على الرغم من مرور أكثر من عام على انسحاب أندية الرمس والتعاون ومسافي من مسابقة دوري الدرجة الأولى لا يزال الغموض يحيط بموقف الأندية الثلاثة، التي أحدث قرار انسحابها في الموسم الماضي هزة حقيقية للمسابقة، وذلك لما تملكه من تاريخ وقواعد جماهيرية، حيث ظل اسم الأندية الثلاثة يتردد دائماً خلال الدوري، فضلاً عن الأداء القوي، الذي قدموه أثناء مباريات الدوري وإثرائهم للمسابقة بتحقيق نتائج لافتة، مما صنع لكل نادٍ اسماً لا يمكن تجاوزه في خريطة مسابقات دوري الهواة على مر السنوات.
وتباينت آراء المحللين والإداريين والمدربين في هذا الشأن، بل حذر بعض منهم من تحول دور هذه الأندية إلى جوانب أخرى غير رياضية بأن يصبح بعض منها مراكز خدمات بعيدة عن الرياضة، وذلك بعد إلغاء منشط الفريق الأول لكرة القدم من المسابقة، والذي يعد العمود الفقري لأي نادٍ، وتباينت ردود الأفعال ما بين مؤيد للقرار ورافض له، فالرافضون كانوا يأملون استمرار الفريق الأول، ويحلمون بصعوده لدوري المحترفين، بينما يرى المؤيدون أنه قرار صحيح في ظل الإمكانات المحدودة لهذه الأندية، التي لا تتيح لفرقها منافسة الفرق صاحبة الإمكانات الجيدة فتصبح المشاركة من أجل المشاركة والوجود في دوري الأولى ومنافسات الهواة دون وجود إمكانية للوصول إلى دوري المحترفين أو تحقيق مراكز جيدة، وأن إدارات الأندية المعنية فضلت الانسحاب لأسباب رأت أنها منطقية، وأفصحت عنها في حينها سواء كانت مقنعة لجمهورها أو غير مقنعة.
دفاع وتبرير
ودافع عبدالعزيز منقوش، نائب رئيس مجلس إدارة نادي التعاون عن قرار إلغاء الفريق الأول للكرة بالنادي، مشيراً إلى أن الإمكانات متى ما توافرت للنادي فحتماً سيعود، لكنه لم يقطع زمناً محدداً بذلك، مشيراً إلى أن قرار الانسحاب الذي اتخذته إدارة النادي في العام الماضي عاد بالفائدة على فرق المراحل السنية ومدرسة الكرة بالأندية والألعاب الأخرى الفردية والجماعية، إلى جانب زيادة الاهتمام والتركيز على الصغار، ونوه بأن فريق كرة القدم يستأثر بالجزء الأكبر من ميزانية الأندية والإلغاء سيوفر مبالغ من شأنها أن تساعد على تطوير الألعاب الأخرى وفرق المراحل السنية، والى جانب الاهتمام والتركيز على الألعاب الأخرى والصغار فضلاً عن اتجاه بعض الأندية إلى إدخال ألعاب جديدة وزيادة عدد اللاعبين في الألعاب المختلفة.
وأشار منقوش إلى أن قرار الانسحاب من دوري الهواة جعل إدارة النادي تتجه إلى التفكير في الاستثمار من أجل تطوير ومستقبل النادي، ذاكراً أن الإدارة لديها حالياً خطة جيدة تستهدف توفير مداخيل إضافية للنادي تعينه على مقابلة منصرفاته، وأضاف: «سنعمل على الاستفادة من كل الخبرات المتاحة والقدرات المتوفرة في مجال الاستثمار للاستفادة المادية وتحقيق عائد مادي مناسب يشكل إضافة للنادي في المستقبل».
رئة ومتنفس
ويؤكد عبدالله الظنحاني، المدير التنفيذي السابق لنادي دبا أن الفريق الأول لكرة القدم يظل الرئة، التي تتنفس بها الأندية وهو أساس أي نادٍ، لافتاً إلى أن النادي يستمد وجوده الجماهيري من وجود الفريق الأول لكرة القدم، وأضاف: أعتقد أن أي اتجاه لإلغاء الفريق الأول في أي نادٍ يكون خصماً على إدارات الأندية، التي تتخذ قرار الانسحاب، وقال: أخشى أن ينعكس قرار الانسحاب على فرق المراحل السنية للنادي، والتي يتمنى كل شبل فيها اللعب في الفريق الأول للنادي، ومع هذا القرار فإن فرق الأشبال والناشئين سيكونون الأقرب لمغادرة النادي، والبحث عن آخر لمواصلة المسيرة.
وأبدى الظنحاني تخوفه من تراجع نسبة الحضور الجماهيري ومرتادي النادي وسط الأندية المنسحبة نسبة لافتقاد أهم منشط، وهو الفريق الأول لكرة القدم.
استبعاد وأعذار
بدوره، قال المدرب فهد بن عبود الدبل، المدرب السابق لمسافي إنه ربما يلتمس العذر لإدارات الأندية، التي قررت عدم مواصلة المشوار ضمن مسابقة دوري الدرجة الأولى، وذلك من واقع حال هذه الأندية، والتي تعتمد على الدعم المقدم من اتحاد الكرة، مشيراً إلى أنه يستبعد فكرة إغلاقها أو تحويلها لمراكز خدمات خصوصاً أنها لا تعتمد فقط على وجود الفريق الأول لكرة القدم، لكن النادي وكما هو معروف يضم فرقاً للناشئين والأشبال والمراحل السنية ومدارس الكرة، فضلاً عن وجود ألعاب فردية وجماعية أخرى تضم أعداداً كبيرة من المنتسبين لها، ولذلك فإن فكرة إغلاق النادي أو تحويله لمركز خدمات أخرى بعيدة عن الرياضة غير وارد الآن للأسباب التي ذكرت آنفاً.
تسويق ورعاية
من جانبه، أكد الكوتش محمد عبدالله التيمومي، مدرب المراحل السنية بفريق الفجيرة أن التراجع عن قرار الانسحاب ليس عيباً، وفي اعتقادي أن كرة الإمارات تتطور وتمضي للأمام بوجود كل فرقها في المسابقات، مما يثري ذلك التنافس، وينصب في مجمله لمصلحة الكرة الإماراتية، مشيراً إلى أن الانسحاب أتى في وقت ووضع معين، ومتى ما زالت الأسباب حتماً سيعود المنسحبون، داعياً إدارات الأندية إلى ضرورة البحث عن موارد أخرى وفتح قنوات تسويقية مع عدد من الشركات والمصانع لتبني رعاية الفريق الأول على أقل تقدير، كما دعا التيمومي أندية الهواة لأن تحذو حذو أندية دوري أدنوك للمحترفين بتوقيع عقود الرعاية، وحفظ حقوق الإعلان، وكل ما شأنه حفظ حقوق النادي.
ويرى الدولي محمد سرور، كابتن دبا الحصن السابق والمحلل الرياضي أن الفرق التي أعلنت انسحابها تملك قواعد جماهيرية كبيرة، وبالطبع فقد أثر غيابها عن المسابقة كثيراً في النواحي الفنية، وذلك من حيث القيمة الفنية لكل نادٍ، إلى جانب افتقاد البطولة للأداء القوي لهذه، فهي أندية تكاد تكون مكتملة من حيث النواحي الفنية، لكن قلة الدعم وانعدام الموارد أديا إلى اتخاذ إداراتها لمثل هذا القرار، والذي يراه البعض أنه غير مجدٍ، وفي اعتقادي أن إدارة أي نادٍ إذا لم تتوافر لها إمكانات تسيير الفريق الأول فلن تضحي بالزج به في معترك دوري الدرجة الأولى الطويل، والذي يحتاج إلى صرف مالي على الأجهزة الفنية والإدارية، وكذلك اللاعبين الأجانب والمواطنين وتوافر إمكانات طوال الموسم الكروي.
سلبيات وإيجابيات
من جانبه، قال علي خميس، المحلل الرياضي: هناك مسببات للانسحاب، والتي من بينها قلة الدعم وكذلك قلة الموارد وغياب التسويق، لافتاً إلى أن قرار الانسحاب له إيجابيات وسلبيات، ومن المكاسب التي قد تجنيها الأندية أن يجد ملف الاستثمار في بعض الأندية المنسحبة حظه من الاهتمام والدراسة، وقد تكون هناك مشاريع استثمارية جديدة في بعض الأندية تدعم خزائنها، وتدر مداخيل تسهم في الإنفاق والصرف على النادي، وفي حال تقرر عودة الفريق الأول ستساعد في أعباء الصرف عليه، وبالنظر إلى النصف المملوء من كوب الانسحاب فهناك مكاسب ستتحقق للأندية، وأتمنى الرجوع عن قرار الانسحاب في بعض الأندية للحفاظ على المكتسبات.
حزمة مساعدات
وكان اتحاد الإمارات لكرة القدم قد أطلق في وقت سابق حزمة مساعدات تصل قيمتها المالية إلى 17.5 مليون درهم، من ضمنها برنامج الامتياز الرياضي، لدعم أندية دوري الدرجة الأولى مالياً وفنياً وإدارياً ولوجستياً، فضلاً عن إعفاء جميع أندية «الهواة» من الغرامات المتراكمة عليها من المواسم الماضية، التي تبلغ 5 ملايين درهم، وخصص اتحاد كرة القدم برئاسة الشيخ حمدان بن مبارك آل نهيان، مبلغاً مالياً لبرنامج الامتياز الرياضي تصل قيمته الإجمالية إلى 12.5 مليون درهم، سيتم توزيعها على الأندية سنوياً، بدءاً من الموسم الرياضي الجاري 2024 - 2025، ويضم البرنامج ثلاثة بنود رئيسة، أولها الترتيب النهائي للأندية في دوري الدرجة الأولى، حيث سيتم توزيع مكافآت مالية على جميع الأندية المشاركة بنسب مختلفة، حسب جدول الترتيب من المركز الأول حتى الأخير.
ويشمل البند الثاني دعم الكوادر الفنية الوطنية العاملة في قطاع المراحل السنية، حيث سيتم تقديم دعم مالي لثلاثة مدربين مواطنين لكل نادٍ، وفقاً لشروط محددة، وهي أن يكون لدى المدرب الوطني عقد عمل مع النادي ويكون مسجلاً لدى اتحاد الكرة، وأن يملك الشهادات التدريبية المعتمدة (Pro-A-B)، وأن يكون مشاركاً في جميع المباريات شهرياً.
أما البند الثالث فيتعلق بالمسؤول الطبي، حيث سيتم دعم الأندية بمبلغ شهري، لتعيين مسؤول طبي بعقد دائم طبقاً للتصنيفات المعتمدة من وزارة الصحة ودائرة الصحة في أبوظبي وهيئة الصحة بدبي وهيئة الشارقة الصحية، ووفقاً لشروط محددة، وهي أن يكون للمسؤول الطبي عقد عمل مع النادي مسجل لدى اتحاد الكرة، وأن يكون طبيباً عاماً أو اختصاصياً في (الطب الرياضي، العظام، الطب الباطني، طب الطوارئ، أمراض القلب، الجراحة العامة، الرعاية الحرجة، طب الأسرة، الصحة العامة).
تواريخ
وتشير «البيان» إلى وجود سبعة أندية انسحبت تباعاً في الموسمين 2014 و2015 وهي: الرمس ومصفوت والجزيرة الحمراء والعربي والتعاون، ومسافي ورأس الخيمة، لأسباب مالية، قبل أن تعود أربعة منها للمشاركة في موسم 2015، بعد أن قرر اتحاد الكرة منح الأندية دعماً مالياً يبلغ 200 ألف درهم شهرياً، واستفادت منه أندية العربي ومصفوت ومسافي والتعاون، بينما لم يشمل ناديي الرمس والجزيرة الحمراء، لكونهما عادا في الموسم 2021، بينما لا يزال رأس الخيمة لا يشارك في البطولة.