في حوار مع «البيان» كشف فيه خفايا نظام الحكم واستشرف فيه مستقبل الصراع اعتبر النائب السابق للرئيس السوري عبدالحليم خدام والمقيم في العاصمة الفرنسية باريس، أن المعركة في المنطقة تتصدرها إيران في كل من سوريا والعراق ولبنان، لافتاً إلى أن اجتماع أستانة الأخير لن يؤدي إلى نتيجة ما دامت إيران طرفاً فيه. وفتح خدام أسرار ذاكرته السياسية الطويلة لـ«البيان»، مؤكداً أنّه ما لم يكن هناك حسم في تطبيق وقف إطلاق النار، لن يجري أي تقدم في الملف السوري، مشيراً إلى تضارب المصالح الإيرانية- الروسية في سوريا.

وأكد خدام أن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في لبنان في العام 2005، ارتمى الأسد بأحضان إيران بعد اتهامه بهذه العملية، ووجدت إيران في هذا الظرف فرصة تاريخية للسيطرة على لبنان وسوريا معاً، ومنذ ذلك الحين إيران تسيطر على سوريا.

وكشف خدام عن أن بشار الأسد كان بداية عهد الفساد في سوريا، وأن أحد أكبر خطايا حافظ الأسد عدم وقوفه ضد فساد عائلة مخلوف، نافياً أن يكون حافظ الأسد قد تواصل مع إسرائيل في أية مرحلة، موضحاً أنه حظي بدعم واحترام الدول العربية نتيجة مواقفه من إسرائيل.

وفي ما يلي نص الحوار

بالرغم من خروجك من الحكم، إلّا أنه عرف عنك المتابعة لكل صغيرة وكبيرة للشأن السوري.. ما هو تقييمك لمشاورات أستانة الأخيرة، وماذا قرأت فيها؟

اجتماع الأستانة، الذي انعقد في 23 يناير جاء على مستوى إقليمي ثلاثي (روسي - تركي - إيراني)، ودعني أقول إن أي اجتماع حول سوريا تكون فيه إيران طرفاً، لا يمكن أن يصب في مصلحة الشعب السوري والدولة السورية، لأن استراتيجية إيران هي استمرار الصراع في سوريا والعراق واليمن، من أجل السيطرة على هذه الدول، وبث الفوضى في المنطقة، لكن على أية حال فإن اجتماع أستانة لم يخرج بصيغة جادة وحازمة لوقف إطلاق النار، وبالتالي هذا الاجتماع ليس له تأثير على أرض الواقع.

اختلاف أهداف

البعض يرى أنّ هناك خلافاً روسياً- إيرانياً في سوريا ولن يستمر التحالف في ما بينهما. كيف ترى هذه العلاقة؟

في الوقت الراهن يبدو أن هناك توافقاً وتضامناً روسياً- إيرانياً في سوريا، لكن في الحقيقة لا يوجد هناك مصالح مشتركة بين الدولتين، فالأهداف الروسية- الإيرانية متباعدة كثيراً في سوريا، ويمكن القول، إنّ أهداف الإيرانيين تغيير البنية السكانية للشعب السوري، عبر دفع السوريين من أجل الهجرة وهذا يفسر استخدام العنف المفرط في سوريا، ونرى الآن أن دمشق تحولت إلى مستوطنة إيرانية، وسبب التركيز على دمشق يعود لأسباب تاريخية، لأن الدولة الأموية في دمشق هي من أسقطت الدولة الفارسية، فإيران أهدافها عقائدية في سوريا.

أما بالنسبة لروسيا، فهي ليست لديها طموحات أن تحول سوريا إلى دولة محتلة، وتعيد شكل الاستعمار، لكن روسيا لديها طموحات استراتيجية، فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين يطمح لأن تستعيد روسيا وضعها الدولي في المنطقة، والعودة إلى أمجاد الاتحاد السوفييتي، وهي تحاول أن تجعل سوريا دولة نفوذ استراتيجي، وإذا أردنا أن نقول الحقيقة، فإنّ التدخل الروسي رغم المساوئ فهو أفضل من التدخل الإيراني.

لكن روسيا أفرطت باستخدام القوة العسكرية ضد سوريا؟

أرى أن الهدف الروسي في الاستخدام المفرط للقوة العسكرية، هو توجيه رسالة للدول الأوروبية لا سيما الولايات المتحدة، لتوصل رسالة أن وجودها في سوريا مسألة لا تراجع عنها، وهي مسألة حيوية تستحق استخدام القوة.

هل تعتقد أن بعد خمس سنوات من الصراع بقي شيء اسمه نظام في سوريا؟

في سوريا ليس فيها نظام، بشار الأسد عبارة عن شخص تابع لإيران بالمطلق، الإيرانيون توغلوا بالجيش السوري، ومؤسسة المخابرات والمراكز الأمنية، وأي أمر لا يستطيع بشار الأسد أن يتخذه دون الرجوع إلى إيران التي تتحكم الآن بكل مفاصل الدولة السورية، والنخبة السياسية والأمنية في سوريا تدرك هذا الأمر.

تفكّك معارضة

كيف تفسّر بقاء النظام إلى هذا الوقت بينما تغيرت أنظمة كثيرة في العالم العربي؟

دعنا نكون واضحين في هذا الأمر، حين بدأت الثورة السورية بدأ النظام منذ البداية بالقتال الموحد بكل قواته وأجهزته الأمنية، بينما بدأت المعارضة بالقتال بشكل مشتت وتشكلت فصائل هنا وهناك لم تكن قادرة أن تتوحد تحت هدف واحد، فكيف لشعب غير موحد أن ينتصر؟! أضف إلى ذلك تعدد الداعمين للشعب السوري، شتت جهود المعارضة ولو توحدت الجهود الداعمة لجهة واحدة لسقط الأسد منذ البداية، ولم تؤول الأمور في سوريا إلى هذه الحال السيئة اليوم.

بدائل ضعيفة

بين الفينة والأخرى يظهر حديث عن شخصيات بديلة للأسد مثل علي مملوك وعلي حيدر. تعتقد أن مثل هذا الحل ممكن؟

مثل هذه المقترحات، إن وجدت غير مجدية الآن في سوريا، وعلى سبيل المثال علي مملوك رئيس مكتب الأمن القومي، هو ورقة بيد بشار الأسد وهو كونه رجلاً سنياً شكل من أشكال التوازن الطائفي التي يريد النظام أن يظهرها للخارج والداخل، وهو ليست بالشخصية المؤهلة لمثل هذا المكان، أما علي حبيب فعلى بالرغم من أنه شخص جيد إلا أنه لا يملك قاعدة شعبية بين الأوساط العسكرية، فضلاً عن أن المرحلة الآن في سوريا لا تحتمل إعادة إنتاج نظام قريب من بشار الأسد بعد كل ما جرى.

هل ما زال محيط الأسد متماسكاً بحكم اطلاعك على نظام الحكم في سوريا؟

اعتقد نعم، لا تزال أسرة الأسد متماسكة خصوصاً بشار الأسد وشقيقه ماهر، والسبب أن مصالحهم تحتم ذلك فمن يعرف تاريخ عائلة الأسد يلحظ الاختلاف بين الماضي والحاضر، هذه العائلة جاءت من العدم لم تكن شيئاً في سوريا، وحين تسلم حافظ الأسد السلطة، وباتت الدولة السورية بكل ثرواتها في يدهم تحولوا إلى رجال أعمال وسماسرة على كل شيء في سوريا، وبالتالي هم الآن في وضع ليس أمامهم إلا أن يقفوا إلى جانب بعضهم.

عندما جاء حافظ الأسد إلى السلطة حافظ على وحدة سوريا، وفتح علاقات مع العالم العربي، وفي الحقيقة الدول العربية مكنت الأسد من الوقوف على قدميه في حربه ضد إسرائيل وحربه ضد العراق وقد حظي بدعم عربي، أمّا بشار فبدأ بالخلافات مع الدول العربية، وأساء للقادة العرب، لأنّه لا يدرك أهمية العلاقات العربية، فالرئيس الذي لا يعرف قيمة العلاقات العربية سيقع حتماً في أحضان إيران.

تغيّر تحالفات

ما الذي تغير في سوريا بتسلم بشّار الأسد للسلطة؟

قبل اغتيال الشهيد رفيق الحريري في لبنان في العام 2005 كان الأسد على تنسيق عالي المستوى مع العراق، وكان قادة العراق يتوافدون إلى سوريا بشكل دائم، من أجل إعادة التنسيق والعلاقات بين البلدين، لكن التغير وقع بعد اغتيال الحريري، حينها ارتمى الأسد بأحضان إيران بعد اتهامه بهذه العملية، ووجدت إيران في هذا الظرف فرصة تاريخية للسيطرة على لبنان وسوريا معاً، ومنذ ذلك الحين إيران تسيطر على سوريا.

عملت وزيراً للخارجية ونائباً للرئيس حافظ وبشار. هناك سؤال جدلي هل كان الأسد الأب ينسق مع إسرائيل سراً؟

على الإطلاق، هذا لم يتم في أية مرحلة من المراحل، يمكن أن تقول عن الأسد إنه رجل دكتاتور وأنه أساء للمعارضين وللكثير من السوريين، إلا أنّه لا يمكن القول إن له علاقات مع إسرائيل، ودعني أقول لك إن الأسد الأب كان يحظى بالدعم والاحترام العربي نتيجة مواقفه من الاحتلال الإسرائيلي. حافظ الأسد لوثته عائلته وما حولها وخصوصاً عائلة مخلوف، إلا أنه لم يكن فاسداً وهذه شهادة للتاريخ.

ما هو خطأ حافظ الأسد؟

الخطيئة الكبرى التي ارتكبها حافظ الأسد أنه سمح لأقربائه وإخوته بالفساد، وهنا كان الخطأ، الذي كبر وأساء للحكم، لا سيّما فساد صهره محمد مخلوف الذي لم يتمكّن الأسد أو ربما لم يكن يريد أن يضع له حداً، وتغلغلت عائلة مخلوف أكثر في عهد بشار الأسد، وبدأ الفساد العائلي معلناً في سوريا.

مذكرات

كشف نائب الرئيس السوري السابق عبدالحليم خدام، أنّه يعكف حالياً على كتابة مذكراته، وأنها قد تصل إلى مجلدات عدة. ولفت خدام إلى أن المذكرات لا تحمل الطابع الشخصي قدر ما تحمل تاريخ الحياة السياسية في سوريا منذ الاستقلال.

وأشار إلى أنه رصد تاريخ سوريا السياسي ومراحل التحولات والأزمات التي مرت بها البلاد، طوال فترة عمله سواء وزيراً للخارجية أو نائباً للرئيس، موضحاً أنّه سيكتب أبرز حقبة سياسية من تاريخ سوريا، لا سيّما في ظل حكم حزب البعث العربي الاشتراكي، مشدداً على أنه سيكشف قضايا تتعلق بسوريا ولم يتم تداولها على المستوى الداخلي أو الدولي.

وتعهد خدام بأن تكون المذكرات خالية من الانفعالات الشخصية أو الانطباعات الخاصة، لافتاً إلى أنه يملك وثائق مهمة وحيوية من تاريخ سوريا، وستظهر في الوقت المناسب.

30 ألف عنصر من الحرس الثوري وميليشيات موالية لإيران يقاتلون إلى جانب الأسد

كشفت تقارير إعلامية التفاصيل الكاملة للتشكيلات الإيرانية في سوريا والتي تضم حوالي 5000 عنصر من الحرس الثوري و25 ألفاً من الميليشيات الأفغانية والعراقية والباكستانية، بالإضافة إلى عناصر «حزب الله» اللبناني. وبحسب المعلومات، فقد تلقت قوات الحرس الثوري الإيراني خسائر جسيمة في سوريا وصلت إلى حد إصابة قائد فيلق القدس قاسم سليماني الذي كان يشرف على العمليات في ريف حلب.

وأرسلت إيران خلال الأشهر الماضية إضافة إلى قاسم سليماني عدداً من كبار قادة قوات القدس وقوات الحرس إلى سوريا. ووفقاً للمعلومات فقد ضاعف الحرس الثوري قواته في سوريا من أجل الهجوم البري الواسع بموازاة الغارات الروسية مع بداية شهر أكتوبر العام الماضي.. كما أرسلت قوات الحرس إلى سوريا وحدات مدفعية وطيران الجيش والهندسة والطائرات بلا طيار وقادة استخبارات وعمليات، إضافة إلى وحدات قتالية.

ومن أبرز الوحدات الإيرانية المقاتلة في سوريا فيلق أنصار المهدي ويسمى أيضاً بـفيلق «ولي الأمر»، ومهمة هذا الفيلق هو حماية المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي وقادة النظام.

موقع انتشار عناصر الفيلق هو جنوبي حلب. عبدالله باقري رجل حماية أحمدي نجاد كان من أفراد هذا الفيلق الذي قتل مؤخراً في سوريا. ويعد منسوبوه من النخبة المتميزة من ناحية التمرّس والوثوق. وفي الآونة الأخيرة تم إعادة فوج منهم باسم «فاتحين» من سوريا إلى إيران بسبب تكبده خسائر فادحة.

بالإضافة إلى عناصر «حزب الله» اللبناني، شكّل نظام إيران عملاءه ومرتزقته من غير الإيرانيين في وحدات مختلفة للحرب ضد الشعب السوري، ومن بين الميليشيات الموالية لإيران وتقاتل في سوريا «عصائب أهل الحق» و«فيلق بدر» مكوّنة من عناصر عراقيين بجانب ألوية (أبو الفضل العباس) و(ذو الفقار) و(كتائب سيد الشهداء) و(سرايا خراساني) و(حركة النجباء) وهي تشكيلات عراقية تم إعدادها من قبل قوات الحرس خلال السنوات الأخيرة لاستخدامها في سوريا.

ويقاتل عناصر الحرس الثوري ضد الجيش الحر وجيش الفتح والقوات التابعة لهما ولا يتواجدون في مناطق التماس مع داعش. وأكد قاسم سليماني لأفراد الحرس بصريح العبارة أن القوات المقاتلة أمامكم هم من الجيش الحر ولا علاقة لهم بداعش.

5 آلاف وكشفت قناة العربية في وقت سابق أن العدد الإجمالي للقوات التابعة للحرس الثوري وعناصر «حزب الله» والميليشيات العراقية والأفغانية والباكستانية المقاتلة معه، حيث حددتها بأنها 5 آلاف من قوات النخبة في الحرس الثوري وهي تقود 25 ألفاً من الميليشيات المذكورة آنفاً، وبهذا يصبح عدد هذه القوات حوالي 30 ألفاً تقاتل إلى جانب بقايا جيش نظام الأسد في سوريا.