تعتبر جدة القديمة متحفاً مفتوحاً للأجيال، بما تحويه من تراث يحكي تاريخها التليد الذي يقاوم الزمن ويثير في النفوس الشجن، حيث جعل ماضي الأيام مجسدا بصورة حية أمام روادها وزوراها وكل السائحين القادمين إليها من أصقاع الدنيا. وتعرف المنطقة التاريخية محلياً باسم «جدة البلد» وتقع في وسط المدينة، وتضم مجموعة كبيرة من الأماكن التي يعطرها عبق الماضي.
ونظرا لموقعها المتميز اتخذت ميناء لمكة المكرمة يستقبل تجارة المنطقة وزوارها من كل الجنسيات. ويبقى سورها الذي بني لحمايتها من الهجمات الخارجية معلماً مهماً، إضافة الى الحارات التي تحكي قصة ما سلف من الزمن الغابر، كل ذلك بجانب المساجد التاريخية العديدة، والأسواق التي لايزال أهل المدينة وزوارها يرتادونها.
وقد نمت جدة القديمة التي تحيطها الأسوار، رأسيا عبر العصور وتشكلت من تكتلات كثيفة من المنازل وقصور التجار والمساجد والمنارات تخللتها بعض الساحات الصغيرة والأزقة المتعرجة. وتتكون المدينة القديمة من ثلاث مناطق داخل الأسوار التي كانت تحميها من ناحية اليابسة، وهي:
حارة المظلوم سميت بذلك نسبة إلى عبدالكريم البرزنجي الذي قتلته الحكومة العثمانية، وتقع في الجزء الشمالي الشرقي من داخل السور شمال شارع العلوي وبها دار باعشن ودار آل قابل ومسجد الشافعي وسوق الجامع. وهناك حارة الشام التي تقع في الجزء الشمالي من داخل السور في اتجاه بلاد الشام وفيها دور السرتي وآل باناجة والزاهد والشريف.
والثالثة حارة اليمن وتقع بالجزء الجنوبي من داخل السور جنوب شارع العلوي واكتسبت مسماها لاتجاهها نحو بلاد اليمن وبها دارا آل نصيف والجمجوم. ثم حارة البحر وتقع في الجزء الجنوبي الغربي من جدة وتطل على البحر وبها مبنى الكرنتينا من الحواري «الأحياء» القديمة التي كانت خارج سور المدينة، النزلة اليمانية وهي من ناحية اليمن من الجنوب الشرقي..
وسميت بهذا الاسم لوقوعها من جهة اليمن وهي نزلة قبيلة مزينة. ويشهد كورنيش جدة الأوسط المعروف بـ «الحمراء» توافد أعداد كبيرة من الزوار، الذين يتجولون عبر الأرصفة المواجهة للشاطئ والمطلة على نافورة جدة.
مواقع ومعالم
وقد أعطى جمال المعالم السياحية بالمحافظة دافعا للحجاج لرسم الطابع الاجتماعي والترفيهي الذي يحرصون عليه، بعد أدائهم الفريضة بيسر وسهولة، وشكلت المناطق الأثرية في جدة أهم المواقع ذات المعالم السياحية المبهرة التي تضمنتها زياراتهم، لاسيما ذات العلاقة بالحضارة العربية التي تكتنزها المدينة في صفحات حضارتها عبرالتاريخ..
والتي تبدو جلية في المنطقة التاريخية. وقد توافدت قوافل الحجاج من مختلف الجنسيات، إلى عددٍ من المواقع في المحافظة، مثل المراكز التجارية والمعالم السياحية والتراثية، بعد أن حظوا بأيام روحانية في المشاعر المقدسة والحرمين الشريفين، استطاعوا خلالها إتمام حجهم وأداء مناسكهم، وقضاء أيام لم تخلُ من توثيق لحظات جميلة على حد وصفهم، عبر صورٍ ولقطاتٍ لرحلة العمر.
ولم يفوّت الكثيرون على أنفسهم فرصة تناول الوجبات الشعبية في الكورنيش والميادين العامة للمدينة ، التي تميزت بضخامة مجسماتها، وحرصوا على شراء صور ونماذج مصغرة للمجسمات الجمالية، وميداليات نقشت عليها بعض المواقع التي تزخر بها المحافظة، من خلال الأكشاك الثابتة والمتحركة في شكل مركبات بزوايا مختلفة في الكورنيش.
ويلجأ البعض لتوثيق رحلتهم بالتقاط الصور التذكارية في مواقع مختلفة من الكورنيش الشمالي، خاصة في فترة الصباح، التي تشهد كثافة كبيرة للزوار وتستمر حتى المساء، وركز كثيرون على المساجد والمجسمات الجمالية والكورنيش عند التقاطهم الصور الفوتوغرافية ومقاطع الفيديو، وبما يضمن أن تكون ذات نوعية جيدة، تجسد جمالية الرحلة بجميع تفاصيلها.