Al Bayan
today-time04 ذو القعدة 1446 هـ ، 2 مايو 2025 م
prayer-time

التوعية الأسرية

«درهم وقاية خير من قنطار علاج»، هذه المقولة لو وضعناها في ميزان العلاقات الأسرية وطبقناها لنجد أن التوعية الأسرية هي الوقاية الواقعية لتجنب كثير من الخلافات وتحقيق السعادة والاستقرار الأسري، إلا أن الملاحظ من خلال الواقع أن تركيز أغلب الحالات التي ينشأ فيها نزاع أسري يكون فقط على العلاج فتجدهم لا يبحثون عن المعرفة إلا بعد وقوع المشكلة ومن ثم يواجهون الصعوبة في التعامل معها.

لا يمكن المراهنة على استقرار المجتمعات دون وجود توعية دائمة لا يمل المختصون من تكرارها والتنوع فيها، وذلك في كل المجالات، والحال ينطبق على الأسرة، التي هي بحاجة مستمرة للتوعية وبروز المختصين المعتدلين عن طريق إيصال الرسالة الهادفة وبالطرق المبتكرة الموافقة لحال الناس اليوم.

قبل مدة سألني أحد الأصدقاء، ألم تمل من التوعية؟! ألا ترى أن الكلام لم يعد يجدي نفعاً لكثرة المشاكل التي نسمعها أو الأرقام التي تسجل في المحكمة؟ فكان جوابي الذي أقوله في السر والعلن، هل نرى الحال على مواقع التواصل الاجتماعي أم لا؟ هل نرى وجود بعض المخربين الذين بصورة ظاهرة أو مبطنة يدعون للتخريب بين الزوجين، وتضييع القيم لدى الأجيال الناشئة؟ أما ترون أنه لو توقف المختصون المعتدلون ستترك الساحة لكل مفسد؟ إذن لن نكون أدينا ما علينا تجاه المجتمع.

لن أبالغ لو قلت بأننا في مجتمع أناسه طيبون، يحبون الخير ويسمعون لمن يأخذ بأيديهم بحلم ولطف وحكمة، يستفيدون من الكلمة الطيبة بالأسلوب السهل الواضح دون تكلّف، ولدي أمثلة كثيرة جداً لنزاعات توقفت في المحكمة إثر معلومة أو توعية تم نقلها لهم أو استمعوا لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو البرامج المعنية، أو وجدوا من يناصحهم بشكل مباشر على مستوى الأهل والأصدقاء.

لا نريد توعية فيها خطاب جامد أو مخرّب يدعو المرأة بهذه الدعوات الغريبة «كوني مستقلة، أنت قوية، لا ترضي العبودية»، مع أننا في دولة، ولله الحمد، قامت منذ إعلانها على احترام المرأة وتمكينها واستقلاليتها وفق المفهوم المعتدل، إلا أن هؤلاء يأتون بمصطلحات ويريدون غيرها، يصطادون في الماء العكر. كما أن هناك دعوات مضادة، تحرّض الرجل، كالقول: «لا تعطي المرأة قيمة»، «حتى تكرمك المرأة يجب عليك أن تكون صلباً وجافاً منذ البداية» وهذا كله خطأ، فالمرأة لها قيمتها ومكانتها، والرجل له تقديره ودوره الكبير في استقرار أسرته.

نريدها توعية باقية لا نيأس منها بحجة المشاكل الزوجية، توعية تحت هدف واحد، وهو تحقيق الاستقرار الأسري والتلاحم المجتمعي.

رب كلمة واحدة ترد حيراناً عن حيرته، ترد أسرة بأكملها إلى مكانها الطبيعي، وما أعظم الأجر والخير.

رئيس قسم التوجيه والإصلاح الأسري في محاكم دبي