غيمة حزن تخيم على سماء الإمارات هذه الأيام مع رحيل قلب دبي الكبير الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم إلى جوار ربه راضياً مرضياً بإذن الله، رحل عن الدنيا لكنه لا يزال مقيماً في القلوب، وفي ذاكرة المكان، في زعبيل وجميرا وديرة وبر دبي وفي شوارع دبي وأزقتها وبحرها وصحرائها، في كل الإمارات من أقصاها لأقصاها، وفي بقاع متفرقة من العالم، فالعمل الصالح لا ينتهي بموت صاحبه بل يبقى حياً إلى الأبد.
ترجل رائد الإنسانية وفارسها، فبكت دبي وبكينا معها، بل يبكي ويحزن لموته خلق كثير حول العالم، فقد كان الفقيد رجلاً محسناً كريماً، ينفق بيمينه فلا تعرف شماله، سيبكيه أولئك اليتامى الذين يكفلهم وأولئك الفقراء والمساكين الذين يؤويهم، وأولئك الطلاب والدارسون الذين يعلمهم عبر المدارس أو أولئك المرضى الذين يداويهم في المستشفيات التي بناها وتكفل بها في صمت.
وامتدت أياديه البيضاء في كل الميادين في الداخل والخارج، وأطلق الكثير من المبادرات والجوائز الرائدة لخدمة التعليم والصحة والعمل الخيري وزرع البسمة على الشفاه وفي القلوب، بنى أكثر من خمسين مدرسة وكلية في أكثر من عشرين دولة في القارة الأفريقية وحدها، لكن عطاءه وأياديه البيضاء امتدت لتشمل أكثر من 70 بلداً في جميع قارات العالم، وهناك أكثر، الله وحده يعلم بها.
كان شغوفاً بالثقافة والآداب والتطورات العلمية، وحريصاً على التنمية البشرية المستدامة، مساهماً في تأصيل مبدأ التعايش السلمي من أجل الإنسانية جمعاء، فكان صاحب القلب الكبير، الذي جعل إسعاد البشرية هدفه على الدوام، فكان شعلة متوهجة من القيم التي تمثل البذل والعطاء والتسامح والإنجاز بلا حدود، وأفنى عمره من أجل وطنه ومجتمعه، مخلداً سيرة حافلة بالإنجازات في مختلف الميادين، رحم الله الراحل وأسكنه فسيح جناته.