نشر صندوق سكان الأمم المتحدة، العام الماضي تقريراً أعلن فيه أن أعداد المراهقين وصلت اليوم إلى حد لم يشهد له التاريخ مثيلاً. وأشارت التقديرات إلى أن هناك ما يزيد على 1.8 مليار شخص حول العالم، تتراوح أعمارهم بين 10 و 24 عاماً. وأثارت وقائع التقرير جدلاً على امتداد العالم، وسلطت الضوء على المخاطر الواضحة التي قد تتمخض عن هذا التبدل الديموغرافي التاريخي.

كشابة تنتمي إلى فئة الشباب، شهدت الكثير من الحوارات التي دارت حول ما يسميه الكثيرون «التضخم الشبابي»، وفي حين أني أدركت في مرحلة ما «مخاطر» ارتفاع عدد الشباب حول العالم، لطالما شعرت بالحيرة إزاء سبب نظرة المجتمعات إلى الجيل الشاب على أنه عبء، وليس فرصة.

تصنف المجتمعات العربية، الجيل الشاب ضمن «مرحلة وسطية»، بحيث لا يتم التعامل معهم على أنهم لا بالغون ولا أطفال، حتى يكاد المجتمع يبدو وكأنه لا يعرف ماذا يفعل بهذه الفئة من الكائنات البشرية، التي تملك إمكانات هائلة

تخولها أن تكون زاخرة بالطاقة وغزيرة الإبداع. تسود نظرة حيال الشباب بأنه «جيل مدلل» لا يقدّر قيمة الأشياء، ويعتبر النعم والفرص جميعها حقاً مكتسباً.

وليس ذلك إلا غيض من التأكيدات السلبية الكثيرة التي تتردد على مسامع الشباب يومياً، داخل الصفوف وخارجها، فما الذي يحصل حين ندأب على إبلاغ مجموعة من الشباب بأنهم مفرطو الدلال والاتكالية؟ يبدؤون بتصديق الأمر، والتسليم بأنه حقيقة واقعهم.

أعترف بأني أرى منبع كل ذلك النقد السلبي، فأنا أدرك تماماً شعور اللامبالاة الذي سمم جيلنا. تستمتع غالبية الشباب بانتمائها «للمرحلة الوسطية»، حيث صنفها المجتمع، وتتعامل مع سنها على أنه حجة يبرر لها التنعم بالاسترخاء الذي يسبق خوض معترك «العالم الحقيقي».

لا بد لهم أن يفتحوا أعينهم ويدركوا أن العالم بأسره ينتظرهم خارج حدود انشغالاتهم الحالية. يحتاج أبناء جيلي لأن يَعوا قدراتهم الكامنة للمساهمة الإيجابية في مجتمعهم وبلادهم. فلماذا عسانا ننتظر مرحلة «التخرج»، لنجعل من طموحاتنا وأهدافنا حقيقة؟ فلنفتح أعيينا على النعم التي نحظى بها، لا سيما العلم، ولنترك أثراً إيجابياً في مجتمعنا.

يمثل جيل الشباب كنزاً بكراً، وقد آن الأوان للاستفادة من طاقته لتطوير المجتمعات والأمم.

أنا أتحدث عن تغيير رؤية المجتمع حيال ما يستطيع الشباب القيام به، وإلقاء مسؤوليات أكبر على عاتقه في مجال تطوير المجتمع. وظفوا المزيد من الطلاب في المجالس الاستشارية، واستمعوا للحلول التي يقدمونها.

وبدلاً من التكلم باسم الشباب، دعوهم يتحدثون عن أنفسهم، فإدخال الجيل الشاب في قلب عمليات اتخاذ القرار، تجربة مجدية للجميع، تجعل الشباب يشعرون بأن لآرائهم أهمية، والبالغون يستفيدون من وجهات نظر أكثر تجدداً، فلنُعِد تقييم دور الشباب في مجتمعنا.