لقد نجح عام القراءة على كل المستويات بنشر الوعي حول أهمية المطالعة، لاسيما في أوساط الشباب. وشهدت الأشهر القليلة الماضية نقاشات على قدر موازٍ تتعلق بأهمية الكتابة، وتحفيز المؤلفين الشباب على إنتاج أعمال خاصة بهم ونشرها. إلا أنه في خضم التشجيع تجاوزنا أهمية ترجمة الأعمال الأدبية الوطنية.
ويكاد الاعتراف العالمي بمساهمات البلاد الأدبية والثقافية يلامس الصفر نظراً لغياب جهود الترجمة الكافية من جانبنا. ولم يحظ »الأدب الإماراتي« حتى الآن بالاعتراف به على أنه أحد أنواع الأدب العالمي، ويتم إدراجه، إذا ذكر، ضمن فئة »الدراسات الشرق أوسطية« على الرغم من ثراء المحتوى الذي يتمتع به.
وتتضمن الكتابات الأدبية لدينا، على سبيل الذكر لا الحصر، الشعر والدراما والقصص القصيرة والروايات التي تعود إلى فترات من الزمن تسبق وتعقب تشكيل الاتحاد عام 1971، ومع ذلك لم يخضع أي منها للترجمة اللائقة أو للتقديم إلى جمهور القراء على الساحة العالمية.
ويبقى حتى يومنا هذا أبرز أشكال الكنوز الأدبية الإماراتية محصوراً بالشعر النبطي، أو ما يعرف بالقصيد، وهو نمط من أنماط الشعر المنظوم والملقى بلهجات الجزيرة العربية. ولطالما أتقنت النساء، عبر التاريخ هذا النوع من الشعر، وسلطت من خلاله الضوء على القضايا الاجتماعية والسياسية لزمانهن. غير أن الشعر الإماراتي يقتصر وصوله على المتقنين للهجات الإماراتية وليس على الملمين باللغة العربية ككل.
وتمهد ترجمة الشعر النبطي الإماراتي إلى لغات أخرى الطريق لبروز »الأدب الإماراتي« في المشهد الأدبي العالمي، كما تتيح للمدارس والجامعات تدريس المواد المترجمة من ضمن مناهجها التعليمية.
يملك »الأدب الإماراتي« من الإمكانات ما يؤهله ليكون مادة تدرّس إلى جانب المواد الأدبية العالمية في المؤسسات التعليمية المحلية والعالمية، شرط أن تحظى ترجمة تلك الأعمال بالقدر الكافي من الاهتمام والجهد.
وتشكل الترجمة أداة مهمة لمدّ الجسور الثقافية بين المجتمعات من مختلف الخلفيات، وإيجاد مساحة مشتركةٍ في عالم تغزوه العولمة. لن تكون ترجمة أعمالنا الأدبية بالمهمة السهلة، إلا أن النتيجة مجدية وتستحق العناء. وما نحتاجه هو مؤسسات مكرسة لترجمة الأدب الإماراتي المكتوب باللهجة العربية المحكية أو الفصحى. وتعتبر ترجمة الأخيرة أكثر سهولةً، وبالتالي تشكل نقطة انطلاق جيدة، حيث تتطلب ترجمة الأعمال المكتوبة باللهجة العربية العامية أو باللهجة الإماراتية جهداً أكبر.
وإلى جانب المؤسسات المعنية بالترجمة، تبرز ضرورة إدخال ورش العمل في الثانويات الرسمية كنشاط من خارج المنهج الدراسي، كما يمكن إدراجها كمواد اختيارية في الجامعات الرسمية.
ويساهم تعزيز جهود الترجمة على مستوى الطلاب والمؤسسات المختصة ليس فقط في نشر الوعي حول أهمية المسألة، بل في غرس تلك الاهتمامات الأدبية في أذهان الأجيال الشابة.
لقد كان نجيب محفوظ الكاتب العربي الأول والوحيد الذي ينال جائزة نوبل للآداب، وقد ترجمت أعماله إلى أكثر من 30 لغة. لا أعلم متى سيحصل الكاتب الإماراتي الأول على جائزة مماثلة، لكني متأكدة من أنه لا تنقصنا المهارات أو الالتزام لجعل هذا الهدف يوماً حقيقة. وكل ما علينا القيام به هو البدء بالترجمة.