنشائها بنماذج ثلاثية الأبعاد لأغراض التوثيق أو الترميم وغير ذلك، وتصوير الأماكن المتضررة في الحروب أو المناطق المهدومة لتحديد الأضرار وحساب الكتل للأبنية المنهارة. كما تستخدم الدرونز في الصناعات العملاقة كمصانع الأسمنت والمقالع والمجابل لقياس المخزون من المواد الأولية الواردة والصادرة، والتي تكدس عادة بشكل جبال محيطة بالمعامل، حيث يصعب وزنها ويقوم المهندسون بقياسها حجماً عن طريق الأجهزة المساحية وهي عملية مرهقة وطويلة وخطرة أحياناً، تحل فيها الدرونز مكان العامل البشري فتنجز في ساعة ما ينجزه العامل في أسابيع».
انتشار
وقد انتشرت الشركات الصانعة للطائرات والشركات المخدمة لتقنيات التصوير حول العالم وعلى الفضاء الافتراضي، وتعددت النماذج من الطائرات الكبيرة المرتفعة الأثمان المزودة بعدة كاميرات حرارية وضوئية وطيفية، لتقوم بتصوير طبقات الأرض والأهداف الحرارية والتصوير الليلي والتصوير البعيد، إلى درونات صغيرة تستخدم للتصوير الضوئي فقط، بأسعار منخفضة، مع برامج كمبيوتر مناسبة تستفيد من الصور في رسم مخططات ثنائية البعد ونماذج ثلاثية الأبعاد للأراضي والمنشآت التي يتم مسحها وتصويرها من الجو.
وأضاف الخاني: «يمكن باستخدام الدرون كذلك التقاط صور متتابعة للأرض بواسطة برامج سيطرة تعمل على تطبيق شبكة مربعات افتراضية تطير الدرون وفقها لتلتقط صورة في كل نقطة بشكل مؤتمت وفق خوارزمية تأخذ بعين الاعتبار تشويه عدسة الدرون وتداخل الصور الجوية أفقياً وعمودياً، ثم تصور عدد من الصور المائلة حتى يتم الاستفادة من الظلال والتباين لرسم المخططات ثلاثية الأبعاد التي تستخدم في صناعة الإنشاءات».