أكّدت مريم المنصوري، مدير عام شركة «ريباوند» المحدودة، أن التقنيات الناشئة تلعب دوراً مهماً في مساعدة الدول على الانتقال من نموذج الاقتصاد الخطي إلى نموذج الاقتصاد الدائري المتجدد عبر مختلف القطاعات، وذلك من خلال تمكين الشركات والحكومات من اتخاذ قرارات أكثر وعياً وفق رؤى واضحة ومستنيرة فيما يتعلق باستخدام الموارد وتقليل النفايات وإعادة التدوير.

وكشفت المنصوري أن «ريباوند» تعمل حالياً على إصدار النسخة الجديدة 2.0 من منصة «ريباوند» والتي ستسخّر أحدث التقنيات لإنشاء متجر شامل للمواد البلاستيكية المعاد تدويرها، ما يوفر بوابة دولية مركزية تمكّن أصحاب المصلحة العالميين من تداول المواد الأولية البلاستيكية المعاد تدويرها على نحو أكثر كفاءة، متوقعة إطلاق النسخة الجديدة من المنصة خلال النصف الثاني من العام الحالي.

وأوضحت في تصريحات خاصة لـ«البيان» أن التقنيات الناشئة، مثل الذكاء الاصطناعي و«بلوك تشين» وإنترنت الأشياء، قادرة على إعادة تشكيل قطاع إعادة تدوير البلاستيك، من خلال تعزيز مستوى الشفافية على امتداد سلاسل التوريد، إضافة إلى إمكانية التتبع والمساءلة. وتُستخدم هذه التقنيات الجديدة لتحديد وفرز المواد القابلة لإعادة التدوير بدقة أكبر، إلى جانب مراقبة جودة وكميات المواد المعاد تدويرها، وتتبع حركتها على طول سلسلة التوريد.

وقالت: «نعتقد أن التقنيات الناشئة ستساهم في رسم ملامح الامتثال التنظيمي والاستدامة في المنطقة والعالم ككل. على سبيل المثال، يمكن تسخير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بسلوكيات المستهلكين وإطلاق حملات أكثر استهدافاً لإعادة التدوير أو استخدام تقنية بلوك تشين لتتبع حركة البلاستيك المعاد تدويره بدايةً من عمليات التجميع مروراً بالمعالجة ووصولاً إلى التصنيع».

1.33 مليون طن

وأشارت المنصوري إلى أن كمية النفايات البلاستيكية التي تنتجها دول المنطقة آخذة في الازدياد، إذ شهد عام 2020 وحده دخول نحو 1.33 مليون طن متري من النفايات البلاستيكية غير المدارة بشكل جيد إلى المحيط قادمة من الخليج، لافتة إلى أن ذلك يمثّل تحدياً لأهداف الاستدامة في دول مجلس التعاون الخليجي، ويحتّم الحاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتنفيذ استراتيجيات فعالة لإدارة النفايات وتعزيز ممارسات الاقتصاد الدائري. ويعد التعاون بين الحكومات والشركات والأفراد أيضاً أمراً بالغ الأهمية في معالجة هذه المشكلة والحفاظ على الموارد الطبيعية في المنطقة للأجيال القادمة.

وأردفت قائلة: أعتقد أن الحكومات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي بدأت في إدراك القيمة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي ينطوي عليها قطاع إعادة تدوير البلاستيك. على سبيل المثال، حددت الإمارات هدفاً يتمثل في تحويل 100% من النفايات بعيداً عن مكبّات النفايات بحلول عام 2030، بالإضافة إلى ذلك، يتم سن تشريعات لإدارة وتنظيم المعايير والممارسات التشغيلية لمرافق إدارة النفايات، والتي تؤدي في نهاية المطاف إلى تكثيف الجهود لتقليل التأثير البيئي وتعزيز مفاهيم إعادة التدوير. وبالتالي، فإن الحكومات تسير على الطريق الصحيح نحو تغيير تصوراتها للمواد البلاستيكية.

فرص اقتصادية

وأوضحت مريم المنصوري أن قطاع إعادة تدوير المواد البلاستيكية يوفر فرصاً اقتصادية كبيرة وواعدة في الإمارات والمنطقة والعالم، نظراً لكون البلاستيك يمثّل في حد ذاته مادة نظيفة ومتعددة الاستخدامات. ومع ذلك، يمكن أن تكون عملية إعادة تدوير المواد البلاستيكية معقّدة ومكلفة، وتتطلب استثمارات كبيرة في مجال التكنولوجيا والبنية التحتية. بالإضافة إلى ذلك، فإن زيادة الوعي العام والمشاركة في برامج إعادة التدوير يُعد أمراً بالغ الأهمية لنجاح مبادرات إعادة تدوير البلاستيك.

وأضافـت: عندما يتم الاحتفاظ بالمواد البلاستيكية داخل الاقتصاد وبعيداً عن البيئة، فإنها توفر فرصاً اقتصادية تصل إلى مليارات الدولارات. ويمكن للشركات المشاركة في عملية فرز المواد البلاستيكية بدايةً من مصدرها، إضافة إلى تجميعها، وفصلها، ومعالجتها (إعادة التدوير) وتوزيعها وفقاً لمتطلبات واحتياجات المستخدم النهائي (المشتري). ومن خلال المشاركة في هذه الخطوات، يمكن للشركات تقليل تأثيرها البيئي والمساهمة في ضمان مستقبل أكثر استدامة. بالإضافة إلى ذلك، قد تستفيد الشركات أيضاً من توفير التكاليف وتعزيز سمعتها بين أوساط المستهلكين الذين باتوا يثقون بالشركات التي تعطي الأولوية للممارسات الصديقة للبيئة.

ولتلبية هذه المتطلبات، طورت شركة «ريباوند» منصة لتداول البلاستيك المعاد تدويره «ريباوند بلاستيك إكستشينج»، وهي أول منصة لتداول المواد البلاستيك مضمونة الجودة، مع مراعاة اللوائح والتوصيات الدولية مثل اتفاقية بازل.

ومن المتوقع أن تصل قيمة سوق إعادة تدوير البلاستيك حول العالم إلى 46 مليار دولار بحلول عام 2025. وفي منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، تقدر إمكانيات السوق المحلية بنحو 0.97 مليون طن ومن المتوقع أن تصل إلى 1.5 مليون طن بحلول عام 2030. ويمثل هذا النمو في إمكانات السوق المحلية فرصة كبيرة للشركات للاستثمار في ممارسات الإدارة المستدامة للنفايات والمساهمة في تعزيز مفاهيم الاقتصاد الدائري. وللاستفادة من هذه الإمكانيات والفرص، هناك حاجة إلى زيادة الاستثمار في البنية التحتية لإعادة التدوير، وبرامج التعليم والتوعية، والدعم الحكومي.

فوائد متعددة

وأوضحت المنصوري أن اعتماد نهج دائري في قطاع إعادة تدوير البلاستيك يمكن أن يوفر فوائد متعددة لحكومات المنطقة تشمل الجوانب الاقتصادية والبيئية والاجتماعية. ويمكن لدولة الإمارات بناء مستقبل أكثر استدامة ومرونة من خلال الحد من النفايات، والحفاظ على الموارد، وتعزيز ممارسات الاستدامة. ويمكن لنموذج الاقتصاد الدائري في قطاع إعادة تدوير البلاستيك أن يولد فرصاً اقتصادية ووظائف جديدة في الإمارات.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن لصناعة إعادة التدوير أن توفر مصادر إيرادات جديدة من خلال بيع المواد القابلة لإعادة التدوير، وبالتالي المساهمة في دفع عجلة النمو والتنويع الاقتصادي. كما يساهم النهج الدائري في مجال إعادة تدوير البلاستيك أيضاً في الحد من كميات النفايات البلاستيكية التي ينتهي بها الأمر في مدافن النفايات أو البيئة المحيطة بنا، وبالتالي تقليل التلوث وحماية النظم البيئية وتقليل البصمة الكربونية الناجمة عن إنتاج البلاستيك.

وأضافت: «يساهم النهج الدائري في قطاع إعادة تدوير البلاستيك في دعم أهداف الاستدامة الوطنية لدولة الإمارات ومساعدة الدولة في الوفاء بالتزاماتها الدولية للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ومكافحة آثار التغير المناخي. ولا ينبغي أن ننسى أيضاً أن تعزيز نماذج إعادة تدوير البلاستيك، يساهم في ترسيخ مكانة الإمارات والتزامها بتبني مبادئ الاقتصاد الدائري وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وخصوصاً مع إعلان دولة الإمارات 2023 (عاماً للاستدامة).

طلب السوق

يشهد الطلب على المواد البلاستيكية المعاد تدويرها تزايداً ملحوظاً حول العالم، مدفوعاً بنمو الطلب من جانب المستهلكين الذين يبحثون عن خيارات أكثر استدامة من جهة، ومن جانب الشركات في العديد القطاعات من جهة أخرى، والتي تبحث عن استراتيجيات فعّالة من حيث التكلفة لحماية وتعزيز سمعة علامتها التجارية. وفي الواقع، من المتوقع أن يزداد طلب السوق على المواد البلاستيكية المعاد تدويرها بمتوسط نمو سنوي مركب يبلغ 6.5 % بين أعوام 2021 و2025، ما سيؤدي بالنتيجة إلى زيادة اتجاهات تداول المواد البلاستيكية المعاد تدويرها في غضون السنوات الخمس المقبلة.

وهناك مساران اثنان يدفعان الطلب على إعادة تدوير البلاستيك، يرتبط المسار الأول بتوجه المستهلكين نحو تبني خيارات أكثر استدامة في أنماط حياتهم نتيجة زيادة الوعي بالسلامة البيئية، بينما يتعلق المسار الثاني بالصناعات والمصنعين الذين يبحثون عن طرق إنتاج بديلة للحد من التكاليف البيئية.وتسهم منصة «ريباوند» ذات الخصائص الرقمية في تعزيز ممارسات الاستدامة من خلال تشجيع استخدام المواد البلاستيكية المعاد تدويرها وتسهيل وصول المشترين والبائعين حول العالم إلى المواد الأولية البلاستيكية المعاد تدويرها. وتوّفر المنصة كذلك سجلات تتسم بالشفافية لجودة وأصل المواد البلاستيكية المتداولة، ما يسمح للمشترين بتتبع شحنات المواد البلاستيكية والتحقق من جودة المواد المتداولة والتي يتم شراؤها.