تعرّف الصحة العامة بأنها «فن وعلم الوقاية من الأمراض وإطالة الحياة وتعزيز الصحة من خلال الجهود المجتمعية المنظّمة»، وفقاً لتعريف منظمة الصحة العالمية، وهي أيضاً تهدف إلى تقوية أنشطة وخدمات الصحة العامة لتهيئة الظروف التي يستطيع أفراد المجتمع من خلالها المحافظة على صحتهم وتحسينها والوقاية من المشكلات الصحية.
وتتميز الصحة العامة بأنها تتعامل مع الحالة الصحية للسكان وتعمل على حمايتهم من المخاطر الصحية التي قد يتعرضون لها، وتجري الدراسات والبحوث على صحة السكان بشكل عام، لتحديد أولويات احتياجاتهم الصحية وترسم السياسات والاستراتيجيات والبرامج والخطط، وتضع المقاييس الصحية والمؤشرات والمستهدفات، وتنفذ البرامج الصحية من تعزيز للصحة وأنماط الحياة الصحية، إلى جانب التوعية الصحية الخاصة بالتحصين واللقاحات والوقاية والكشف المبكر، إضافة إلى اتخاذ التدابير المناسبة لحل للمشكلات الصحية، وفقاً للدكتورة بدرية الحرمي مدير إدارة حماية الصحة العامة في هيئة الصحة بدبي، في بداية هذا الحوار، الذي أكدت فيه على أهمية وقيمة الصحة العامة بالنسبة للمجتمعات والشعوب، وأن التحصين يمثل أحد أهم إنجازات القرن العشرين ومن خلاله تم استئصال الجدري عالمياً، واستئصال شلل الأطفال في معظم بلدان العالم، وتم إلى حد كبير إنقاص حالات الحصبة والدفتيريا والحصبة الألمانية والسعال الديكي وأمراض أخرى.
وتالياً نص الحوار:
الجهود الدولية بشكل عام لم تتوقف عند حد التحصين، فهناك العديد من الأدوار المهمة للوقاية.. فما رأيكم؟
الوقاية من الأمراض المعدية ومكافحتها قضية استراتيجية عالمية مهمة والتحصين يعد جزءاً أصيلاً منها، ولقد تم نتيجة تطبيق الإجراءات البيئية واللقاحات والمضادات الحيوية وإتاحة الرعاية الطبية معاً، تحسين معدلات الوفيات الحاصلة بسبب الأمراض المعدية وانخفاضها - على مستوى العالم - بصورة ملحوظة خلال القرن العشرين.
وساهم هذا الانخفاض في تراجع ملحوظ في وفيات الرضع والأطفال، وفي زيادة مأمول الحياة. فمثلاً في عام 1900 كان معدل وفيات الأطفال دون الخامسة 30.4%، وأصبح المعدل 1.4% في عام 1997.
في عام 1900 كانت الأسباب الرئيسة للوفاة هي ذات الرئة والتدرن والإسهال والتهاب الأمعاء، حيث كانت تؤدي إلى ثلث الوفيات، 40% منها كانت تحصل لدى الأطفال دون الخامسة، أما حالياً فقد انتقلت إلى الرقم 8 بين الأسباب العشرة الرئيسة للوفيات.
رعاية الأطفال والأمهات انخفضت عالمياً وسجلت وفيات الرضع أقل من 7.2 لكل ألف ولادة حية، ووفيات الأمهات إلى أقل من 0.1 لكل ألف ولادة حية. في الأخير نستطيع التأكيد أن الوقاية لعبت دوراً رئيساً في حماية الشعوب من الأمراض.
حماية
هذا هو الوضع العالمي.. فماذا عن الصحة العامة لدينا؟
تعدّ حماية الصحة العامة من الأولويات التي توليها هيئة الصحة بدبي جل اهتمامها، لأنها هي الأساس في حماية المجتمع من الأمراض والحفاظ على صحة أفراده وسلامتهم. ولقد تجلى هذا الاهتمام بتأسيس إدارة لحماية الصحة العامة ضمن الهيكل التنظيمي للهيئة، وهي تتبع مؤسسة دبي للرعاية الصحية مباشرة، وتضم أربعة أقسام متنوعة وهي: قسم التعزيز والتثقيف الصحي، وقسم برامج ودراسات الصحة العامة، وقسم الطب الوقائي، وقسم الصحة المدرسية.
وتتلخص مهام حماية الصحة العامة في تقييم ورصد الحالة الصحية للسكان وتطوير ومتابعة تنفيذ السياسات والبرامج الاستراتيجية والبحوث والدراسات اللازمة لتحسين الحالة الصحية للسكان وحماية أفراد المجتمع من الأمراض والمخاطر الصحية.
كما تجري دراسة وتحليل المهارات التي تلزم لتطبيق البرامج والمدخلات الخاصة بالصحة العامة والسلامة من أجل تنمية وتعزيز القدرات اللازمة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية، بالإضافة إلى تنسيق الجهود متعددة القطاعات لدعم النمو والتعزيز والحماية الصحية.
هل لنا التعرف إلى المهام الفنية الرئيسة لإدارة حماية الصحة العامة؟
هناك العديد من المهام، في مقدمتها: دراسة الواقع الصحي لسكان دبي، ومحددات الصحة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيولوجية وتحديد الاحتياجات الصحية، وإعداد السياسات والاستراتيجيات وتحديد الأولويات ووضع الخطط لحل المشكلات الصحية، وربط سكان دبي بخدمات تعزيز الصحة، وتصميم برامج الصحة العامة وتنفيذها بما في ذلك التثقيف الصحي لتعزيز اتباع أنماط الحياة الصحية، والتدريب في المجالات الصحية، وتقييم البرامج وإعداد التقارير الدورية ذات الصلة، وتوفير قاعدة معطيات ونظام المعلومات الصحية للأمراض المزمنة والأمراض المعدية والإصابات.
اختصاصات
وماذا عن المهام الإدارية التي تمثل جزءاً مهماً من اختصاصات أي إدارة، وماذا عن الكوادر البشرية التي ينبغي أن تكون على درجة عالية من الاحترافية والكفاءة؟
لدى إدارة حماية الصحة العامة اختصاصات وأعمال أخرى لدعم جهدها، من بين ذلك: إعداد خطط التشغيل السنوية ومتابعة تنفيذها وضمان تحقيق المستهدفات، وتحديد الاحتياجات من الموارد البشرية والمالية واللوجستية الرأسمالية والتشغيلية، إلى جانب تقييم الأداء الفردي للموظفين وتحديد الاحتياجات التدريبية من أجل تطوير الأداء.
كما تعمل الإدارة على توفير بيئة عمل تضمن صحة وسلامة الموظفين، ضمن المناخ العام المميز في هيئة الصحة بدبي.
لإدارة حماية الصحة العامة أو الإدارات المشابهة لها في المؤسسات الصحية في جميع الدول، وظائف شديدة الصلة بالمعلومات والبيانات ودعم اتخاذ القرار.. فأين أنتم من ذلك؟
من طبيعة عمل الإدارة، أن تقوم بوظائف ومهام متعددة، من بينها دعم اتخاذ القرار، ولذلك تعمل إدارة حماية الصحة العامة على إنشاء نظم المعلومات وإدارة قواعد المعطيات والتواصل مع الهيئات المحلية والإقليمية والدولية، إلى جانب إعداد البحوث والتقارير والإحصاءات وتحليل الأوضاع الراهنة في الإمارة، وتحديد حجم أية مشكلة صحية قد تظهر، وتقديم إفادات علمية وميدانية عنها، وهذا كله يمثل دعماً لصناعة واتخاذ القرار في الهيئة.
ولا يقف الأمر عند هذا الحد، فمن وظيفة الإدارة أيضاً، تحديد الأولويات وصياغة استراتيجيات وسياسات الصحة العامة، والتخطيط لبرامج الصحة العامة، وإدارة البرامج الوطنية بالتوافق مع المعايير الدولية وخاصة معايير منظمة الصحة العالمية، وكذلك تقييم برامج الصحة العامة وتعديلها وفقاً لأفضل الممارسات العالمية والسياسات الصحية المستندة إلى البيّنة.
ماذا عن أنشطة وفعاليات الوقاية، التي تمثل صلب عمل إدارة حماية الصحة العامة، كيف تدار الأمور في هذا الجانب؟
إدارة حماية الصحة العامة، جزء رئيس من منظومة الوقاية التي تمتلكها هيئة الصحة بدبي، ودور الإدارة واضح في هذا الجانب، فنحن نقوم بالتوعية الصحية فيما يتعلق بالأمراض والإصابات والوقاية منها ومكافحتها، فضلاً عن حملات التوعية والتثقيف والتدريب للفئات السكانية المختلفة، وتنفيذ مبادرات الوقاية الأولية والتحري والكشف المبكر والرصد الصحي، وتقديم الخدمات الصحية بأفضل جودة ممكنة.
وهذا الدور يرتكز على التدريب والتأهيل الصحي في المجالات ذات الصلة داخل الإدارة، بجانب إشراك المجتمع، وإعداد مسودات التشريعات الخاصة بالصحة العامة، والعمل على إجراء التحسين المستمر لجودة خدمات حماية الصحة العامة.
مهام
لديكم أربعة أقسام رئيس داخل الإدارة، لكل منها مهامه ووظيفته، هل لنا أن نتعرف إلى مهام كل قسم على حدة، وكيف تديرون مهام الأقسام من دون تداخل بين مهام وأخرى؟
مهام الأقسام الأربعة واضحة لكل قسم، وبطبيعة الحال نحن في النهاية إدارة واحدة لها. لذا ليس هناك تداخل في المهام، وما يمكن قوله في هذا الشأن هو أن هناك تكاملاً في الأدوار والاختصاصات نحو هدف محدد، وربما ذلك هو ما يميز الهيكل التنظيمي الجديد للهيئة، حيث تتكامل أدوار واختصاصات مؤسساته وقطاعاته وإداراته للوصول إلى هدف استراتيجي وهو (مجتمع أكثر صحة وسعادة).
وعملية تكامل الأدوار التي نتحدث عنها هي التي نتجاوز من خلالها نقطة التداخل، لأنه لا بد وأن يكون هناك تماس بين المهام، وإلا لن يكون العمل متكاملاً في النهاية. وبالنسبة لمهام كل قسم، فإنه يمكن توضيحها في الآتي:
تتحدد مهام قسم التعزيز والتثقيف الصحي في:
Ⅶ تأسيس برنامج الرسائل الصحية وتصميم مواد التثقيف الصحي، وبرامج مبادرات وأنشطة التوعية الصحية.
Ⅶ تأسيس نظام رصد عوامل الاختطار في السلوك الصحي.
Ⅶ الإشراف على تنفيذ المبادرات وحملات التوعية.
Ⅶ رفع مستوى الوعي الصحي لدى السكان في إمارة دبي.
Ⅶ تعزيز ممارسة أنماط الحياة الصحية.
وفيما يتعلق بقسم برامج ودراسات الصحة العامة، فإن مهامه ترتكز على:
Ⅶ تطوير وتحديث مقاييس محددات الصحة العامة ووضع المؤشرات والمستهدفات.
Ⅶ إجراء البحوث والمسوح الصحية وتقييم الاحتياجات الصحية.
Ⅶ إعداد التقارير الإحصائية الدورية.
Ⅶ إعداد السياسات والاستراتيجيات وتحديد الأولويات ورسم الخطط.
Ⅶ تقييم البرامج والتدخلات ومراقبة الوضع الصحي.
أما مهام قسم الطب الوقائي، فيمكن توضيحها في:
Ⅶ إعداد الأدلة الإرشادية للوقاية والمكافحة.
Ⅶ متابعة برامج الوقاية من الأمراض المعدية الممكن الوقاية منها باللقاحات
Ⅶ تأسيس نظام ترصد للأمراض المزمنة والأمراض المعدية والإصابات، ونظام المعلومات الصحية الخاص بها.
Ⅶ تطوير ومتابعة برامج الكشف المبكر.
Ⅶ تأسيس نظام الإنذار المبكر للتهديدات الصحية.
Ⅶ تأسيس سجلات دبي للأمراض.
وبالنسبة لمهام قسم الصحة المدرسية فنجدها تشتمل على:
Ⅶ تأسيس وتنفيذ برامج تعزيز الصحة والتوعية الصحية في المدارس.
Ⅶ تنفيذ برامج التلقيح في المدارس.
Ⅶ الكشف المبكر عن الأمراض بين الطلبة والطالبات، وتعزيز صحة الكادر المدرسي.
Ⅶ متابعة الخدمات الصحية والطبية التي تقدمها العيادات المدرسية، والتنسيق للبيئة الصحية المدرسية، وإشراك المجتمع وخاصة أولياء الأمور.
Ⅶ إجراء البحوث الصحية في المدارس وتأسيس نظام معلومات صحية مدرسية.
Ⅶ القيام بالتدريب الصحي وتنمية مهارات الكادر الصحي المدرسي.
1.4 %
ساهم انخفاض الأمراض المعدية في تراجع وفيات الرضع والأطفال عالمياً إلى 1.4 % في 1997
0.1
انخفضت رعاية الأطفال والأمهات عالمياً ووصلت وفيات الأمهات لأقل من 0.1 لكل ألف ولادة حية
20
يمثل التحصين أحد أهم إنجازات القرن الـ20 ومن خلاله تم استئصال الجدري وشلل الأطفال عالمياً