استلم طلبة المدارس، في مختلف المراحل التعليمية، نتائج امتحاناتهم النهائية. بعضهم يكون قد اجتاز بتفوق، وغيرهم لم يتسن له ذلك. قال ألكسندر دن هيجر: «عندما لا تتفتح الزهرة، فعليك أن تصلح البيئة التي تنمو فيها، وليس الزهرة نفسها».

أعتقد أن هذا المنطق ينطبق أيضاً على طريقة تقييم نجاح الطلبة. عندما يفشل طالب في امتحان، لا ينبغي أن يكون التشديد على تغيير الطالب بقدر ما أن يكون على تغيير البيئة التعليمية نفسها. فماذا يحصل عندما يتلقى الطالب علامة رسوب على امتحاناته، فصلاً تلو الآخر، وسنة تلو الأخرى؟، يصبح هذا الطالب، في أحسن الأحوال، غير مبالٍ، ولكن الأسوأ من ذلك؟ يبدأ الطالب في الاعتقاد بأنه فعلاً فاشل.

يمكن النظر إلى نتائج الامتحانات، بشكل عام، كقياس لصفات مثل الاجتهاد والمثابرة والالتزام والجهد المبذول. ويشكل الطلاب الذين يفلحون أكاديمياً سنة تلو الأخرى، قدوة لزملائهم، ويظهرون صفات تستحق التقدير والدعم. لكن هل تشكل العلامات المدرسية الطريقة الوحيدة لقياس ذكاء الطالب وقدراته ونجاحه؟، لننظر إلى فنلندا، كنموذج للقياس والاختبار الموحد للطلبة.

يبدو النظام التعليمي في فنلندا، أنه ينطوي على تناقض للوهلة الأولى، لكن تم البرهان على أنه من أكثر الأنظمة نجاحاً حول العالم. خلال السنوات الست الأولى من المدرسة، لا تعطى علامات للطلبة على الإطلاق، حيث يعتقد المعلمون أن تلك السنوات الأولى، لا تتعلق بقياس النجاح الأكاديمي، بل تتعلق بتنمية شغف العلم والتعليم لدى الطلبة.

ولا توجد اختبارات موحدة إجبارية في فنلندا، باستثناء امتحان واحد على الصعيد الوطني، يأخذه الطلبة عندما تصبح أعمارهم 16 سنة.

الفروض المدرسية غير محبذة أيضاً عبر مختلف المراحل التعليمية. لكن الطلبة الفنلنديين تمكنوا رغم ذلك في الحصول على أحد أعلى الدرجات عالمياً خلال العقد الماضي، في ما يخص برنامج تقييم الطلبة الدولي «PISA». ويقع نجاح النظام التعليمي المتواصل لفنلندا، في فهم أن طلبة اليوم، في عالمنا المتغير، لا يمكنهم النجاح في بيئة تعليمية تعتمد على المساءلة والتوحيد المعياري القائم فقط على الاختبار.

يوجد أكثر من درس واحد يمكن استنتاجه من مقاربة فنلندا للتعليم. من الواضح أن مستقبل التعليم، يعتمد على وضع المزيد من التشديد على التعليم، بدلاً من على الاختبار. وبينما للامتحانات مكانها في التعليم، لا ينبغي أن توضع في قلب تلك العملية. ومستقبل التعليم يقع أيضاً في تشجيع الابتكار، بدلاً من الامتثال، والفضول بدلاً من الحفظ والتلقين، عبر نهج كلي شامل لقياس ذكاء الطالب وقدراته ونجاحه.

يروي لنا التاريخ، قصة طالب فشل في أكثر من مادة وامتحان في مرحلته الابتدائية من الدراسة، لكنه كان جيداً بشكل استثنائي في المواضيع التي كانت تلفت انتباهه وفضوله. لقد ترك المدرسة بعمر 15 عاماً، عندما قال له أستاذه إنه «لن يفلح بأي شيء مطلقاً»، وفشل في امتحان الدخول الموحد، الذي أخذه بعمر 16 عاماً. كبر الفتى، ليصبح اسمه مرادفاً تقريباً لكلمة «عبقري»، وعرفه العالم باسم ألبرت أينشتاين.

بالتالي، ماذا يجمع بين الطلبة الراسبين وألبرت أينشتاين؟ أكثر مما نعتقد به بكثير، علينا فقط أن نبدأ بتطبيق منهج دراسي أكثر شمولية وكلية، لقياس قدرات الطلبة، وقد يكون الامتناع عن استخدام كلمة «فاشل»، عند تقييم جهد الطالب وذكائه، منطلقاً جيداً للبدء في ذلك.