السبت 2 ربيع الاول 1424 هـ الموافق 3 مايو 2003 أعلنت كوندوليزا رايس مستشارة الأمن القومي الأميركي ان جولة وزير الخارجية الأميركي كولن باول في الشرق الأوسط التي بدأها من سوريا أمس، هي بداية تدخل أميركي عميق لبناء شرق أوسط جديد محوره اسرائيل، التي اعتبرت أمنها المفتاح المطلق ليس لأمن المنطقة فقط، بل لأمن العالم. وقالت مصادر مطلعة إن باول يحمل إلى سوريا ثلاثة مطالب غير قابلة للتفاوض وهي عدم تدخلها بالشأن الداخلي العراقي، وحل حزب الله اللبناني، وابعاد تهديده عن اسرائيل وعدم عرقلة خطة «خريطة الطريق» للسلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين، وهي الخطة التي ذكرت مصادر اسرائيلية ان الرئيس الأميركي جورج بوش يعد لتطويرها واعلان مبادرة سلام نهائية خلال يونيو المقبل تتضمن تفاصيل الحل النهائي، لكن رئيس الوزراء الاسرائيلي أرييل شارون بدأ تحركاً لاحباط الخطة برفضه استقبال مراقبين دوليين والاكتفاء بـ 70 مراقباً أميركياً. وقالت رايس في حوار مع صحيفة «يديعوت أحرونوت» الاسرائيلية نشرته أمس ان الولايات المتحدة برهنت خلال كل السنين الماضية انها صديقة لاسرائيل وتستطيع الاعتماد عليها، وان ادارة الرئيس بوش تعتقد ان أمن اسرائيل هو المفتاح المطلق ليس فقط لأمن المنطقة وإنما لأمن العالم كله، وجدد الالتزام الأميركي بأن اسرائيل ستكون دولة يهودية وستكون محمية بالمظلة الأميركية. وأضافت ان بلادها ملتزمة ببناء شرق أوسط مغاير للواقع، وان بوش أخذ على عاتقه مهمة استئناف عملية السلام، موضحة ان زيارة باول للمنطقة هي الخطوة الأولى في تدخل أميركي عميق سيتواصل لفترة طويلة. وأوضحت ان أول ملامح التغيير هي مطالبة سوريا بتفكيك حزب الله اللبناني واغلاق مقرات المنظمات التي وصفتها بـ «الارهابية» في اشارة الى المنظمات الفلسطينية وازالة خطر صواريخ حزب الله التي تهدد شمال اسرائيل. وأكدت ان باول سيطرح هذه المطالب بصورة حازمة في دمشق. وفي هذا الاطار، قال وزير لبناني سابق رفض الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس ان «باول يأتي ليعرض على سوريا ثلاثة مطالب غير قابلة للتفاوض وتحظى بأولوية: عدم التدخل في الشئون العراقية وعدم عرقلة عملية السلام الاسرائيلية ـ الفلسطينية وابعاد حزب الله عن الحدود اللبنانية ـ الاسرائيلية». واضاف المصدر نفسه انه ليس لدى واشنطن مطالب اخرى جوهرية حيال دمشق بعدما «نقلت اليها قائمة شروط عبر الوسائل الدبلوماسية داعية اياها الى الرد عليها بايجابية». وقال ان «الولايات المتحدة التي خرجت منتصرة من حرب العراق ومسلحة بانتشار عسكري كبير على الحدود مع سوريا، تطلب من دمشق تعاونا بهدف اقامة نظام اقليمي جديد». وقال احد اقطاب المعارضة المسيحية المعارضة لسوريا ان «واشنطن تطلب من سوريا ان تقطع علاقاتها مع التنظيمات الفلسطينية الراديكالية التي ابدت معارضتها لخطة السلام الدولية (خارطة الطريق) فور عرضها الاربعاء». أما باول فقد قال لدى وصوله دمشق انه سيوضح للرئيس بشار الأسد جلياً «كيف تنظر الولايات المتحدة الى تبدل الوضع في المنطقة مع رحيل نظام صدام حسين ومع خارطة الطريق». وفي وقت سابق قال باول في حديث نشرته مجلة «يو اس نيوز آند وورلد ريبورت» الأميركية ان ادارة بوش تدرك ان استخدام القوة هو سيف ذو حدين، إذ انه بقدر ما يحقق انجازاً فإنه يتسبب بزيادة منسوب الكراهية بين الشعوب. ومضى باول قائلاً: ان تجربة العراق أثبتت «ان الدول التي تستمر في مساندتها للارهاب وتواصل تطوير أسلحة الدمار الشامل لا يمكنها أن تتجاهل ازدراء وارادة المجتمع الدولي الى الأبد»، معتبراً «ان مثل هذه الأنظمة يجب التصرف معها»، مشيراً الى ان «المجتمع الدولي على استعداد للتصرف مع هذا النوع من الأنظمة، ولكنه نبه إلى ان عبارة «التصرف مع» لا تعني بالضرورة «استخدام القوة العسكرية في كل مرة». وفي الشأن الفلسطيني كشفت مصادر اسرائيلية مطلعة ان بوش يسعى لانجاز أكبر من «خريطة الطريق» حيث يعد لاعلان خطة الشهر المقبل تتضمن تفاصيل الحل النهائي للصراع على المسار الفلسطيني يحدد فيها رؤيته لقضايا القدس والحدود واللاجئين والمستوطنات. ونقل اليكس فيتسمان المراسل العسكري لصحيفة «يديعوت احرونوت» العبرية امس عن مصادر اميركية تحذيرها من ان بوش يعد مفاجأة ستثير استياء اسرائيل تحديداً. وقالت هذه المصادر ان بوش لم يبد حماساً عندما طرح مستشاروه عليه «خريطة الطريق» بل ابدى رغبته في «شيء كبير» بعد انتصاره في العراق سيما وانه يعتقد وقسم كبير من اركان ادارته انه «دخل في مسار صنع التاريخ». من اجل ذلك كشفت المصادر هذه ان طاقماً من الادارة الاميركية يعكف حالياً على اعداد خطة تفصيلية لرؤية بوش حول الدولتين الفلسطينية والاسرائيلية تتضمن التسوية النهائية على هذا المسار ببنود واضحة حول القضايا المصيرية كالحدود والقدس واللاجئين ومصير المستوطنات. واضافت المصادر ان خطة السلام النهائي هذه سيعلنها بوش في الرابع والعشرين من الشهر المقبل الذي يصادف الذكرى السنوية الاولى لخطابه حول الدولتين. لكن على الصعيد الاسرائيلي تبدو الامور اكثر تعقيداً اذ بدأ نواب يمينيون في الكنيست بتشكيل لوبي مضاد لخريطة الطريق بالتزامن مع بدء شارون وضع العراقيل امام هذه الخريطة، حيث ابلغ واشنطن رفضه استقبال نحو مئة مراقب دولي لتنفيذ الخريطة وقال انه يقبل فقط بنشر نحو 70 مراقباً معظمهم من الاميركيين والقليل من البريطانيين والكنديين. كذلك كشفت صحيفة «معاريف» العبرية عن اتصالات سرية تجريها حكومة شارون مع رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد محمود عباس ابو مازن لاقناعه بشن حرب ضد فصائل المقاومة لكن الاخير رد بالرفض قائلاً «لا انوي محاربة احد ولا سفك الدماء وليس لدي خطة لحرب اهلية. مهمتي ليست العمل لصالح الاسرائيليين سأقوم بالاقناع وسأنجح في احراز نتائج بالطرق السلمية». واضاف بحسب «معاريف» لا تحاولوا ان تفرضوا علي شيئاً، اذا حاولتم اقصاء عرفات فإنكم ستلحقون الضرر بالقضية المركزية. لن اعمل ضد عرفات بل معه فهو الذي عينني وبدونه لن يتحقق شيء. وفي هذا الاطار بدأ محمد دحلان وزير شئون الامن «اتصالات هادئة» مع حركتي حماس والجهاد بالتزامن مع بدء مصر في المساهمة في جهود التهدئة عبر التحضير لاستئناف الحوار مع الحركتين في القاهرة. وزعمت الصحيفة نفسها وجود استجابة من سوريا والسعودية لغرض اقناع فصائل المقاومة بالتهدئة ووقف تدفق الاموال لها. الوكالات