ها هو العيد يقترب على استحياء أو على وجل، متوجساً متلثماً، يطرق الأبواب من بعيد، متردداً، محاولاً التقيد بممارسة التباعد الاجتماعي حرصاً على نفسه وغيره، لأنه يوقن أن تلك إحدى أهم وسائل مكافحة انتشار الجائحة التي حلت بالعالم.

العيد يعرف أنه يعود علينا هذا العام في ظروف استثنائية، لكنه مع ذلك لا يقطع صلته بنا متفهماً أن علينا أن نكون أشد حرصاً على أهلنا ومجتمعنا.

هو بلا شك يعرف أننا رغم الظروف نستقبله بالحب والفرح ككل عام، مع بعض التعديلات الطفيفة على عاداتنا وتقاليدنا التي اعتاد أن تميزه عن غيره، حتماً هو يفهم ذلك ويقدر حرصنا على أهلنا من كبار السن، بل ويقدر مسؤوليتنا جميعاً وحرصنا على المجتمع بأسره، هو أيضاً يتأقلم مع الظروف ومع متطلبات الصحة العامة، هو يفهم أن الصحة والسلامة أهم من الاجتماعات واللقاءات العائلية، ومن القهوة والفوالة ومن العيدية للصغار، بل إنه واثق بأننا سنعود لممارسة طقوس العيد في العام المقبل بإذن الله، بل ربما قبل ذلك بكثير عندما تعود حياتنا لطبيعتها.

وأسر لي ضاحكاً أنه متحمس لتجربة وسائل جديدة لمعايشة فرحة العيد من خلال تطبيقات التواصل الذكية، فترى وتسمع الأحبة والأهل في أي مكان دون الحاجة إلى مخالفة الإجراءات الاحترازية.

لم أخف دهشتي من مواكبته للعصر وغمز لي بعينه وهو يخبرني عن التطبيقات المتوافرة، وربما تمادى قليلاً في حماسه ليخبرني عن فخره لأن عيد الفطر لعام 1441 مميز، رقم مميز وأحداث مميزة سيخلدها التاريخ كأول عيد في ظل الجائحة التي غزت العالم، وسيخلد التاريخ كيف احتفل الناس بالعيد في هذا العام المميز، وسيعرف التاريخ أن البشر يحبون الحياة فلا يمكن هزيمتهم، قد يخسرون بعض المعارك لكنهم في النهاية ينتصرون.