محاولات تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين، ليست بالأمر الجديد، غير أنها اشتدت منذ تولي الرئيس الأميركي ترامب مفاتيح البيت الأبيض، مطلع العام الماضي، وارتفعت وتيرتها بعد إعلانه القدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال، وإزاحتها عن أية عملية تفاوضية مقبلة، وباتت تواجه شبح الشطب بالقرار الأميركي الأخير وقف تمويلها بالكامل.

بعد القدس، جاء الدور على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، كمقدمة لتصفية قضيتهم، وتجاوز حق عودتهم، فعمدت الإدارة الأميركية في البداية إلى خفض موازنتها والمساعدات المقدمة لها، بهدف إدخالها في ضائقة مالية، وإمعانا في التنكيل بالفلسطينيين قررت وقف التمويل بالكامل.

وترفض دولة الاحتلال، تنفيذ القرار الأممي 194 الذي يؤكد حق العودة للاجئين الفلسطينيين، مسلحة في ذلك بدعم أميركي، رغم أن اعتراف منظمة الأمم المتحدة بالدولة العبرية، كان مشروطاً بهذا الحق، الذي كفلته كل المواثيق والأعراف الدولية.

مصيرها الفشل

الفلسطينيون بدورهم، يصرّون على أن الشعب الفلسطيني، الذي قدم آلاف الشهداء والجرحى والأسرى، فداء لقضيته العادلة، حتماً سيقبر كل المؤامرت التصفوية، التي تحاك للنيل من حقوقه الوطنية الراسخة، وفي المقدمة منها حق العودة، وتقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، والقدس الشريف عاصمة، مؤكدين أنهم هم وحدهم، من يحددون مصير وكالة الغوث، ويرسمون مستقبل القدس، وأن أي قرار تآمري على قضيتهم، سيكون مآله الفشل المحتوم.

مستشار الرئاسة الفلسطينية للعلاقات الدولية، د. نبيل شعث، أكد لـ« البيان» أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «الأونروا» ليست ملكاً لترامب أو غيره، وبالتالي فلا يمكن لأحد شطبها أو إلغاؤها، منوهاً إلى أن قرارات الرئيس الأميركي، إزاحة القدس عن طاولة المفاوضات، وتقليص المساعدات للوكالة الدولية، هما بالأساس، مطلبان إسرائيليان، وأن مواقف ترامب نابعة من السياسة الإسرائيلية، بفرض الهيمنة على الحقوق والثوابت الفلسطينية.

وقال شعث في تصريحات لـ«البيان» إن واشنطن تسعى لإغلاق «الأونروا» باعتبارها ترمز لحق اللاجئين في العودة إلى ديارهم، مستهجناً الموقف الأميركي باعتبار اللاجئين فقط من تم تهجيرهم خلال نكبة العام 1948، والذين قدّر عددهم بنحو 40 ألفاً، في حين أن اللاجئين هم من هجّروا في ذلك العام، وكل أبنائهم وأحفادهم، جيلاً بعد جيل، مشدداً على أن هذا الحق لكل الأجيال، ولن يسقط بالتقادم.

محاولات إلغاء

ودلل شعث على صحة وسلامة هذا المنطق، بفشل المؤامرة الأميركية على «الأونروا» وقضية اللاجئين، بالقول: «عندما أعلن ترامب عن القدس عاصمة لدولة الاحتلال، لم يجد أي تأييد من العالم، وسقط مشروعه في مجلس الأمن بأصوات كل الدول الأعضاء باستثناء دولته، بينما نحن في جولة واحدة، حصلنا على 250 مليون دولار، دعماً لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين، من دول أوروبية وآسيوية وعربية، وكان في مقدمتها الإمارات العربية الشقيقة، وكان لإخواننا العرب مواقف شجاعة وصلبة، وبالتالي شطب القدس، وإلغاء حق العودة، وإغلاق الأونروا، هذه أمور لا أحد يقدر عليها، لا ترامب ولا غيره».

تهويد الأغوار

بالتزامن مع محاولات تغييب القدس، وشطب حق العودة، لا تنفك سلطات الاحتلال عن تهويد منطقة الأغوار الفلسطينية، بما تشكله من عمق استراتيجي على الحدود مع الأردن، في ضربة استباقية لأية حلول لمشكلة الحدود، التي تشكل واحدة من ركائز الحل النهائي، التي حددتها مفاوضات مدريد، واتفاقيات أوسلو. فالأرض الزراعية الخصبة، والتي تُعد «سلة غذاء فلسطين» بدت قاحلة، بفعل الجرافات الإسرائيلية التي تعمل فيها ليل نهار، علاوة على التدريبات والمناورات العسكرية لجيش الاحتلال في تلك المنطقة، والتي أجبرت العديد من المزارعين على هجر أراضيهم، والعزوف عن فلاحتها، خوفاً من التعرض لقذائف جيش الاحتلال، أو المغامرة بين حقول الألغام التي تملأ المكان.