في لحظات تاريخية مميّزة تتجلى فيها قيم الإيمان والتضامن، نلتقي بمناسبة شهر رمضان المبارك، وهو الوقت الذي يفتح فيه قلوب المسلمين للتأمل والتفكير والتواصل الروحي مع الله. وفي هذا الشهر الفضيل، تتجلى القيم الإسلامية السمحة التي لم يتخلَ عنها القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وتبرز رؤيته الواضحة لتوحيد وتعزيز الأمة الإسلامية.
عندما نلتقي في الليالي المباركة في شهر رمضان، كل منا يحذو حذوه حسب أجوائه للتعبد والتسامر مع الأهل والأقارب والأحباب والأصحاب، وتعود بنا الليالي إلى تباحث رؤية الوالد المؤسس الشيخ زايد المتميزة لهذه الفترة العظيمة، ويتجلى لنا مدى تأثيره على الوحدة والتضامن في قلوب المسلمين، باعتبار الوحدة والتضامن أساس قوة الأمة الإسلامية. وهذا يبرز لنا أن القائد المؤسس، كان ذا فكر مستدام ويرمي باستمرار إلى غايات بعيدة المدى وكأنه يرى حال الأمة الإسلامية اليوم. فعمل على حفظ دولة الإمارات العربية المتحدة من كل تأثير سلبي وغلق الأبواب على كل من تُسول له نفسه الإساءة للدين والوحدة والتضامن الإسلامي بالدولة. فحمل الراية خلفه الصالح بحكمة ورشاد، وسار على نفس الدرب القويم، فتجلت لنا نعمة الله على وطن وشعب الإمارات؛ نعمة ولي الأمر الصالح الذي يحمل هم شعبه، ويقودهم بخطوات واثقة نحو التقدم والازدهار وبما يوافق ديننا الإسلامي الحنيف.
عند استقبال القائد المؤسس الشيخ زايد لأصحاب الفضيلة علماء الدين في مثل هذا الشهر الكريم، يدعو إلى أن يكونوا دعاة خير وتوحيد للأمة، وأن يعملوا على توحيد صفوفها ونبذ الخلافات من خلال المبادئ والقيم التي يجمعها ديننا الحنيف قائلاً: على العلماء وأهل العلم أن تجتمع كلمتهم على نهج القرآن الكريم، وأن يكونوا على الطريق الواحد الذي يرضي الله سبحانه وتعالى في أرضه وعباده؛ لأن كتاب الله هو دستور المسلمين الذي يحكم عقيدتهم وسلوكهم.
إن ضعف الأمة الإسلامية هو بسبب التفرقة والخلافات والمزايدات والأفكار الدينية المنحرفة التي خرجت عن تعاليم كتاب الله وهدي رسوله الكريم، والواجب يحتم على العلماء الذين نعتبرهم قدوة ونفخر بهم لما آتاهم الله عز وجل من سعة علم ومعرفة وإيمان أن يكونوا مثقفين في توجيهاتهم ونصائحهم للعباد إلى ما فيه الصواب والصلاح، ولما يحبه سبحانه وتعالى ويرضاه. ولا يجب أن تكون هناك خلافات بين العلماء؛ لأن الله لا يريد لعباده العسر، بل أن يكونوا في يسر، وإذا كان التوجيه مفيداً فإنه يثمر ويستجيب له الإنسان.
على الدعاة عندما يشخصون الداء أن يحددوا الدواء الذي يرد الإنسان إلى ربه، والنصيحة واجبة بين المسلم وأخيه المسلم، والعاقل الذي يحث على الألفة والخير والصلاح وليس التعصب والخلاف والبعد عن منهج الإسلام.
ويؤكد في مقام آخر: إن قوة الأمة الإسلامية بتضامنها وتآزرها، وإن هذه الأمة تملك الإمكانيات والمقومات والقدرات، ولولا الخلل والخلافات القائمة في وضع العالم العربي والإسلامي لكان لها صوت مسموع ووزن بين دول العالم. إن الله تعالى لا يعطي لمن لا يعطي، ويجب على الأخ أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وأن يكون في عونه في السراء والضراء.
يرى الشيخ زايد أن التوحيد والتضامن بين القادة والشعوب هو السبيل الوحيد لتحقيق القوة والتألق للأمة الإسلامية. إن الوحدة في الفكر والتعاون في العمل هما مفتاح النجاح والتقدم، وهذا منهاج الوالد الشيخ زايد وخلفه، بأن يوفق قادة الأمة الإسلامية إلى ما فيه الخير ويقوي بهم الإسلام والمسلمين.
شهر رمضان في رؤية الشيخ زايد الواضحة، ليس مجرد فرصة للصيام والعبادة، بل هو أيضاً فرصة لتوحيد صفوف الأمة الإسلامية وتعزيز قيم الوحدة والتضامن. أن يكون الجميع دعاة للخير والتوحيد، يعمل الجميع بجد لتعزيز الوحدة والتضامن بين أبناء الأمة الإسلامية، ليتحقق بذلك القوة والتألق والعيش في يسر وسلام.