بايدن يستبق «البطة العرجاء»

ت + ت - الحجم الطبيعي

استبق الرئيس الأمريكي جو بايدن فترة وصفه بـ «البطة العرجاء»، ذلك المصطلح السياسي الذي يُطلق على الرئيس الخاسر في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

والتي عادة ما تكون خلال الفترة من نوفمبر إلى يناير، حيث يقسم الرئيس الجديد أمام كبير قضاة المحكمة الاتحادية، وذلك بعد إعلانه في 21 من الشهر الجاري التنحي عن الترشح للفترة الرئاسية الثانية له، بعد أدائه الكارثي في المناظرة الأولى مع منافسه دونالد ترامب.

وفضل بايدن أن يُسجل نفسه في التاريخ السياسي الأمريكي، أنه ثاني رئيس أمريكي يعتذر عن الترشح للفترة الرئاسية الثانية، حيث سبقه في ذلك الرئيس الجمهوري ريتشارد نيكسون عام 1974، بعد فضيحة ووتر غيت، التي اتهم فيها أعضاء من لجنة ترشيح الرئيس بالتجسس على الحزب الديمقراطي.

الفترة ما قبل تنحي بايدن وبعدها رافقها شيء من اليقين السياسي بأن الساكن الجديد في البيت الأبيض، هو الرئيس السابق والمرشح الحالي دونالد ترامب، لدرجة أن دول بوزن الصين، وروسيا، وإسرائيل ومعها الدول الأوروبية (حسب العديد من التقارير).

كانت قد بدأت مناقشات ومفاوضات مع مقربين من الرئيس ترامب لإعادة ترتيب أوراقهم السياسية معه، ومحاولة الوصول إلى صيغ تفاهمية حول بعض القضايا محل جدل، إلا أن تنحي بايدن دفعهم إلى التأني حتى تتضح الصورة أكثر، فلم يعد ذلك اليقين موجوداً، وهذه هي إحدى مفاجآت الانتخابات الأمريكية، التي لا تنتهي إلا بإعلان الفائز فيها في الخامس من نوفمبر القادم.

في فترة «البطة العرجاء» -التي دخلها بايدن بعد الضغط الذي مارسه عليه كبار الحزب الديمقراطي- لن يتم تجاهل الرئيس الخاسر دولياً فقط، بل تزداد عادة الضغوط على السياسة الأمريكية الخارجية، ليس من أجل إرباكه في ملفات محددة، وإنما هو نوع من امتحان حول مواقف الرئيس الجديد، وكل حسب ملفه، فملف روسيا مثلاً مع بايدن، مختلف عن ملف الصين.

كما أن ملف العرب يختلف عن الملف الإيراني. وبالتالي، فإن الضغط على الرئيس بايدن سيزداد خلال الفترة المتبقية من رئاسته، والخوف أن يزيد من حالة الضعف والتردد الأمريكي في العديد من الملفات، وبخاصة ملف غزة.

حظوظ المرشحين في هذه الانتخابات تُبَينها استطلاعات الرأي الأمريكية، والتي تتابعها دوائر صنع القرار في العالم، وليس المراقبون فقط، ويظل هؤلاء المتابعون للمشهد الانتخابي «متوترين»، وهم ينتظرون الرئيس القادم. كما أن الوضع السياسي والاقتصادي يتأرجح بين الاستقرار والتغير. فإذا كانت الدول الأوروبية قلقة من عودة ترامب في ملفين، هما:

مستقبل حلف الناتو، والموقف من الحرب الأوكرانية، خوفاً من التخلي الأمريكي، وخوفاً أيضاً من الانتقام الروسي، فإن معدل الفائدة العالمي ستتغير قيمته في عودة ترامب، عما هو في حالة وصول المرشح الديمقراطي، فالبرنامجان الانتخابيان مختلفان، الجمهوري يركز على الوضع الاقتصادي الداخلي، في حين يركز الديمقراطي على الملفات الخارجية.

عملياً، عرفت الانتخابات الرئاسية الأمريكية بمفاجآتها، وقد بدأت هذه الانتخابات بواحدة منها، وهي تنحي الرئيس بايدن، مع أنه معروف عنه تمسكه بالرئاسة، وعليه، فنحن أمام مفاجآت عديدة خلال هذه الانتخابات، فوصول باراك أوباما كان إحدى تلك المفاجآت، وهزيمة هيلاري كلينتون أمام ترامب أيضاً كانت مفاجأة، وغيرها من المفاجآت، وهي كثيرة.

بالنسبة لي، عدم فوز دونالد ترامب في هذه الانتخابات بعد الخبرة التي اكتسبها من التجربة الماضية-إن حدثت- ستكون مفاجأة، كما أن فوز كامالا هاريس هو الآخر مفاجأة، لأنها ستكون سابقة أمريكية، حيث إنها ستكون أول أمرأة تقود أكبر دولة في العالم.

على كلٍ، الانتخابات الأمريكية تختلف عن غيرها من الانتخابات في العالم، في أنها أكثر تقلباً خلال سيرها، ولا يمكن الحكم عليها قبل أن يتم إعلان الفائز رسمياً، وإلا سنكون أمام مشهد جورج بوش الابن وآل جور، الذي أعلن فوزه في انتخابات 2000، ولكن بعد ساعات قليلة تغيرت النتيجة، فكان العالم أمام مفاجأة من الحجم الكبير.

لذا، وجب الانتظار لحين إعلان النتيجة النهائية، أو في أفضل الحالات، الاستعداد للساكن الجديد في البيت الأبيض، من خلال تحضير سيناريوهين اثنين للتعامل مع الفائز فيها، سواءً كان ديمقراطياً أو جمهورياً.

Email