ردد سياسيون كثيرون ممن تآمروا على تدمير العراق واخراجه من ركب الحضارة انهم راحوا بجيوشهم لبسط الحرية والديمقراطية فماذا يقولون فيما يدور الان في العراق من تدهور امني وجمود سياسي وتعطل اقتصادي وفوق كل ذلك انهار من الدم تهدر وارواح تزهق كل يوم ناهيك عما يتم العثور عليه كل حين من رفات اخرين في قبور جماعية تزداد يوما بعد يوم؟

بالطبع سيرددون نفس الجمل التي رددوها من قبل وهي: العراق اليوم افضل مما كان عليه قبل الغزو الاميركي البريطاني عام 2003.

ولقد فشلت كل المحاولات للمصالحة بين (المنتصرين) رغم الجهود والوسطات من اجل اقامة حكومة مركزية كما فشلت كل المحاولات لبسط الامن وامس الاول تم تأجيل مشروعات تنقيب عن النفط لعدم وجود حكومة.

وقبل ذلك تم تأجيل جلسات البرلمان المنتخب الشيء الوحيد غير المؤجل في ارض العراق اليوم هو الموت الذي يداهم الشعب العراقي بكل اطيافه السياسية وتوجهاته العقائدية والعرقية والعشائرية.

اما من فر من الموت في العراق فيلقى مصير أي لاجىء مهمش خارج وطنه الجريح.

صحيح ان هناك في العراق وخارجه من اخذ يترحم على الماضي ويتمنى لو يعود اليه، لكن طبائع الاشياء ليست وفق هوى من يتمنى، فما مضى لا يعود ، ونحن ابناء الحاضر ونحكم على ما نرى ، وما نراه يندى له جبين البشرية.

لقد اصبح العراق ساحة براحا لكل من شاء المغامرة والمقامرة بينما يتصارع السياسيون على السلطة ومن يحوزها يرفض التخلي عنها غير عابىء بالنتائج الوخيمة وفشلت كل الوساطات التي بما في ذلك وساطات واشنطن الراعي الاكبر لشجرة (الحرية الدموية) التي (ينعم) بها الشعب العراقي الان.

وها هي القوات الاجنبية ترحل يوما بعد يوم تاركة المعركة الداخلية على حالها وكلما مضى الوقت تفككت عرى الوطن العراقي الذي كان يوما ما يزهو بوحدته وتماسكه وثروته ويتطلع الى المستقبل بعزم وثقة في النفس وهي الاسباب الحقيقية وراء هدم العراق بأيدي الذين لم يبارح هوس الانتقام عقولهم فعميت قلوبهم وغشيت ابصارهم ووقعوا في شر اعمالهم.

لكن يبقى ان المنظومة الدولية التي لم تستطع منع تدمير العراق بيد الغزو غير الشرعي وغير الاخلاقي عليها ان تنهض لتصلح ما يمكن اصلاحه من شأن آلياتها المرتبكة وتبادر لتحرير ضميرها المثقل من الشعور بالذنب وتسعى لتحرير الشعب العراقي من وحشي الهلاك الذي وقع في براثنه لقد فاقت مأساة العراق كل احتمال ولابد من مساعدته على تشكيل حكومة شرعية على اساس نتائج الانتخابات الماضية حتى يتوقف هذا النزيف.