اعتبر القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، التراث أحد أبرز المكونات الجذرية للهوية والتقدم الوطني. يتجلى ذلك في جميع أفعاله وأقواله، كما يوضح فيما يلي: «إن الإنسان الذي لا يعرف ماضيه وكيف عاش وتعب أهله، لا يعرف الطريق إلى حاضره، أما إذا عرف ماضيه فإنه يستطيع أن يسلك الطريق والاتجاه السليم». تجمع شخصية الشيخ زايد بين حكمة العمل الحالي وتفكير المستقبل، حيث يبين: «إن بعض الناس يظن أن مجرد تغيير الوضع السابق يعتبر تطوراً. لقد تخلقنا بأخلاق ديننا وتعلمنا من إسلامنا ومن تراثنا ومن سنة نبينا، فكانت هذه الصورة من الحكم. تعكس رؤية الشيخ زايد الأبعاد المتشعبة لتأصيل التراث ودمجه في خيوط التنمية والتقدم. وتجسد هذه التأصيل الأمثل كيف يمكن للتاريخ والثقافة والتقاليد أن تشكل القاعدة للرؤية المستقبلية».

تنمية 

في خضم رؤية الشيخ زايد لتوجيهات التنمية، التي تراعي دور التراث الثقافي كممثل أساس لهوية ووحدة المجتمع، يؤكد، رحمه الله، أهمية الاستفادة من تراثنا الطبي العلمي الإسلامي مع تطويره وتنويعه لمواكبة أحدث ما توصلت إليه العلوم والتكنولوجيا، موضحاً ذلك في ممارسته: «علينا الاستفادة من تراثنا الطبي العلمي الإسلامي العريق جنباً إلى جنب مع مواكبة ومتابعة أحدث ما توصل إليه العلم من تخصصات ومجالات الطب الحديث المختلفة، وإخضاع هذا التراث لمناهج وأساليب البحث العلمي». دعا الشيخ زايد الشباب دائماً للاستزادة من ماضيهم وفهمه لبناء مستقبل مشرق، وأن يكونوا جزءاً من هذه الرحلة الملهمة نحو تحقيق طموحات وتطلعات وطنهم.
اعتنى القائد المؤسس بتعزيز التراث الثقافي في نظام التعليم الإماراتي، حيث عمل على إدراج تاريخ الإمارات والثقافة الإماراتية في المناهج الدراسية لتعزيز الانتماء والوعي بالتراث الثقافي للبلاد. وأكد قائلاً: «إن أبناءنا الخريجين، يجب أن ندرس لهم تاريخ المنطقة، وتاريخ الآباء والأجداد، حتى يعرفوا ما كانت عليه بلادنا في الماضي. وكيف عانى الأجداد والآباء، وحتى لا يتصور الأبناء أن الرخاء الذي نحن فيه اليوم وجد من زمن بعيد. إن برامجنا التعليمية تتضمن دروساً في تاريخ المنطقة، ونحن نقدم لأبنائنا الطلاب حقيقة ما كنا فيه في الماضي، وأسباب ما نحن فيه من رخاء».

هوية 
اعتبر الشيخ زايد العناصر المتنوعة للتراث الثقافي، مثل الأعمال الفنية والمهارات والتقاليد والعلوم، جزءاً لا يتجزأ من الهوية الوطنية. فهي تحمل في طياتها تجارب الماضي وتعكس تطورات المجتمع وقيمه ومعتقداته. وهذا ينسجم تماماً مع تفكيره المستقبلي وتخطيطه الاستراتيجي، حيث يقول: «علينا أن نخطط في ضوء التقدم الذي تشهده البلاد في الأعوام المقبلة، وفي ضوء كل العوامل المحيطة». لقد شدد، طيب الله ثراه، دائماً في رؤيته على أن التقدم الحقيقي يكمن في تحسين معيشة الإنسان ورفع مستوى حياته، بناءً على ما حصل في الماضي.
يرى الشيخ زايد أن التأصيل في التراث والاستفادة منه لا يتعارضان مع الابتكار والتقدم، بل يمثلان ركيزتين أساسيتين لبناء مستقبل واعد للإمارات وشعبها. فقد وضح مثالاً أن الإمارات في الماضي كانت تعتمد على الصيد واستخراج اللؤلؤ، وتطورت اليوم لتكون دولة مزدهرة بفضل التنوع الاقتصادي والتوجه نحو تطلعات جديدة وملائمة، وشرح ذلك بقوله: «إن أهل الإمارات السابقين كانوا يعيشون على الغوص واستخراج اللؤلؤ والصيد. واللؤلؤ انقرض ولم تكن له أسواق أو راغبون في شرائه، والصيد لم يكن كافياً لتطوير هذه البلاد، ورأيت أنه لا يوجد شيء يرفع مستوى الإنسان ومعيشته أكثر من الزراعة».

شمولية 

يدعونا القائد المؤسس إلى العيش وفقاً لقيم التراث ومواكبة التقدم، لنحقق التنمية الشاملة ونضع الإمارات على خارطة الابتكار والريادة في المستقبل. تظل وصيته ثابتة وموجهة لنا ولجميع الأمم: «علينا أن نستفيد من كل دقائق التجربة التي عشناها خلال الأعوام الماضية، وهي مرحلة ضرورية لنا».