ملحمة أعادت السينما المصرية إلى خطها الجاد، هكذا يمكن وصف فيلم «الممر»، للمخرج شريف عرفة، الذي يحكي قصة بطولية، تهيمن على شباك التذاكر العربي، ويعرض حالياً في صالات السينما المحلية، فقد كان العمل قادراً على إعادة شحن الروح المعنوية لروّاده العرب، فمن خلاله، أعاد عرفة الذاكرة إلى حرب الاستنزاف، متناولاً الفترة الواقعة بين عامي 1967 و1968، ليقدم لنا نموذجاً من أصالة الجيش المصري، الذي استطاع آنذاك تجاوز شباك الهزيمة، ليحقق من بعدها نصراً مدوياً، لا يزال يرن صداه في فضاء المنطقة العربية.
ترحيب وتصفيق حار، ضجت به صالات العرض في «نوفو سينماز» في «دبي فستيفال سيتي» بدبي، التي كانت نهاية الأسبوع الماضي، على موعد مع أبطال الفيلم، وعلى رأسهم الممثل أحمد عز، ورفيقاه أحمد رزق ومحمد فراج، والذين حطوا رحالهم في رحاب «نوفو سينماز»، فاتحين أذرعهم للجمهور في الإمارات، الذي استقبلهم بحرارة عالية، تشبه ترحيبه بـ«الملحمة البطولية» التي كتب نصها «السيناريست»، أمير طعيمة، بالتعاون مع عرفة، الذي رفع له أبطال العمل «القبعة»، حيث وصفوا في حديثهم مع «البيان»، أن الفيلم حقّق أحلامهم بالعمل مع عرفة، معتبرين أن هذا العمل قد صنع لتتوارثه الأجيال.
عمل من «الوزن الثقيل»، كُتب بحرفية، وقدم سيناريو «مشدود»، يحترم عين المشاهد العربي وعقله، ذلك ما حققه فيلم «الممر»، الذي سلط الضوء على قوات الصاعقة المصرية، خلال حرب الاستنزاف، ليفتح الأعين على فترة زمنية، لا تزال حية في الذاكرة العربية، مبتعداً عن «اللغة الخطابية» التي تعودنا عليها في أفلام «الحرب»، التي سبق أن صنعتها السينما المصرية، في وقت صب فيه المخرج جل تركيزه على معركة محددة في الصراع العربي الإسرائيلي، متجاوزاً الخطوط العامة للصراع، ومركزاً على مجموعة محددة من الجنود، والذين كلفوا بإنجاز مهمة محددة، متوغلاً في حياة ونفسيات هؤلاء الجنود، وتأثيرات الهزيمة فيهم، وإصرارهم على مواجهتها.
منتهى السعادة
في حديثه مع «البيان»، وصف الممثل أحمد عز، شخصية «نور» التي جسدها في الفيلم، بأنها كانت مختلفة بالنسبة له، وقال: «هذه الشخصية تأتي من زمن لم أعشه أنا، ولكنها تظل شخصية بطولية وملتزمة، وتشعر بالمسؤولية الكبيرة على عاتقها، وهي تجسد حالة من حالات الانكسار التي تبعها لاحقاً النصر، وهي من الشخصيات التي سعدت جداً بتجسيدها على الشاشة الكبيرة»، وأكد عز أنه اضطر إلى البحث والقراءة والاطلاع على تلك الفترة، من أجل استيعابها ومعرفة مجرياتها.
وقال: «لم أعش تلك الفترة، وحاولت أن أستعيض عن ذلك بالقراءة عنها، ولقاء من عاصروها والاستماع إليهم، إلى جانب ما قدمه لنا السيناريو والمخرج من معلومات ثرية عن تلك الفترة». وعبّر عز عن سعادته بالعمل مع المخرج شريف عرفة، الذي يلتقيه للمرة الأولى سينمائياً. وقال: «شريف عرفة مخرج مختلف، يسعى دائماً إلى إخراج كل ما في جعبة الممثل، وهو في منتهى السعادة والرضا، وأتمنى أن أكرر التجربة معه مرة أخرى».
مراسل حربي
من طرفه، أشار الممثل أحمد رزق، إلى أنه يعد نفسه من المحظوظين بعمله مع شريف عرفة، منذ أن قدم معه فيلم «مافيا» في 2002، وكرر التجربة لاحقاً في «الكنز» بجزأيه الأول والثاني، وأيضاً «الممر»، وأشار إلى أن العمل مع عرفة، كان أحد أحلامه منذ أن دخوله دروب الفن. واصفاً إياها من «الكنوز الحقيقية في السينما المصرية».
وعن تجربته في «الممر»، حيث يجسد شخصية «المراسل الحربي إحسان»، قال: «من حسن حظي، أنني التقيت أحد الأشخاص الذين عاشوا تلك الفترة، وكان مصوراً في تلك الفترة، حيث استفدت كثيراً من تجربته، وتعرفت إلى المصاعب التي مر بها آنذاك، وكنت أطمح لفهم فكرة وجود شخص مدني، وسط مجموعة عساكر، ومعرفة أوضاعها وطبيعتها وتصرفاتها، وأعتقد أن الكثير من المشاهدين سيجدون أنفسهم في هذه الشخصية تحديداً، ويمكنني القول إن المخرج شريف عرفة كان ملماً بكل تفاصيل هذه الشخصية تحديداً، كونه مشاركاً في كتابة سيناريو العمل، الذي استغرق التحضير له نحو 3 سنوات».
في المقابل، أكد رزق أن المشاهد الكوميدية التي حملها الفيلم، كانت ضرورية، من أجل منح المشاهد بعض «الراحة» ما بين مشاهد الأكشن التي يتضمنها العمل.
واقعية
من جهته، اعتبر الممثل محمد فراج، صاحب شخصية الجندي الصعيدي، أن هذا العمل هو الأقرب إلى قلبه، وقال: «مثل هذا العمل لا يمكن أن يعوض، ولا يتكرر يومياً في السينما المصرية، خاصة أن العمل تم اشتغاله بحرفية عالية جداً، وبدرجة عالية من الواقعية، وحاملاً للكثير من التفاصيل لفترة لم نعشها»، وأكد أن إتقانه للهجة الصعيدية، استغرق منه وقتاً طويلاً، وقال: «لي أصول صعيدية، ورغم ذلك اضطررت للخضوع إلى ورش تدريب لإتقان اللهجة الصعيدية القادمة من سوهاج، من أجل تقديمها بصورتها الحقيقية».
وتمنى فراج أن يتمكن يوماً من تقديم فيلم حربي يتناول حرب أكتوبر. وقال: «أتمنى من كل قلبي أن أشارك في أحد الأفلام التي تتناول حرب أكتوبر، ولو في مشهد واحد فقط».