بعد خمسة أشهر تنبهت المفوضية الدولية لحقوق الإنسان إلى أن القيود التي تفرضها إسرائيل على دخول المساعدات إلى غزة قد تصل إلى جريمة حرب، واكتشفت بأن منع المساعدات الغذائية سلاح تجويع لا يقل خطورة عن أسلحة الدمار العسكرية!

لن نناقش الفهم المتأخر للوضع الإنساني في غزة من قبل تلك المنظمة، وهي التي تهب مع منظمات أخرى من أجل شخص واحد في كثير من البلاد، وتدافع باستماتة عن فئات شاذة أو منحرفة مخالفة لقوانين بلادها، والسبب بسيط لأننا نعرف أن هذه المنظمات، وإن كانت دولية، تدار من خلف الأستار بواسطة قوى الضغط العالمية، وهي معروفة في دفاعها عن الجرائم ما دامت هي التي ترتكبها أو أحد حلفائها!

هناك مئات الشواهد على أن ما يحدث في غزة جريمة حرب، ابتداء من العقاب الجماعي لسكان القطاع، والتدمير الممنهج للمناطق، وإزالة كل مقومات الحياة، دون تردد أو خشية من الصامتين، وضرب المستشفيات، وإجبار المدنيين على هجر مساكنهم، كل فعل من هذه الأفعال جريمة حرب، ومن يقول غير ذلك شريك فيها، أما من احتاج إلى 150 يوماً حتى ينطق فهذا له تعريف آخر!

يكفي كل المعنيين بأمور حقوق الإنسان أن يراجعوا تصريحات الوزراء المتطرفين في حكومة نتانياهو، وتلك التي ترأس جماعات الاستيطان، وبعض الحاخامات الذين صرحوا لقنوات تلفزيونية إسرائيلية، هؤلاء تحدثوا عن سلاح التجويع، ونادوا به، حتى لا يجد المواطن المدني مفراً من البحث عن مكان آمن بعيداً عن أرضه، فلماذا سد القائمون على المنظمات آذانهم ولجمت ألسنتهم كل هذه المدة؟!

وبعد كل ذلك، جاءت الحرب العدائية من نتانياهو ضد وكالة غوث اللاجئين، لأنها الجهة الوحيدة القادرة على إيصال المساعدات إلى مستحقيها، واتهمت بجرم هي غير مسؤولة عنه، وهو مشاركة بعض موظفيها في هجوم السابع من أكتوبر، وتراكض كثيرون خلف هذه التهمة، وأوقفت دول كبرى تمويلها عن الوكالة، وهي تعلم بأن جهة العمل غير مسؤولة عن تصرفات العاملين بها خارج العمل!