أن تحتل الإمارات الصدارة بين دول العالم وتكون بالمركز الأول في تقديم المساعدات التنموية الإنسانية للعام 2016 نسبةً إلى دخلها القومي.
وذلك وفق إعلان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فهذا يعني بالضرورة أن دولة الإمارات من الدول التي تغمرها السعادة، فالعطاء يجلب السعادة للمعطي، وكذلك فإن السعادة أيضاً تحفز العطاء.
العطاء هو نبض الحياة في مفاصل النسيج المجتمعي، وعبره يتعاظم التسامح، وتقبل الآخر، والحوار الثقافي والإنساني.
أن تعطي لغيرك من نصيبك وأن تشق طريقك بين الناس كجدول ماء يروي العطشى والجوعى حال لا يمكن وصفه.
من فلسطين، ولبنان، وكوسوفو، وهاييتي، والعراق، وباكستان، والهند، ونيبال، والأردن، وسوريا، ومصر، والعديد من بلدان أفريقيا، وآسيا، وصولا إلى أميركا اللاتينية، وغيرها من القارات، قدمت دولة الإمارات مئات المليارات على مدى السنوات إنقاذا للبشرية من الجوع ومكافحة الفقر والجهل.
العطاء لم يكن فقط بالدعم المادي المباشر أو اللوجستي، وإنما التعليمي والصحي والبيئي والتنموي.
أصبح العطاء مستداما في دولة الإمارات، وغدت نموذجا وصوتا للضمير الإنساني بين الأمم، وصمدت بقوة جميع المبادرات التي انطلقت.
رأينا كيف أن مبادرات العطاء تحولت إلى مؤسسات خيرية، وأنتجت مبادرات جديدة تناسب الواقع الجديد العالمي بسبب المجاعات وأعداد اللاجئين المتزايدة.
فالخير والعطاء ليس فقط رمضانيا، وإن كان الخير يفيض في ذلك الشهر الفضيل بدولة الإمارات، فلا يبيت فيها الصائم جائعا، ولا يأتي عليها العيد بلا كسوة طفل.
منهجية ومأسسة واستدامة الخير ما كانت لتكون بهذا الفيض لولا أن الحس العطائي العام قد تغلغل ثقافيا وأخلاقياً ليعم الخير الجميع، فضلا عن المستوى التنموي المرتفع الذي يساند هذه الفضيلة.
لقد تجذرت ثقافة العطاء على المستوى الفردي وليس الرسمي الجماعي فحسب، فيموت أحدهم ليكتشف الورثة أنه قد أوصى بوقف من أملاكه للفقراء، ويعيش الفقير ويدرك أن حاله أصبحت أحسن حالا بفضل الرجل الذي رحل.
ويدرك الجار لفقير أن المجفف والمعلب من المؤن الخيرية على بابه كانت من جاره السابع الميسور الذي فارقته الحياة، وأوصى باستمرارها بحسب ما باح به ناقل الخير عند أول شهر.
إن الرضى النفسي للفرد لا يتأتى بجمع المال وتكديسه وتأمله دون الاستفادة منه وتوظيفه لما ينفع الناس، بل يأتي من خلال ذلك الإحساس الغامر الذي ينتشي به الإنسان بأن يرسم البسمة على وجه حزين ويعيد النور إلى عيني كفيف، والصحة لمعتل ينهشه المرض.
يأتي الرضى بأن يُحْفر بئر ماء في صحراء وأن تستنبت الواحات ويستقر الهارب من الجوع، وأن تُبْنَى مدرسة، ومستشفى، في بلاد تزيد فيها نسبة الوفيات على المواليد بفعل الأمراض والفقر والجهل والقتل.
تعتبر دولة الإمارات الدولة العربية الوحيدة ضمن 10 دول الأكثر عطاء في العالم وجاءت في المرتبة الثانية النرويج بنسبة1.11 في المئة ثم لوكسمبورغ في المرتبة الثالثة بنسبة 1 في المئة ثم السويد في المرتبة الرابعة بنسبة 0.94 في المئة وقدمت الدول الأوروبية مساعدات استثنائية خلال عام 2016 نتيجة تفاقم أزمة اللاجئين.
للعطاء أشكال، مختلفة، وأكثرها جمالاً إنْ ترافق العطاء العاطفي مع المادي، فلا منّة ولا ابتزاز.
فالإنسان للإنسان، والدول المعطاءة لشعوبها، هي كذلك للشعوب الفقيرة، وهي منظومة أخلاقية تعتمد على الحس الإنساني الذي لا يؤطره دين أو عرق أو جنس أو مكان، ما دام أن المسألة هي الإنسان، فللعطاء ألف جناح وجناح ليصل إلى غايته في الأزمات بكل مكان.