إن التحديات والمشكلات الأسرية التي تواجه الأمن الأسري تتجدد باستمرار، مع تطور الزمن وتغير الظروف الاجتماعية والثقافية. فمع تقدم التكنولوجيا والتواصل العالمي، أصبحت الأمور أكثر تعقيداً وتنوعاً، ما أدى إلى ظهور مشكلات أسرية جديدة، وتحديات تتطلب التعامل معها بطرق مختلفة.
وعلى مر العصور، شهدنا تغيرات جذرية في طبيعة المشكلات الأسرية. ففي الماضي، كانت بعض المشكلات تتعلق بالعلاقات الزوجية والأسرة، كقضايا الطلاق والعنف الأسري. ومع ذلك، أصبح لدينا اليوم مشكلات جديدة، تتعلق بسلوكيات الأطفال عبر الإنترنت، وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي في العلاقات الأسرية، حيث إن العولمة والتكنولوجيا الحديثة، لهما دور كبير في تغيير الديناميات الاجتماعية والثقافية. فقد أصبحت الحدود غير ملموسة، وتأثرنا بثقافات متنوعة، وأساليب حياة مختلفة. ومن الضروري أن نفهم تلك التحولات، ونعترف بأنها قد تكون مصدراً للتوترات والصراعات داخل الأسرة.
لضمان تعامل فعّال مع تلك المشكلات، يجب على المجتمع والمؤسسات الاجتماعية، أن يكونوا مستعدين للتكيف مع التغيرات، وتطوير استراتيجيات جديدة لمعالجة المشكلات الأسرية. يجب تحديد الأولويات، والتركيز على الأمور ذات الأهمية القصوى، مع الاعتراف بأن تحقيق العدالة والاستقرار في الحياة الأسرية، يتطلب جهداً مشتركاً وتفهماً عميقاً للأسباب الداعية لحدوث تلك المشكلات.
وتواجه الأسرة الإماراتية، مثل العديد من الأسر حول العالم، تحديات كثيرة تؤثر في نهاية المطاف في العلاقات العائلية والصحة النفسية لأفرادها. وأبرز هذه المشكلات الأسرية، المشكلات الاجتماعية، والتي تشمل مجموعة متنوعة من التحديات التي تؤثر في العلاقات داخل الأسرة. وتتضمن هذه المشكلات الخلافات بين الأبناء أو بين الأبوين والأولاد، وكذلك العلاقات بين الأقارب والأسر المتعددة. ومن الممكن أن تكون هذه الخلافات والتوترات، نتيجة لاختلاف الآراء والتوقعات بين أفراد الأسرة، ما يتطلب التفاهم والتواصل الجيد لحلها.
بالإضافة إلى ذلك، هناك المشكلات الاقتصادية، والتي تتعلق بالخلافات حول الأمور المالية والمسؤوليات المالية بين الزوجين. ويمكن أن تكون هذه المشكلات مصدراً للتوتر داخل الأسرة، وتستدعي الحوار والتفاهم.
وأيضاً، لا يمكن تجاهل المشكلات النفسية التي تؤثر في الأسرة. ويمكن أن تشمل هذه المشكلات الاكتئاب والقلق والإدمان ومشاكل الصحة النفسية الأخرى، تلك المشكلات تتطلب دعماً ومساعدة مناسبة للتعامل معها بشكل فعال.
وأما بالنسبة للمشكلات الأخلاقية، فتتضمن سلوكيات وأعمالاً تتعارض مع القيم والمبادئ الأخلاقية، التي يجب أن توجه العائلة. ومنها العنف الأسري وسوء المعاملة، وتلك المشكلات تستدعي التدخل الفوري، والوعي بأهمية القيم الأخلاقية داخل الأسرة.
وتعمل حكومة الإمارات جاهدة للتعامل مع المشكلات الأسرية، وتوفير الدعم والمساعدة اللازمة للأسر في مواجهتها. وتتبنى العديد من الإجراءات والمبادرات لتعزيز التماسك الأسري، وتحسين جودة الحياة الأسرية. ومن الجهود التي تبذلها الحكومة في هذا الصدد: مراكز الإرشاد الأسري، حيث توفر الحكومة مراكز إرشادية واستشارية للأسر، تهدف إلى تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأفراد والأسر المتأثرة بالمشكلات الأسرية. كما تطرح الحكومة العديد من البرامج التوعوية والتثقيفية، حيث تعمل على تنظيم حملات توعوية، ومبادرات تثقيفية، تهدف إلى زيادة الوعي بأهمية الحياة الأسرية السليمة، وتعزيز المهارات العائلية. والمشاريع القانونية والتشريعية، حيث تقوم الحكومة بتحديث وتطوير التشريعات والسياسات القانونية المتعلقة بالأسرة، لحماية حقوق الأفراد، وتعزيز استقرار الأسرة.
والمساعدات المالية والاجتماعية، حيث تقدم الحكومة الدعم المالي والاجتماعي للأسر المتضررة والمحتاجة، سواء كان ذلك من خلال منح مالية، أو برامج دعم الدخل، أو المساعدات العينية.
والتوعية بحقوق الأسرة، حيث تعمل الحكومة على تعزيز الوعي بحقوق الأسرة، وتعزيز التسامح والاحترام المتبادل بين أفراد الأسرة، وذلك من خلال حملات توعوية وبرامج تثقيفية.
في الختام، تظل المشكلات الأسرية تحدياً مستمراً للأسر في دولة الإمارات، وفي جميع أنحاء العالم. إلا أن التفاهم والتواصل الجيد داخل الأسرة، بالإضافة إلى الدعم والمساعدة التي تقدمها الحكومة والمؤسسات الاجتماعية، يمكن أن يسهما في التغلب على هذه المشكلات، وتعزيز الحياة الأسرية السعيدة والصحية. تشجع الجهود المشتركة للأسر والمجتمع والحكومة، على بناء أسر قوية ومستدامة، والمساهمة في بناء مجتمع أكثر استقراراً.