تحمل الأمكنة ذكريات وخصوصية لدى البشر، ومن ضمن تلك الأماكن المستشفيات التي نتردد عليها بين حين وآخر، وقد نلتقي فيها بمن يزرعون الأمل والثقة والتفاؤل بالقادم من عمرنا، فطبيب بمستوى رفيع يحدثك بثقة وكأنها رسالة توحي بتميزه وخبرته في مجاله.
وتنقل لك شعوراً مغايراً عما تعيشه من خيالات وأوهام، لتمسح عنك غمامة سوداء وتفسح المجال أمامك لتعبر إلى مرحلة جديدة من حياتك، كم تخبطنا في هذه الحياة لنبحث عن بصيص أمل لحالة مرضية ولم نيأس متمسكين بحسن الظن بالله أولاً والسعي في إيجاد سبيل، فالعافية والرزق يحتاجان إلى سعي لتصل إلى الأمان، بين طرقات متباينة سلكتها وما زلت على أمل بأن هناك منعطفات، مضيت دون تردد وإذا بتيسير إلهي في مجريات الحياة، تيقنت بأن كل إنسان له خبرته في مجاله، وكل حسب قدراته وابتكاراته وامتيازاته.
وكأن الخير الذي تحبه لغيرك يسعى إليك، وعلى نياتكم ترزقون، سعدت كثيراً بأني أنهيت عملية جراحية بتفوق دكتورة في مجالها، منطوق كلامها وطريقتها في التحدث كأنها تحمل رسالة نفسية قبل أن تجري مهمتها الطبية العلاجية، كم نلتقي في هذه الحياة بأشخاص يتركون أثراً عميقاً ولو كان في مرحلة عابرة من العمر، ولكنها بإخلاصها وتميزها في عملها ستكون بصمة في حياتك.
وكأنها تحفز إنساناً للعيش من جديد بعد طول المسافات التي قطعها، هكذا هي محطات الحياة نتعلم منها وتزيدنا خبرة ولكل محطة بصمة ولها وجهان، وجهه مشرق يطغى على الوجه الآخر، وكأنما كل خبرة عبرة ودروس الحياة لا تنتهي وليس للعلم حد معين، فاسعَ جاهداً ولا تيأس فكأنك تبحث عن الأجمل والأرقى، لأنك لا ترضى بالقليل، والكثير لا يأتي سريعاً، فكل بلاء وتعب وطول مسافات نهايته مشرقة وحكمة تبلغ بها عنان السماء.