تحدى السودانيون، أمس، الإجراءات والانتشار الأمني الكثيف، وخرج عشرات الآلاف منهم في العاصمة الخرطوم وعدد من المدن، في مواكب احتجاج ضخمة، فيما أُطلق عليه مليونية الثلاثين من يونيو، للمطالبة بالقصاص لشهداء الثورة، وللضغط على المجلس العسكري، من أجل تسليم السلطة لحكومة مدنية، فيما أعلن المجلس العسكري أنه سلّم مبعوثي الاتحاد الأفريقي وإثيوبيا رده على عرض للحل السياسي، وأكد جاهزيته للتفاوض بلا شروط.

ودعا تجمع المهنيين السودانيين -الجسم الذي يقود الاحتجاجات في السودان- مليونية 30 يونيو بالتوجه إلى القصر الجمهوري، وأهاب بالسودانيين في كل المدن والقرى في الأقاليم الاتجاه بالمواكب صوب الساحات التي تحددها لجان الميدان، من أجل المطالبة بالقصاص للشهداء، وتسليم السلطة فوراً للمدنيين من دون شرط أو تسويف.

وجابت مواكب الاحتجاج، التي انطلقت بمدن الخرطوم الرئيسة في عدد من النقاط بالرغم من التعزيزات والانتشار الواسع لسيارات قوات الدعم السريع، واتجه الآلاف إلى منازل الشهداء، وهم يرددون هتافات مناوئة للحكم العسكري تطالب بتسليم السلطة للمدنيين، كما لوحوا بالأعلام الوطنية، ورفعوا صوراً للضحايا الذين سقطوا منذ اندلاع الثورة السودانية في التاسع عشر من ديسمبر الماضي.

مواكب متحرّكة

وتجمع مئات الآلاف بشارع المطار بعد التقاء مواكب عدة بمنزل أسرة الشهيد محجوب بالصحافة، وتحرك الموكب إلى داخل الخرطوم، ليلتحم معه موكب آخر ضخم قادم من منطقة شرق النيل بعد عبوره لجسر المنشية شرق الخرطوم، فيما أغلقت قوات تابعة للجيش والدعم السريع مداخل الكباري الرابطة بين مدينة الخرطوم ومدينتي الخرطوم بحري وأم درمان، للحيولة دون دخول الجموع والتحامهم بمواكب الخرطوم المتجهة إلى القصر الرئاسي.

وخرج الآلاف في كل من عطبرة ود مدني والقضارف وكسلا وبورتسودان وحلفا الجديدة، الأبيض وكبكابية وغيرها من المدن، واستخدمت القوات الأمنية الغاز المسيل للدموع بكثافة في عدد من المناطق، وسط أنباء تتحدث عن سقوط أحد المتظاهرين بمدينة عطبر بولاية نهر النيل شمالي البلاد، بينما أصيب ثلاثة آخرون بمدينة القضارف شرقي السودان.

وقال عضو كبير في المجلس العسكري إن قناصة مجهولين أطلقوا النار على خمسة مدنيين على الأقل وثلاثة من قوات الدعم السريع بالخرطوم للمطالبة.

ولم يوضح الفريق أول محمد حمدان دقلو، نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي، ما إذا كان أي شخص قد توفي، ولم يقدم معلومات بشأن المسلحين أو انتماءاتهم خلال كلمة مقتضبة على التلفزيون الرسمي. وقال دقلو، وهو قائد قوات الدعم السريع: «الآن في قناصين بيضربوا الناس. ضربوا ثلاثة من قوات الدعم السريع وخمسة أو ستة من المواطنين. الآن إحنا (نحن) الآن انزعجنا وعايزين (نريد) نلحق الموقف».

وفي مدينة بورتسودان حاضرة ولاية البحر الأحمر انطلق الآلاف من سوق المدينة الكبير واتجهوا إلى ميدان الشهداء وسط المدينة، ومنعت القوات الأمنية المتظاهرين من عبور الجسر الرابط بين البر الجنوبي والشرقي للحيلولة دون مشاركتهم في التظاهرات، كما استخدمت الغاز المسيل للدموع بكثافة لتفريق المتظاهرين.

جاهزية التفاوض

وأعلن المجلس العسكري جاهزيته للتفاوض، وقال إنه سلّم مبعوثي الاتحاد الأفريقي وإثيوبيا رده على الورقة المقدمة من الوساطة المشتركة، وأكد أن المقترح المشترك يمثل قاعدة ممتازة للتفاوض. وقال رئيس اللجنة السياسية بالمجلس، الفريق شمس الدين كباشي، إن المجلس يأمل في حل سياسي شامل. وأضاف أن المجلس أكد أن «مقترح الاتحاد الأفريقي يشكّل قاعدة ممتازة للتفاوض، وأننا جاهزون للتفاوض اعتباراً من اليوم».

يشار إلى أن الورقة الإثيوبية الأفريقية المشتركة تتضمن أربع نقاط رئيسة، هي تكوين مجلس سيادة فوراً يتألف من (7 مدنيين و7 عسكرين) زائداً عضواً مدنياً ثامناً بالاتفاق، وتشكيل حكومة مدنية (مجلس وزراء) من قوى الحرية والتغيير، باستثناء وزارتي الدفاع والداخلية وتأجيل تشكيل المجلس التشريعي، إلى حين الاتفاق على نسب التشكيل الجديدة، وعودة الطرفين إلى المفاوضات المباشرة فوراً من دون شرط، وتشكيل لجنة تحقيق في فض اعتصام القيادة العامة للقوات المسلّحة.