ينشئ عدد متزايد من مديري الثروات في آسيا مكاتب في دبي مستفيدين من تحسن العلاقات الدبلوماسية بين الصين والشرق الأوسط، ويراهنون على زيادة الطلب من العملاء من أجل التنويع الجغرافي.

وقال مديرو الثروات إن دبي، وهي مركز مالي رئيسي في منطقة الخليج، تبرز بوصفها مركز ثروة مفضلاً للعديد من رجال الأعمال والأسر الغنية في آسيا، وخاصة الصين، إذ يتطلعون إلى الاستفادة من السياسات المواتية وتوسيع أعمالهم.

وقال تشينغ بان، المدير المالي لشركة نوح القابضة، وهي واحدة من أكبر شركات إدارة الثروات في الصين التي تشرف على نحو 23 مليار دولار من أصول العملاء، إن الشركة تتوقع على سبيل المثال الحصول على رخصة تجارية في دبي بحلول نهاية هذا العام.

وأضاف أن مكتب دبي سيخدم رجال الأعمال الصينيين الذين يؤسسون أعمالهم في هذا السوق.

وقال إن «استراتيجية نوح هي تتبع نمو ثروات العملاء؛ ولهذا السبب سيتعين علينا أن نكون هناك ونعتني بالثروات المولدة محلياً»، مضيفاً أن الشركة تخطط لإرسال بعض الموظفين من الصين أولاً، وتعيين موظفين محليين في وقت لاحق.

وتابع: «يبحث العديد من رواد الأعمال الصينيين عن أسواق جديدة وتنويع سلاسل التوريد الخاصة بهم، والعديد منهم متحمسون للفرص التي يوفرها الشرق الأوسط».

وتتزايد أهمية الشرق الأوسط بالنسبة لبكين مع توتر علاقاتها مع واشنطن وسط خلافات حول مجموعة من القضايا التي تتراوح بين التجارة والتكنولوجيا إلى حقوق الإنسان وتايوان.

أسباب 

وأسهم الانتعاش الاقتصادي بعد جائحة «كوفيد 19»، والموقف السياسي المحايد، وسهولة ممارسة الأعمال التجارية، والمناطق الزمنية الملائمة، والإعفاء من الضرائب، في جذب الشرق الأوسط أعداداً كبيرة من الأثرياء في السنوات الأخيرة.

وقدمت الإمارات في الآونة الأخيرة حوافز مثل نظام «التأشيرة الذهبية». وأطلقت دبي «مركزاً للثروات العائلية» العام الماضي لمساعدة الأفراد والشركات الأثرياء على التعامل مع الأمور الثقافية والحوكمة.

ونتيجة لذلك، يتطلع مديرو الثروات الغربيون، بما في ذلك بنك لومبارد أودييه السويسري الخاص، إلى توسيع حضورهم التجاري في المنطقة للاستفادة من تدفق المغتربين وتزايد عدد الأفراد الأثرياء.

فرص الاستثمار

وفي آسيا، كانت هونغ كونغ وسنغافورة منذ فترة طويلة أكثر مراكز الثروة الخارجية تفضيلاً للأفراد الأثرياء، لكن مديري الثروات قالوا إن بعض العملاء يتطلعون الآن إلى التنويع في أسواق أخرى واستكشاف فرص استثمارية جديدة.

ووفقاً لتقرير الثروة لعام 2023 الصادر عن شركة كابجيميني، انخفض العدد العالمي للأفراد أصحاب الثروات العالية بنسبة 3.3 بالمئة ليصل إلى 21.7 مليون في عام 2022، لكن عدد الأثرياء في الشرق الأوسط ارتفع بنسبة 2.8 بالمئة في العام نفسه.

وشهدت دولة الإمارات العربية المتحدة أعلى تدفق صافٍ لأصحاب الملايين في العالم في عام 2022، وتشير التقديرات إلى أنها تلقت تدفقاً صافياً قدره 4500 من الأثرياء في عام 2023، وفقاً لبيانات من شركة هنلي آند بارتنرز الاستشارية للثروات والهجرة ومقرها دبي.

ومراهنة على هذا الاتجاه، أنشأت شركة فارو كابيتال، وهي شركة متعددة الأسر ومقرها سنغافورة، مكتباً لها في دبي الشهر الماضي. وقال باتريك تسانغ، رئيس مجلس إدارة مجموعة تسانغ العائلية ومقرها هونغ كونغ، إن الشركة تخطط لإطلاق مكاتب جديدة في أبوظبي والرياض بالمملكة العربية السعودية هذا العام بعد تأسيس كيان لها في دبي في عام 2022.

وتخطط لاندمارك فاميلي أوفيس ومقرها هونغ كونغ أيضاً لإنشاء مكتب في دبي في الأشهر المقبلة. وقال كاميرون هارفي، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة لاندمارك: إن مكتب الشركة في دبي سيتم استخدامه لمساعدة العملاء المقيمين في الصين وجنوب شرق آسيا وأستراليا في العثور على فرص استثمارية في الشرق الأوسط.

وكشفت دراسة حديثة أجريت على 76 مكتباً فردياً ومتعدد العائلات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، أجرتها شركة كامبدن ويلث آند رافلز فاميلي أوفيس، أن متوسط ​​تخصيص الأصول لمنطقة الشرق الأوسط يبلغ واحداً بالمئة فقط، بينما يخطط سبعة بالمئة من المشاركين لزيادة ذلك.

وقال مانيش تيبروال، المؤسس المشارك لشركة فارو كابيتال السنغافورية: «نعيش في أوقات مثيرة للاهتمام للغاية، حيث أصبحت الجغرافيا السياسية أكثر أهمية للعائلات من أي وقت مضى»، مضيفاً أن سعي دبي لتنظيم الأصول الافتراضية ونظام التأشيرات الذهبية، من بين أمور أخرى، عزز جاذبيتها.