عرف الطب الشعبي في الإمارات منذ القدم، فكان الأهالي يعتمدون على الأدوية الشعبية والأعشاب للتداوي، وظل الطب الشعبي في الإمارات يمارس خلال القرون الماضية وحتى مطلع الستينيات من القرن الماضي، حتى ظهر الطب الحديث وتم استحداث المستشفيات وصناعة الأدوية الحديثة، ورغم الحضارة والبدائل الطبية الحديثة إلى أن الطب الشعبي مازال يحظى بشعبية كبيرة في دولة الإمارات.
وارتبط الطب الشعبي في الإمارات بتجارب شعبية متوارثة في طرق العلاج والشفاء، وهو في مكوناته يرتبط ببيئة الإمارات، والفكر الإنساني الذي تشكلت ملامحه الحضارية وأصوله من الحضارة العربية والإسلامية العريقة، وهو جزء من الطب الشعبي العربي الذي مر بمراحل تاريخية عديدة حتى تبلورت فنونه وخصائصه. وكان القائمون على العلاج الشعبي في الإمارات، هم: المطوع – الحوّاج ( العشّاب – العطّار ) – الكوّاي – المجبّر – المختّن ( الحلاّق أو المحسّن أو المزيّن ) – الحجّام – الجرّاح – الكحّال – المسّاح – المرفّع (معالج اللوز) – الداية.
لكل علة دواء
استخدم العلاج الشعبي في علاج مختلف أنواع الأمراض التي كانت شائعة في السابق، فكان يعالج مرض «خاز باز» وهو من الأمراض المعدية، التي تصيب الأطفال والصبيان ويؤدي إلى انتفاخ وجه المريض مسببًا ألمًا شديدًا في الخدين والرأس والحلق، بواسطة دواء يتكون من المغر والصبر؛ حيث يخلط المغر مع الصبر وقليل من الماء ثم يوضع على الانتفاخ بغرض العلاج. أما آلام الأسنان، فكانت تعالج على حسب نوع المشكلة فالأسنان التي تحتوي على ثقب أو «غار» من أثر التسوس كانت تعالج عن طريق وضع قطرات من «عرق المسمار» على قطنة تثبت داخل الثغرة، وتوضع قطعة صغيرة من العنبر لسد الثغرة، وقد يلجأ المعالج إلى خلع الأسنان بواسطة خيط من النايلون يسمى «خيط بريسم»، أو يستعمل أداة حديدية مثل «البكر»، وبعد الخلع توضع قطعة من الملح لإيقاف النزيف. وفي حالات الإمساك وآلام البطن، كان يستخدم نبات «جيثوم» الذي يخلط معه الليمون الجاف ثم يطحن ويغلى على النار ثم يرد ويعطى للمريض. وللحبة السوداء أهمية كبيرة في الطب الشعبي الإماراتي، حيث يعالجون به دوار الرأس بعد غليه على النار مع الماء ثم يدق ويوضع في قماش ثم يستنشق، وكان أيضاً يحرق تحت المرأة النفساء والأطفال الرضع.
واستخدم «الوسم» لعلاج عِرْق النسا، الذي يظهر هذا المرض على شكل آلام شديدة لا تُنسى تصيب مفصل الورك والفخذين، ويعالج بالوسم على رسغ القدم، وموضع الألم.
ولأمراض العيون وعلى وجه التحديد «رمد العيون» الذي يظهر على شكل حبوب صغيرة في جفن العين، وقد تصاحبها حكة واحمرار في العين، وتدفق الدموع منها، كان يعالج بدواء«مرخوش» أو «القرمز» أو «الكحل» أو «الشب الأبيض».
أمراض البطن
ولمرض عرق الرضاخ (السرة)، الذي يظهر على شكل آلام شديدة في الجانب الأيسر وفي منطقة السرة من البطن، بحيث يمتنع المصاب عن الأكل، ويصاب بالغثيان والتقيؤ، كان يعالج بالكيّ بمخباطين فوق السرة، وقد يعالج بالتدليك أو النوم على فنجان فارغ، ويدلك بطن المريض بالرماد والملح، ويعالج أيضاً بشرب الزنجبيل أو الزعتر. ويستخدم أيضاً نبات «الخيل» ذو اللون البني صلب الملمس لعلاج آلام البطن، وأيضا يستخدم كوقاية عن الأمراض البسيطة مثل الزكام. أما «الحلول» فهو يستخدم في تنظيف البطن وتخفيف آلام الإمساك.
نزلات البرد
لأمراض الزكام والرشح، كان يستخدم الزعتر وهو نبات أخضر اللون يمتاز بصغر ورقه، ويتم تناوله بعد أن يغلى في الماء ثم يضاف إليه السكر ويشرب. كذلك الزنجبيل يعالجون به الزكام بالإضافة إلى «اللبان» المستخلصة من شجرة اللبنان المعروفة والمنتشرة بكثرة في سهول منطقهّ ظفار بسلطنة عمان يعالجون به معظم الأمراض وعلى وجه الخصوص لعلاج البلغم.
أما «المر» وهو نبات بُنى اللون مُر لاذع يستخدمونه لأوجاع البلعوم، حيث يؤكل جافاً قطعة صغيرة وكذلك ستخدمونه لوجع الأرجل، حيث يمسح عليها المُر من الخارج وكذلك يستخدم في تخفيف آلام الصداع والأورام الخفيفة.