أحداث باريس الأخيرة تطرح سؤالاً يجب التفكير فيه جيداً ومحاولة إيجاد إجابة موضوعية عليه، هذا السؤال هو «لماذا يهاجم الإرهاب فرنسا بالتحديد دون غيرها من دول أوروبا والعالم؟».

الإجابة يمكن استشرافها من تحركات الرئيس الفرنسي بعد الهجمات وقرار التنسيق مع روسيا في الحرب على «داعش»، وترحيب روسيا بالمشاركة، ووصف بوتين لحاملة الطائرات الفرنسية «شارل ديغول» وطاقمها القادم إلى البحر المتوسط بـ«الحلفاء»، كما يمكن استشرافها من زيارة الرئيس الفرنسي لواشنطن وموسكو، حيث صدم الأميركيين بطلب إغلاق الحدود بين تركيا وسوريا، وهو تأكيد على ما تقوله موسكو من دعم أنقرة للإرهاب في سوريا، وقول هولاند في موسكو: «جئت إلى هنا لتنسيق التحركات مع روسيا في المكافحة الشرعية للإرهاب»، ووصف الشرعية هنا يعني أن تحالف الآخرين غير شرعي.

هناك على ما يبدو، توتر في العلاقات الأميركية – الفرنسية، خاصة مع نشاط باريس الفعال ضمن رباعية «نورماندي» التي تبذل جهوداً كبيرة لحل الأزمة في أوكرانيا بالحوار السياسي، وهو ما ترفضه واشنطن التي تبذل جهودها لإشعال حرب في أوكرانيا، وهناك على ما يبدو غضب أميركي من بيع باريس حاملتي الطائرات «ميسترال» لمصر، اللتين كانتا صنعتهما فرنسا خصيصاً لروسيا، لكن الضغوط الأميركية منعت باريس من تسليمهما لروسيا، التي لم تغضب من فرنسا وباركت بعد ذلك بيعهما لمصر، الأمر الذي جعل واشنطن تشك في أن الصفقة تمت بـ«الباطن» لحساب روسيا، خاصة وأن مصر لا تملك ثمن الحاملتين وليست بحاجة إليهما، ولا جيشها معد لاستخدامهما، فقد تم تصميمهما خصيصاً للأسطول الروسي العملاق، كما وعدت روسيا بتزويد الحاملتين لدى مصر بأكثر من ستين طائرة هيلوكوبتر وبكافة المعدات اللازمة، الأمر الذي يزيد من شكوك واشنطن. هجمات الإرهاب على باريس ربما جاءت بمثابة عقاب و«قرصة أذن» وتحذير لفرنسا وغيرها من محاولة خداع واشنطن أو التعامل ضد مصالحها.

وحادث إسقاط الطائرة الروسية كشف بوضوح من يدعم الإرهاب ومن يقف وراءه، ولهذا فالحل، كما أكد بوتين وهولاند، هو «تحالف الأقوياء» ضد الإرهاب ومن وراءه.