يوضح كتاب" علم النفس الأدبي مع نصوص تطبيقية " لمؤلفه الناقد والباحث اللبناني، الدكتور إبراهيم فضل الله، أهمية ودور العامل والمضمون النفسي في المنتج الادبي، مبينا ان عالم النفس فرويد لجأ إلى الأدب ليبرهن على صحة نظرياته في التحليل النفسي، فقام بتحليل عقدة "أوديب" من خلال الأدب اليوناني القديم.
كما كان فرويد يعقد مقارنة بين عمل الروائي وعمل الطبيب النفسي، ويقول في هذا الصدد، إنَّ الاثنين مجالهما الحياة النفسية، وما يصل إليه الطبيب النفسي بالعلم يبلغه الأديب بالحدس، وغير مطلوب من الطبيب النفسي أن يأخذ بالمنهج الأدبي.
كما أن الأديب غير ملزم بأخذ المنهج العلمي للطبيب النفسي. وبالتالي يستطيع الأديب أن يتناول أية قضية من القضايا النفسية، ويكتب فيها من منظوره الأدبي أو الفني، من دون أن يكون في تناوله للقضايا العلمية أي انتقاص من الناحية الجمالية. ويؤكد ابراهيم فضل الله، ان هذا الجهد النظري الذي قام به فرويد، ترك أثراً لايمكن تجاهله في الثقافة المعاصرة، فصار أساساً فكرياً انطلق منه أتباعه ليطبقوه على أبحاثهم، في الفن والأخلاق والدين والميثولوجيا والسياسة والتاريخ.
وكانت البدايات الأولى للتحليل النفسي الأدبي قد تمَّت عندما اجتمع حول فرويد، منذ العام 1902، جماعة صغيرة من الأتباع، وكوَّنت معه المؤتمر الأوَّل للتحليل النفسي في سنة 1908. وفي العام 1910 تأسَّست الجمعية الدولية للتحليل النفسي، واستمرَّت تعمل كتنظيم مركزي للمحللين النفسيين في أنحاء العالم. وقام رانك، أحد أعمدة الجمعية الدولية للتحليل النفسي، بتطبيق تقنيات التحليل النفسي على مجالات الأدب والفن وعلم الاجتماع .
كما ساهمت كتابات أدلر ويونغ، وهما من تلامذة فرويد، في اكتشاف الشخصية اللاشعورية. وأيضا دراسات فراي. ويجد المؤلف انه، بعد ذلك، انتقلت الدراسات إلى الأدب فأعدَّت ماري بونابرت تحت إشراف أستاذها فرويد، دراسة في التحليل النفسي الأدبي، حلَّلت فيها إحدى الشخصيات الأدبية، ثمَّ تلتها دراسة رينيه لافورغ حول شارل بودلير 1821-1867. وتتابعت سلسلة الإصدارات والدراسات والمنشورات الداعية إلى اعتماد التحليل النفسي في نقد الأدب.
ويلفت ابراهيم فضل الله، إلى أنه تتنوَّع مناهج التحليل النفسي الأدبي التي ترتكز على نظرية مفادها أنَّ النص الأدبي هو من نتاج لاشعور كاتبه، وبالتالي تكون مهمة تحليل المؤلف هي التدرج في البحث عن اللاشعور، والتفتيش عن المكبوتات الطفولية المبكِّرة التي حدثت للمؤلِّف، والتي انعكست على نصه، فكل نص أدبي هو من نتاج هذه المكبوتات الطفولية أو صدمة الميلاد.
ولقد أثَّر التحليل النفسي في الأدب عندما ركَّز على أثر اللاشعور في النتاج الأدبي، ونتيجة لهذا التأثير برزت في فرنسا، بين العامين1920-1938، حركة أدبية كانت لاتعترف بالقيمة الشعرية، إلا إذا كان الشعر من نتاج اللاشعور، وعرفت هذه الحركة بالمدرسة السريالية. وكان السرياليون لايعترفون بقيمة للشعر إلا لذاك الناتج عن تداعي الأفكار. ولذلك ركَّز أصحاب هذه المدرسة دعوتهم على الكتابة العفوية.
ويذهب المؤلف، إلى الأخذ بعدد من الروايات العربية، ليطبق عليها مناهج علم التحليل النفسي، بحسب مدرسة فرويد ومدرسة التحليل النفسي الاجتماعي. وايضا: مدرسة تحليل النص على أساس المدارس النفسية مجتمعة. ومن الروايات التي طبَّق عليها نقده: "الهجرة في ليل الرحيل" لعبد المجيد زراقط .
الكتاب: علم النفس الأدبي مع نصوص تطبيقية
تأليف: إبراهيم فضل الله
الناشر: دار الفارابي
بيروت 2011
الصفحات: 215 صفحة
القطع: الكبير