تحل اليوم، السابع من أكتوبر، الذكرى الحادية والثلاثون لرحيل المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم طيّب الله ثراه، ولا زالت ذكراه حاضرة بقوة في المسيرة الخيّرة لهذا الوطن العزيز. نذكره مع كل إنجاز يتجدد في مسيرتنا الإنسانية والتنموية والحضارية. بصماته راسخة في ذاكرة الوطن وفي وجدان أبنائه.
مؤخراً، ومع الاحتفال المميز للإمارات بانطلاق إكسبو 2020 كان الشيخ راشد حاضراً في الكلمة الجامعة لسمو الشيخ نهيان مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش عندما ذكر دوره المحوري مع رفيق دربه المغفور له الشيخ زايد طيّب الله ثراه في تأسيس دولة الاتحاد وتعزيز أركانه وبنيانه. وهي شجرة مباركة غرسها الآباء المؤسسون، ويواصل السير على نهجهم قادتنا البارون لعهد المؤسسين. ويجني ثمار ذلك الغرس الكريم أبناء هذا الوطن العزيز.
الأسس التي أرساها الشيخ راشد في بناء ثقافة العمل والجدية والمثابرة والإنجاز مُلهمة كانت، وما زالت، لقادتنا من بعده ولمواطنيه على حد سواء.
راشد عشق التحديات التي واجهته في بداية حكمه في عام 1958 ، وحولها إلى فرص واعدة. ولم تكن دبي وقتها ذات شأن كبير على الخارطة الإقليمية والعالمية.
كانت الموارد المتاحة محدودة، والبنية الأساسية والمرافق متواضعة، والخدمات شبه معدومة. لكن الشيخ راشدًا الذي كان يمتلك حلما كبيرًا، استطاع أن يُحول تلك الإمارة الصغيرة إلى أكثر البقاع جذبًا وإشعاعا. ليس في هذه المنطقة فحسب، وإنما على مستوى العالم. وفي فترة غاية في الصعوبة لجهة التحديات الإقليمية المحيطة، ووسط تيارات سياسية وايديولوجية عارمة، عصفت بالكثير من الممالك والدول ذات العمق التاريخي والرصيد المدني والحضاري.
تميز الشيخ راشد برؤية سابقة لعصره، وتسلح في سبيل تحقيق ذلك الحلم الكبير، بإرادة صلبة، وعزيمة قوية، وتخطيط سليم، وعمل دؤوب، ومتابعة جادة، وتحقيق لنتائج مذهلة. وقد بدأت قصة التميز بتوفير عوامل النجاح لتحويل الإمارة إلى بيئة جاذبة للتجارة، خاصة الاستيراد والتصدير. فكان تعميق خور دبي في أواخر الخمسينيات من القرن العشرين، مدركًا أهمية الخور باعتباره شريان الحياة الاقتصادية للبلاد. ثم كان إنشاء مطار دبي وميناء راشد وميناء جبل علي وأول منطقة حرة في العالم في الموقع ذاته. وأتبع ذلك، بتشييد شبكة حديثة للطرق والمواصلات تمتد إلى مناطق الدولة وخارجها، تسهيلًا لأعمال التجارة ونقل البضائع. وتحولت الإمارة في غضون سنوات محدودة إلى موقع فريد للاستيراد والتصدير، بل ومدينة جاذبة للاستثمار بفضل القوانين المرنة التي سنها الشيخ راشد، والتسهيلات التي وفرها للمستثمرين من مختلف بقاع العالم.
ولعل من أكثر الجوانب إشراقًا في مسيرة الشيخ راشد رحمه الله، الجانب الإنساني وتوفير الحياة الكريمة لمواطنيه وللمقيمين على هذه الأرض الطيبة. وقد تجلّى ذلك عندما تولى رئاسة مجلس الوزراء في عام 1979 حيث تضاعفت جهود التنمية الشاملة في مدن الدولة وقراها. وقد لمستُ حجم تلك الجهود وآثارها أثناء مسؤولياتي في العمل الحكومي. حيث نفذ الشيخ راشد عددا هائلًا من المشروعات الخدمية، صحية وتعليمية وإسكان، وانتشرت المجمّعات السكنية التي عُرفت باسمه. وهكذا كان راشد عونًا لأخيه زايد في تحقيق الاستقرار والرخاء والسعادة لأبناء هذا الوطن.
رحم الله الشيخ المُبجل راشد بن سعيد، ورحم الآباء المؤسسين وحفظ هذا الوطن العزيز وقادته الكرام.